الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي يتظاهر بالجنون حتى لا يدفع عني الرسوم الجامعية.. فكيف أتصرف معه؟

السؤال

السلام عليكم.

كانت آخر استشارة لي، هي استشارة نفسية عن والدي، ورقم الاستشارة: (2238192)، والوضع أصبح أسوأ بكثير، فوالدي اتخذ وضعية الاستضعاف والجنون حلاًّ له، وسنعرف لماذا أقول ذلك؟

والدي بعد تقاعده أصبح كارهاً العمل والحياة منذ أن دخلتُ الجامعة الخاصة، كما وضّحت في الاستشارة السابقة، وهو لا يريد العمل، ولا يتركني أذاكر، ويريد مني الرسوب؛ حتى أقتنع بالتحويل لأي كلية أخرى مقابل ألا يعمل دائماً، وأنا أذاكر يمثّل أنه يشنق نفسه، ويمسك السكاكين! ويكرر كلامًا بلا معنى عدة مرات، حتى أصبح عنده بطء في فهم الآخرين.

دائماً يمثل أنه مجنون؛ حتى لا يجعلني أذاكر ولجأ بالفعل لعمتي المذكورة بالاستشارة السابقة، والتي هي (خرابة البيوت)، وطردتْه من منزلها، وكل إخوته أغلقوا هواتفهم في وجهه من شدة ملَلِهم منه.

أنا شخصياً عند ما يزداد ضجري منه، فإني أمسكه بطريقة شبيهة بالتكتيف، ووالدتي قد تضربه، وهي في حالة اللاوعي؛ من شدة الضجر من تعامله تجاهي، ثم ألقيه على الأرض، فيعود كما كان، ويكرر ما يفعله دون أيّ دفاع أو مقاومة.

حياتي أصبحت جحيمًا بسببه، وهو كان لا يهتم بي منذ الصغر، وكان يتمنى ألا أُخلق، وكان يضربني بشدة منذ الأشهر الأولى من ولادتي، حتى سن الثالثة، وكنت لا أعرف ذلك، لكني سمعت والدتي وهي تقول له، ولم تحكِ لي.

فكّرنا عدة مرات أن نأخذه إلى مصحة نفسية، لكنّ عمري 18 سنة فقط، وإخوته ممكن أن يرفضوا، وهم لا يشعرون بحجم المعاناة التي نعانيها، لدرجة أني أكتب هذه الاستشارة على برنامج الورد، وكل 3 دقائق أخفي البرنامج؛ حتى لا يراها؛ لأنه كل ثانية يذهب ويعود في كل أرجاء الشقة دون جلوس، ومن وقتها لم يصلِّ صلاة واحدة، وهو غير طاهر، ولا يغتسل.

أرجو أن يكون لديكم حل لهذه الحالة، وشكرًا لسعة صدركم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على الكتابة إلينا مجددًا، وعلى ما وصفتَ من وضع صعب جدًا على أي إنسان أن يتكيّف معه، ولا شك أن الذي يعاني، هم والدتك وأنت ووالدك أيضًا، فالحياة بهذا الشكل ليس فقط صعبة، وإنما مستحيلة.

لقد طلبتُ منك في جوابي السابق ضرورة أن تعرض والدك على طبيب نفسي، والآن أنت عرضت فكرة أخذه للمصحة النفسية، وما العيب في هذا؟! فمن الواضح أن والدك ليس في صحة نفسية طبيعية، ونتائج تأخير التشخيص والعلاج معاناة لكم جميعًا.

اسمح لي أن أقول أيضًا: تعرُّض والدك للامتهان أو سوء المعاملة من الضرب والتوبيخ والإيقاع به على الأرض؛ فكل هذا لا يجوز في حقه، ولا يحق لك أنت والوالدة فعل ذلك. ففي كثير من الأحيان عند ما يكبر الشخص، ويُصاب بمرض نفسي له تأثيرات سلوكية سلبية على الأسرة، فتأخير التشخيص والعلاج، قد يعرّض هذا الشخص المريض للضرب وسوء المعاملة؛ لأن الأسرة المسكينة، لا تعرف كيف تتصرّف أمام هذا الحال الصعب.

رجائي منك ألا تتأخر أكثر في أخذ والدك للطبيب النفسي أو المصحة النفسية؛ لأنهم سيقومون هناك بفحصه، ومِن ثَم التشخيص، وتحديد العلاج، وقد يبقونه عندهم في المصحة لبعض الوقت، حتى يصبح في حالة مقبولة تسمح له بالعيش الكريم في بيته وبين أسرته.

طالما أن زوجته وأنت ابنه على اتفاق في هذا، فالأمر لكما، وليس لإخوانه ولأخته التي طردته من بيتها، فأنتم الذين تعيشون معه، وأنتم المسؤولون عنه أمام الله، وأمام القانون -لا قدر الله- لو حصل له شيء ضارّ.

أنت وأمك لا شك في حاجة للمساعدة؛ ولذلك فيمكنك أن تتّصل بالمصحة النفسية، وتتحدث مع الأخصائي الاجتماعي، والذي يمكن أن يزور البيت ويقيّم الحالة، ويعطي التوصية بأفضل طريقة للتصرف.

أرجو ألا تكتب لنا إلا وقد فعلت ما قلته لك، فهذا أمر في غاية الأهمية، وليس الموضوع كلمات أو إرشادات عن طريق الاستشارة عن بُعد!

وفقكم الله، وأصلح الحال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً