الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أفكار وسواسية بأنني حسودة، فكيف الخلاص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا فتاة غير متزوجة، أعاني من وسواس بأنني أحسد الناس، وذلك بسبب موقف قديم حدث لي منذ أربع سنوات، حيث إنني حسدت إنسانة بدون قصد، ولكنني توضأت بعدها وأعطيتها من وضوئي وشفيت -ولله الحمد-، ولكن بقي في رأسي الوسواس بأنني أحسد كل شيء أراه، أو حتى أفكر فيه، فتغير منظور الأشياء عندي، وأصبحت أتخيل أن الناس سوف يموتون، أو يتعبون إذا نظرت إليهم، أو فكرت فيهم، وما زالت الأفكار مستمرة عندي وللأسوأ.

رغم أنني أذكر الله وأقول الأدعية المأثورة عندما أرى أي شيء، وأستغفر الله كثيراً عندما يأتيني هذا الوسواس، ولكنني أربط كل شيء بالعين.

أعلم أن هذا من التشاؤم والوسوسة، ولكن كيف الخلاص من ذلك؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:


أشكرك على هذه الرسالة الطيبة، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

يا -أيتها الفاضلة الكريمة-: أنت حين أحسست أن زميلتك قد أصابتها عين من جانبك قمت بالواجب المطلوب، وجزاك الله خيرًا على ذلك، وأنا أعتقد أن نفسك الطيبة، ونفسك الأمينة، ونفسك اللوامة، سيطرت عليك تمامًا مما جعلتك تقومين بما قمت به، هذا اعتراف جميل، وليس هنالك ما يدعو بعد ذلك للانسياق نحو التفكير الذي وصفته وبشرحٍ واضحٍ وجلي.

أيتها الفاضلة الكريمة: كل الذي ينتابك الآن هو وسواس، مخاوف، لديك أفكار وسواسية افتراضية تشاؤمية، والفكر الوسواسي من هذا النوع -خاصة حين يكون حيال أمرٍ من أمور الغيب- يُسيطر على الإنسان ما نسميه بالقلق الافتراضي أو القلق الاستباقي.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: اطمئني، حقّري هذه الأفكار، أنت فاضلة، أنت لست بشِرِّيرة، أنت -إن شاء الله تعالى- ملتزمة بدينك، في تعاملك مع الناس، وسل -الله تعالى- أن يُطهِّر لسانك من الكذب، وعينك من الخيانة، وقلبك من النفاق والحسد، وأريدك بالفعل أن تُحقّري هذه الأفكار، لأن هذه هي الوسيلة العلاجية الصحيحة، وفي ذات الوقت، وبما أن وساوسك وساوس فكرية مستحوذة وحسَّاسة فسوف تستفيدين كثيرًا من تناول أحد الأدوية المضادة للوساوس القلقية، إن استطعت أن تذهبي إلى طبيب فهذا أمر جيد، وهو الإجراء الصحيح، وإن لم تستطيعي الذهاب إلى طبيب؛ فأعتقد أن تناول عقار مثل: (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) -بعد موافقة أهلك- سيُريحك كثيرًا، وهو غير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، وأنت لا تحتاجين لتناوله لفترة طويلة.

أيتها الفاضلة الكريمة: تناولي الدواء بجرعة نصف حبة -أي خمسة وعشرين مليجرامًا-، واستمري عليها يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة كاملة -أي خمسين مليجرامًا- تناوليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقفي تمامًا عن تناول الدواء.

إذًاً الحالة بسيطة وواضحة، وهي وسواسية، وأعتقد أن شخصيتك الحساسة واللطيفة والمحترمة تسلطت عليك سلبيًا بعض الشيء، فاجتهدي في دراستك، وأكثري من أعمال البر والخير، خاصة بر الوالدين، ورتّبي نومك، النوم الليلي المبكر ممتاز جدًّا، ممارسة أي شيء من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، وكذلك تمارين الاسترخاء تُقلل كثيرًا من وطأة هذا الوسواس القلقي.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً