الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاحتفاظ بالأشياء غير المهمة...عادة أعاني منها

السؤال

السلام عليكم

أرجو منكم أن تتفضلوا وتساعدوني في تشخيص حالتي التي أشعر أنها غريبة، ولم أعد أستطع تحديد الحالة من خلال القراءة من مختلف المواقع.

أشعر أني أريد استخدام أغلب الأشياء غير المهمة، ولا أرميها، مثل ورقة أو إعلان أو شنطة، وبدون فائدة محددة، لكن عقلي يقول: إنه ربما أحتاجها في وقت أو في أي شيء أفعله ولا أجدها, غرفتي ممتلئة بأشياء كثيرة غير مهمة، ربما منذ زمن الطفولة وتأخذ أماكن كبيرة، لكن كلما أتيت لأرميها أتراجع عن ذلك، حتى إني توقفت عن تنظيف الغرفة وترتيبها منذ زمن، لأني أعرف أنها ممتلئة بالأشياء التافهة التي ستقف عائقاً أمامي، وسأتشتت فكريا، وفي النهاية أضع كل شيء في مكانه بدون أي تغيير، والغرفة أصبحت بترتيب ثابت!

أحيانا أهتم جداً بأشياء غير مهمة كثيراً، عندما تثير إعجابي لأول مرة، فمثلاً إذا سمعت أغنية قديمة وأعجبتني أضيع وقتا طويلا في البحث عن تاريخها واسمها ومؤلفها، وتاريخ حياته، وكل شيء عنها، وأسجل هذه المعلومات بأهمية شديدة، ودقة بالغة.

علماً بأني أعلم أنها غير مهمة أبدا وسأتركها، وأشعر بملل من ذلك، وبالفعل بعد مدة أتركها وتصبح عادية، وأنسى كل ما جمعته عنها، والوقت الضائع بلا هدف، وأهتم بشيء تافه غيرها، وهذا بعكس الأشياء المهمة التي يجب أن أفعلها أتركها، وأشعر بصعوبة شديدة في تنفيذها!

ربما أحاول جمع أشياء كثيرة مهمة، أو غير مهمة، وبدون فائدة، وأحتفظ بها، وأنساها وأهملها بعد فترة، لكني أظل محتفظا بها.

إذا صادفني موضوع جديد أو فرصة مفتوحة للسؤال أو شيء لا أفهمه أظل أطرح الأسئلة بكثرة، سواء مفيدة أو غير مفيدة، لكني أسأل ولا أريد أن أضيع الفرصة وأريد معرفة كل شيء بلا هدف، وربما أنسى كل أو بعض الأشياء بعد فترة قصيرة أو بعد إجابة سؤال مباشرة، وأحيانا أقوم بتكرار أساليب مختلفة لنفس السؤال بغير قصد، وهذا يحدث غالبا في أمور غير مهمة أيضا!

صرت شديد التردد ولا أثق في نفسي، فما هذه الحالة؟ علما أني كنت مصابا بوسواس قهري، حيث أتأكد من الأفعال مرات كثيرة, واستخدمت دواء فيلوزاك وليس فلوزاك بدون طبيب لمدة 3 شهور منذ سنة تقريبا, وفعلا توقفت حالة التأكد عدة مرات من الأشياء، لكني أثناء الدواء وبعده وربما حتى الآن أشعر بالكسل والنسيان، ولا أشبع، وازداد وزني بعدما كنت تمرنت كثيرا وفقدته.

لا أعرف، هل تحولت حالة الوسواس إلى حالة وسواس قهري مصحوب بضعف البصيرة كما قرأت؟ وكيف أعالج نفسي من آثار الفيلوزاك من نسيان وعدم شبع وكسل، وربما لا مبالاة, حيث أن هذه الأعراض مثل زيادة وزني سببت لي حالة نفسية سيئة جديدة، حتى الآن بعدما كنت تخلصت من وزني أخيراً، كما أني مصاب بالتثدي.

علما أن هناك فارق سعر كبير بين الفيلوزاك الذي أخذته، وبين الفلوزاك الأصلي، لكن نفس المادة الفعالة والكمية ربما فارق السعر 4:5 أضعاف!

شكراً جزيلاً لكم، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فرسالتك طيبة -أخِي الكريم- وقد أوضحت فيها ما تعاني منه، والجانب الذي تحدثت عنه في بداية الرسالة وهو حبك واندفاعك نحو استخدام أغلب الأشياء غير المهمة، وتكديسها وتجميعها، هذا نوع من الوسواس القهري يُعرف بوسواس التكديس، وهو بالفعل نوع قبيح من الوساوس، وهو امتداد لما تعاني منه أصلاً من وسواس قهري.

أنا أنصحك – أيها الفاضل الكريم – أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي، لأن وساوس التكديس هذه تحتاج لجلسات نفسية سلوكية، وذلك من أجل تطبيق برنامج ما يُعرف بالتعرض أو التعريض مع منع الاستجابة، هذا أفضل طريقة لعلاج هذه الوساوس، يُضاف إليها العلاج الدوائي.

عقار فلوزاك جيد جدًّا، ولا تُكلف نفسك فيما يخص الحصول على الدواء الأصلي، فعالية الدواء التجاري لا تقل عن ثمانين أو تسعين بالمائة من فعالية الدواء الأصلي، وقطعًا تحتاج لجرعة أكبر لا تقل عن ستين مليجرامًا في اليوم، وربما تحتاج لتدعيم دوائي بأن تستعمل عقارا يعرف تجارياً باسم (رزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علمياً باسم (رزبريادون Risperidone) بجرعة واحدة مليجرام، وهذا لن يؤثر على موضوع التثدي.

أخِي الكريم: التشخيص واضح جدًّا، لا توجد أي اختلافات في وجهات النظر، هذا وسواس قهري، وعلاجه واضح جدًّا، تطبيق الجانب السلوكي مع الجانب الدوائي، إن شاء الله تعالى، وهذا يعطي قطعًا نتائج رائعة جدًّا.

أرجو أن تهمل فكرة أنك مُصاب بوسواس قهري مع افتقاد البصيرة، فهذا نعم تشخيص أصبح الآن متداولا، لكن لا أريدك أبدًا أن تعتقد أنك من هذه المجموعة.

وساوسك هي وساوس مباشرة، وإن شاء الله تعالى أنت تؤمن بسخافتها، وقناعاتك بها سوف تتبدل تمامًا حين تقابل المعالج، وتخضع للجلسات السلوكية زائد العلاج الدوائي، والذي يجب أن تلتزم به التزامًا قاطعًا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً