الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حب أمي وخوفها الشديد من تغيري عليها بعد الزواج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عاماً، ملتزمة، وأعمل طبيبة ولكن في مدينة بعيدة عن أسرتي، والدي ووالدتي منفصلان، أفنت أمي عمرها من أجل تربيتي، وأبي لا يهتم لأمري كثيراً.

مشكلتي الأولى:

منذ ثمانية أعوام، وبعد الاستقلال في حياتي وسكني حينما ذهبت للدراسة، اعتدت على أن أدير أمور حياتي جميعها بمفردي، واتخاذ قراراتي وتنظيم حياتي كما أشاء، فأصبحت أنزعج كثيراً حينما يتدخل أي شخص في حياتي، وإن كان هذا الشخص هو أمي، فزيارة أمي لي أو العكس تجعلني منزعجة دائماً، فأقضي الإجازة معها بصعوبة بالغة، حيث إن أمي امرأة قوية، وشديدة الملاحظة، تعليقاتها كثيرة، فهي تلاحظ كل شيء، وتعلق عليه، وأنا أنزعج ولكنني أحاول إخفاء انزعاجي قدر المستطاع، إحساسي الدائم بالانزعاج من أمي يشعرني بالذنب، فأمي لا تستحق مني هذه المشاعر، أرشدوني ماذا أفعل؟ وهل أنا مذنبة بشعوري هذا؟

مشكلتي الثانية:

تقدم زميلي في العمل لخطبتي، ووافقت على الخطبة، فأنا أحبه ولكنني لا أتخذ معه حدود الشرع، مشكلتي إنني وحيدة أمي، وتشعر أمي بالخوف من قرار زواجي؛ لأنني ابنتها الوحيدة، فهي تخاف أن أنساها بعد الزواج، لذلك فهي تعلق على كل أحاديثه، وتأخذ كل ما يقول على محمل الجد حتى الدعابة، وتبدأ بالتأويل والتحليل كما تريد، وتنوي أمي أن تطلب من الخاطب طلبات كثيرة العرس، المهر...الخ.

المشكلة أن خطيبي ليس باستطاعته دفع كل هذه التكاليف، فلديه التزامات كثيرة مثل منزلنا الذي سنعيش به وغيرها، إضافة إلى أنه يصرف على والديه، ولا أملك القدرة على مصارحة أمي بذلك، فأمي حساسة جداً، وأخشى أن تفهم ما أعني بشكل خاطئ، ماذا يجب أن أفعل، علماً أن خطيبي شخص ناجح ومتألق في عمله، وأنا أريده زوجاً لي، فماذا أفعل؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ layla حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحباً بك ابنتنا الطبيبة المتميزة، ونحيي فيك إحساسك المرهف تجاه الوالدة، ومشاعرك النبيلة تجاه شريك المستقبل، ونشكر حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال.

لا شك أن حق الوالدة عظيم، والصبر عليها ثوابه عند الله كثير، ونسأل الله أن يعيننا جميعا على البر، وأن يسامح التقصير، ونحن نطمئنك أن ما يحصل في نفسك من ضيق مكتوم لا تحاسبي عليه، فاجتهدي في عدم إظهار كل ما يدل على عدم الارتياح، واعلمي أن البر عبادة نتعامل فيها مع الكريم الفتاح، فاستعيني به، واطلبي عونه والنجاح، وعودي نفسك حسن الاستماع للوالدة، وافعلي ما يرضى الله ثم ما فيه مصلحه لك، ولا تجادلي، ولا تقاطعي، ولا تتأففي، وتذكري أنها تريد بكل ما تقوله وتفعله المصلحة والخير، لكنها قد تخطئ الطريق الذى يوصل إلى الخيرة، ولكن العبرة بنيتها وقصدها لا بعملها.

أما بالنسبة لطلباتها من خاطبك، فنقترح أن تتفاهمي معه حتى يتوقع تلك الطلبات، وإذا استطعت أن تعاونيه في بعضها دون علم الوالدة فافعلي، وهذا يحدث كثيراً، وهو تعبير رائع على المشاركة، ويتحقق به إرضاء الوالدة، ولا أظن بأن هناك إشكال، وإذا كانت الطلبات مقدور عليها فهو بلا شك لن يقصر، ومن يطلب الحسناء لم يغلها المهر، ونتمنى أن يتفهم الوضع، وتذكري أن ما بينك وبينه أكبر من الأموال، ونتوقع من أمثاله تفهم مثل هذه الأمور، وأرجو أن تزيدي من برك للوالدة بعد الزواج؛ حتى لا تشعر أنها فقدتك، وحتى تفوتي الفرصة على شياطين الأنس والجن.

وهذه وصيتنا لك، بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والصبر، ونسأل الله أن يقدر لكما الخير، وأن يجمع بينكما على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد.

سعدنا بتواصلك، وأفرحنا ما وهبك الله من النضج، ونتمنى أن يدوم تواصلك مع موقعك، ونتشرف بإشراكنا في قراراتك، ونسأل الله أن يصلح حالنا وحالك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً