الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف على ديني من أصدقاء فاسدين.

السؤال

السلام عليكم..

أنا في الغربة، وخائف على ديني بسبب مجموعة أصدقاء فاسدة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عصام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يجعلك علامة متميزة تجذب إليك غير المسلمين بسلوكك الإسلامي المتميز الرائع، كما نسأله تعالى أن يمُنَّ عليك بصحبة صالحة تكون عونًا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإنه مما لا شك فيه أن الصحبة لها تأثيرها البالغ والقوي والشديد على نفس الإنسان، ولذلك نجد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا بقوله: (لا تُصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي) بل إن الله تبارك وتعالى أخبرنا بقوله: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعضٍ عدوٌ إلا المتقين} والنبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا بقوله: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالل).

فالصحبة لها أثرها البالغ في كل شيء، حتى في العقيدة، والأخلاق، والمعاملات، والنوم، والحركة، والطعام والشراب، وعليه فإذا كانت الصحبة التي تعيش معها صحبة فاسدة؛ فيجب عليك أن تفرَّ منها فرار المجذوم، وأن تفرَّ منها فرار الفريسة من الأسد، وأن لا تصحبها مطلقًا، لأنه كما قال الشاعر:
واحذر مصاحبة اللئيم فإنه يُعدي *** كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ

قطعًا ستؤثر فيك هذه الصحبة ولا بد، ستُضعف دينك، وتُفسد أخلاقك، وتُباعد بينك وبين ربك، وتشوه صورتك في المجتمع، وتجعلك أمام الناس إنسانًا هزيلاً ضعيفًا خانعًا، لأن الناس سيعرفون أنك ضعيف الشخصية، وأن هؤلاء استطاعوا أن يؤثروا عليك، وإذا سألتني: من أنت؟ أقول لك: مَن تُصاحب ومَن تُخالل؟

ولذلك ابحث عن صحبة طيبة –أخِي الكريم– وإذا لم تجد أحدًا تستطيع أن تصحبه؛ فمن الممكن أن تتوجه إلى أحد المراكز الإسلامية في المنطقة التي تُقيم بها، وأن تربط نفسك بالصالحين من أهل المسجد، وأنا أعلم أن هناك بيئة طيبة في بعض الولايات، فمن الممكن أن تبحث عن المدينة -أو في المدينة التي أنت بها– عن إخوان طيبين لتعيش معهم، واترك هذه الصحبة الفاسدة بكل ما أوتيت من قوة؛ لأنهم قطعًا سيؤثرون فيك ولا بد، وكما ذكرت في قول الشاعر: فإنه يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ.

فأنت ترى أن صندوق الفاكهة إذا كان فيه حبَّة فاسدة فإنها تُفسد الباقي، رغم أن الأصل أن الباقي كله صحيح، إلا أنه جرتْ سنة الله تعالى أن الفاسد يؤثر في الصالح، والصالح يؤثر في الفاسد ولكن بمجهود ومشقة عظيمة جدًّا، فما دام هؤلاء بهذه الصفة فأنا أنصح ضرورة أن تتركهم، وأن تتخلى عنهم، وإذا كانوا مقربين منك أو من أهل بلدك فلا تحتكَّ بهم إلا قليلاً، وحاول أن تقضي معظم وقتك مع إخوة صالحين، مع أهل بيوت الله تعالى، مع أصحاب الفكر الإسلامي المعتدل والمنهج الرشيد القويم؛ حتى تستطيع أن تحافظ على دينك ودنياك، لأنه مما لا شك فيه أن الصحبة تلعب دورًا مهمًّا جدًّا حقيقة في سلوك الإنسان، وكم من أخٍ كان من صالح المؤمنين تعرف على شلَّة فاسدة؛ فأصبح من كبار المجرمين، وكم من إنسانٍ عاصٍ أيضًا هداه الله تبارك وتعالى بسبب البيئة الطيبة التي أكرمه الله بها.

لذا أنصحك بالبحث عن صحبة صالحة، حتى وإن تركت المدينة التي أنت فيها وذهبت إلى ولاية أو مدينة أخرى، أعتقد أن ذلك لا حرج فيه؛ لأن دينك وأخلاقك أهم من المؤهل الذي سوف تحصل عليه أو الشهادة التي سوف تحصل عليها.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً