الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصدقائي لا يريدونني وأشعر أني لست مهمًا لهم ولا يكترثون بحديثي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الطبيب الفاضل: زادك الله علماً وشرفاً.

أنا بعمر 21 سنة، وحالتي التي أعاني منها هي: أني أشعر -وأكاد أجزم- أن بعضًا من أصدقائي لا يريدونني، أو بالأصح لست مهمًا لهم كاهتمام بعضهم ببعض، رغم أنني لست مقصرًا معهم وأحبهم، وفي بعض الأحيان عندما أكون معهم، وأرى منهم تفاعلًا معي؛ أحبهم حبًّا شديداً. بينما كثير من الأوقات لما أكون معهم، وأرى منهم تجاهلاً؛ يضيق صدري كثيراً.

الأدهى من ذلك أنهم يقولون لي: ما لك لا تتحدث؟ فتزداد ضيقتي ضيقة، فهم لا يكترثون بحديثي، ولا يتحدثون إلا مع بعضهم البعض، فأشعر أنني حساس كثيراً، رغم أني أجزم أن صدري لا يضيق منهم ولا أغضب إلا بسبب مقنع، وأعزم -أحياناً- على مفارقتهم، ولكني لا أريد أن أعاملهم بالمثل، ولو قررت أن أتركهم فلن يضيرني ذلك شيئاً.

علماً بأن لدي عصبية نوعًا ما شديدة، ولست اجتماعياً كثيراً مع أهلي خاصة، وقد كتمت في صدري كثيراً من أخطائهم تجاهي؛ مما زادني تعباً، حتى أتتني حالة غريبة، ولا أدري هي بسببهم أم لا؟ وهي: ضيق في النفس، وخفقان في القلب، وإحساس بالإغماء، واستمر معي تقريباً أسبوعين.

الآن فقط يأتيني ضيق في النفس خفيف، مع تخيلات بالصرع أزعجتني، فأنا مصاب بمرض الصرع والحمد لله، وأستعمل (تجراتول) 200 مليجرام صباحاً ومساءً، ولدي ربو مزمن.

ما رأيكم؟ وماذا ترشدوني إليه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك -أخي الكريم- وأسأل الله لك العافية، وأقول لك: قطعًا الناس تختلف في طباعها، وتختلف في مقاصدها، لكن نحن دائمًا كمسلمين نُحسن الظن في الآخرين، هذا مهم جدًّا أيها الفاضل الكريم.

أنا لا أريدك أن تلجأ إلى التعميم وتقول: إن أصدقائي كلهم لديهم مشاعر سلبية نحوي؛ لأن التعميم خطير جدًّا، يجعلك في موقف تكون فيه دائمًا متشككًا، ويأتيك الارتياب، وهذا أمر ليس جيدًا. حاول -أيها الفاضل الكريم- ألا تفسِّر المواقف تفسيرًا خاطئًا، المواقف التي تصدر من بعض أصدقائك، لا تلجأ دائمًا لسوء التأويل، الأمر يمكن أن يُحمل على طرق كثيرة، ويُعطى تفسيرات مختلفة.

حاول دائمًا أن تُحسن الظن من خلال حسن التفسير لهذه المواقف، وثانيًا: كما ذكرت لك التعميم مشكلة كبيرة جدًّا، لا يمكن أن يكونوا جميعًا متجاهلين لك، لا توجد مؤامرة أبدًا، هذا يجب أن تفككه كفكرٍ أراه سلبيًّا.

كن أنت من جانبك ودودًا، كن صديقًا حقيقيًا، والصداقة نفسها درجات وتختلف من إنسان إلى آخر، فلا تعمم، هذا هو الأمر الضروري والضروري جدًّا، وأسأل الله تعالى أن يوفقك مع أصدقائك، وتخيُّرك للصالحين من الشباب؛ يجعلك أكثر طمأنينة أيها الفاضل الكريم.

حاول أن تقبل الناس كما هم، هذا -أيضًا- مبدأ مهم جدًّا، اقبلهم كما هم لا كما تريد، فالناس تختلف في طباعها، وكن كيّسًا فَطنًا، تعامل مع الناس بنفس منهجهم وأسلوبهم، مع الحرص على الإيثار، وأن تكون متسامحًا، هذا مهم جدًّا.

بما أنك تعاني من مرض الصرع، والذي أسأل الله تعالى أن يعافيك ويشفيك منه: ربما تكون لديك قابلية لتقلبات المزاج وللقلق، وهذا معروف جدًّا، حوالي ستين بالمائة من الذين يعانون من مرض الصرع -خاصة إذا كان هذا المرض منشؤه الفص الصدغي، وهي منطقة معينة في الدماغ- هنا نجد بعضهم يعاني من القلق والتوترات، تقلبات المزاج، المخاوف، والوساوس من وقتٍ لآخر، لا تكون شديدة غالبًا، لكن تكون موجودة. هذا أيضًا ربما ساهم في مشاعرك السلبية هذه.

الدواء الذي تتناوله دواء ممتاز وفاعل جدًّا، لكن ربما تحتاج أن ترفع الجرعة، لا أريدك أن ترفعها إلا بعد أن ترجع إلى طبيبك، وإذا قال لك الطبيب أنت لست محتاجًا لأن ترفع الجرعة فأعتقد أنك يمكن أن تُضيف عقارًا آخر، وهو (دوجماتيل/سلبرايد) هذا دواء ممتاز، يساعدك في القضاء على المشاعر السلبية حيال أصدقائك، وأنت -يا أخي- تعرضتَ لنوبة قلق حادة واضحة، هذا ضيق في التنفس والتخيلات وعدم الارتياح وسرعة خفقان القلب والإحساس بالإغماء، هذا كله واضح أنه ناتج من القلق، لذا أرى أن الدوجماتيل بالفعل ضروري بالنسبة لك، وهو دواء رائع جدًّا، ولا يتعارض مع عقار (تجراتول).

جرعة الدوجماتيل هي خمسون مليجرامًا (كبسولة واحدة) تناولها في المساء لمدة أسبوع، ثم اجعلها كبسولة صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم كبسولة مساءً لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله.

أيها الفاضل الكريم: أرجو أن تعيش حياتك عادية، كن إنسانًا مثابرًا، وزِّع وقتك بصورة جيدة، اجتهد في دراستك، واحرص في تناول عقار تجراتول، وتابع مع طبيبك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً