الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الضيق والمشاكل المادية هل هي بسبب المعاصي التي اقترفناها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي سؤال وأرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا.

أنا شاب في منتصف العشرينيات، متزوج، لدي طفل بعمر عام تقريبًا، ولكن أثناء فترة خطوبتي من زوجتي الحالية والتي امتدت لما يقرب من عام ونصف، حدثت للأسف تجاوزات في العلاقة بيننا، كالتقبيل والعناق وما إلى ذلك، ولكنها لم تصل إلى ما يفعله الأزواج، واستمرت هذه التجاوزات مدة فترة الخطوبة، وفي كل مرة يحدث ذلك كنت أندم أنا وهي على ما فعلنا ونستغفر الله، ونتعاهد على عدم العودة لذلك مرة أخرى، ولكن للأسف، في كل مرة كنا ننهزم أمام نفوسنا الأمارة بالسوء والشيطان، ونعاود فعل تلك الأمور المخجلة.

هي الآن زوجتي منذ ما يقرب من عامين، وقد رزقنا الله بطفل، كما أننا نحب بعضنا بعضًا، ولكني منذ الزواج وحتى الآن أمر بظروف مادية ومعيشية في غاية الشدة والصعوبة، وهذه الظروف تؤثر بشدة في نفسيتي ونفسية زوجتي، والحمد لله على كل شيء، علماً بأني عندما أتذكر هذه التجاوزات أستغفر الله وأتوب إليه.

كما أنني -والحمد لله- قد من الله علي وجعلني من المحافظين على الصلوات في مواقيتها، وكذلك النوافل وركعتين قيام ليل يوميًا، وكذلك أكرمني ووفقني للقيام بورد يومي من الاستغفار والتسبيح والصلاة على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأيضًا قراءة ما تيسر من القرآن الكريم حتى أثناء فترة الخطوبة وما كان يحدث فيها من تجاوزات، ولكن زوجتي غير منتظمة في الصلاة، فهي -للأسف- قد تصلي يومًا وتنقطع يومين رغم محاولاتي ومحاولتها هي شخصيًا للانتظام في الصلاة.

أعتذر للإطالة، ولكني فقط أردت أن أشرح مشكلتي شرحًا وافيًا واضحًا، وسؤالي هو: كنت قرأت أثناء تصفح الإنترنت أن ما أعانيه الآن من ضيق ومشاكل مادية مع زوجتي هو بسبب التجاوزات التي اقترفناها معًا أثناء فترة الخطوبة، فهل هذا صحيح أم لا؟ أرجو الرد والإفادة؛ فأنا في حيرة من أمري.

في النهاية نسألكم صالح دعائكم بظهر الغيب، وجزاكم الله كل خير، ووفقكم لما يحب ويرضى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيهَا الأخ الحبيب– في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يفتح لك أبواب الخير، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه، ويُغنيك بفضله عمَّن سواه.

نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك شعورك بحاجتك إلى التوبة والاستغفار مما سبق من ذنوبك وسيئاتك، وهذا الشعور مبدأ الخير ومفتاحه -إن شاء الله تعالى– وخير ما نوصيك به: المسارعة إلى التوبة، والإكثار من الاستغفار، والتوبة تعني أن تندم على ما فات من معصية، وألا ترجع إليها في المستقبل، مع ترك الذنب.

هذا الذي وصفته من حالك من أنك نادم على ما كان توبة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم– يقول: (الندم توبة)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فأحسِن ثقتك بربك، وحسِّن ظنك به، فإنه سبحانه يقول في الحديث القدسي: (أنا عند ظنّ عبدي بي).

خذ بأسباب الرزق المشروعة، وتوكل على الله، فإن التوكل على الله تعالى من أعظم أسباب الرزق، كما قال سبحانه وتعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}.

نوصيك –أيهَا الحبيب– بالاستمرار والدوام على ما أنت فيه من الخير، من المحافظة على الفرائض، واجتناب ما حرم الله تعالى، كما نوصيك بالسعي الجاد في إصلاح زوجتك، وتذكيرها بعواقب ترك الصلاة، فإن من ترك فريضة واحدة حتى يخرج وقتها لقي الله تعالى وهو عليه غضبان، فأكثر من نصحها، وحاول أن تُسمعها المواعظ التي تُذكرها بالجنة والنار، والوقوف بين يدي الله، وادعُ الله تعالى أن يهديها ويُصلح شأنها.

ما قرأته من كون التضيق في الرزق قد يكون بسبب الذنوب والآثام فكلامٌ صحيح؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم– يقول: (وإن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه) ولكن كما قدَّمنا: التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له –كما سمعتَ وكما رأيت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم-.

لا ينبغي أن تهتمَّ كثيرًا بما مضى وما سلف من ذنوبك ما دمت قد أحسنت التوبة، ولكن اجعل من تذكر هذه الذنوب دافعًا لك إلى إحسان العمل والزيادة من الخيرات، فهذا النوع من التذكُّر حسنٌ جميلٌ.

أما تذكر الذنب الذي يُقيِّدُ صاحبه عن العمل الصالح، ويُدخل اليأس إلى قلبه، ويُقنطه من رحمة الله، فهذا تذكُّر مذموم لا يُطالب الإنسان به، بل ينبغي أن يُعرض عنه.

حسِّن ظنك بالله، واعلم أنه سبحانه وتعالى غافر الذنب، وأنه لا يتعاظمه شيء، وأنه يفرح بتوبة التائبين، ويُبدِّل سيئاتهم حسنات، واعلم يقينًا أن تقدير الله تعالى وحكمته في جريان أقداره على العباد، اعلم أن ذلك بمقتضى الحكمة والرحمة، فلا يُقدِّر لك إلا ما هو خير لك، وقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يفتح عليك من أبواب الخير ما لا تعلمه، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً