الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن أتوب من العادة السرية ولا أستطيع.. فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله بركاته

أعاني من العادة السرية، وزيادة في الشهوة، وأكره هذا الفعل، وأريد أن أتوب منه ولا أستطيع، فكيف أتخلص من تلك العادة القبيحة؟.

بارك الله فيكم، أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد الكائدين وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- من أنك تعانين من ممارسة هذه العادة السرية المحرمة، وتكرهين هذا الفعل وتريدين التوبة منه، إلا أنك لا تستطيعين ذلك، فتقولين: ما الحل؟ وكيف التخلص من هذه العادة؟

أقول لك بداية: العادة السرية من المعاصي الخفية التي شأنها عظيم عند الله تبارك وتعالى، حيث إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أن من شِرار الخلق عند الله قومٌ إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها، فهذه العادة السرية وتلك المعصية التي جرت العادة ألا يطِّلع عليها أحد من الخلق إلا من يقوم بفعلها، من المعاصي التي قد تُسبب لصاحبها حرجًا عظيمًا يوم القيامة، إذا لم يتب إلى الله تبارك وتعالى منها قبل أن يموت، وهي تعدٍّ وتجاوز لحدود الله، حيث قال الله تعالى في وصف المُصلِّين: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}.

وأما عن طريقة ترك هذه المعصية والإعانة على ذلك، فأنت تعلمين أن قرار ممارسة العادة كان قرارًا داخليًا منك، ولذلك ينبغي أيضًا أن يكون قرار التوقف عن العادة قرارًا خاصًا بك -أنت- شخصيًا، لأنك الوحيدة القادرة على فعلها، والوحيدة القادرة أيضًا على تركها، مهما حاول أهل الأرض جميعًا أن يُساعدوك في ذلك فلم ولن يستطيعوا إذا لم تكن لديك النية والرغبة الصادقة والجادة في التخلص منها.

ولذلك أنا أقول لك:
أولاً: خذي قرارًا شُجاعًا بأن تتوقفي عن هذه العادة، أول شيء ابتغاء مرضاة الله تعالى وحياء منه وخوفًا من عذابه، وطمعًا في رحمته ورضاه ورضوانه. لا بد أن يكون لديك دافع، وأن يكون لديك قرار شُجاع وجريء، تستطيعين به تنفيذ هذه الرغبة التي لا بد منها، وإلا كان موقفك في غاية الصعوبة كما ذكرت لك.

فالقرار قرارك –ابنتِي مُسلمة– كما أنك اتخذتِ قرارًا بفعلها –وما زلتِ– خذي قرارًا بالتوقف، قفي بينك وبين نفسك وقولي: (يا نفسي إلى متى معصية الله تعالى؟ وإلى متى الوقوع في الحرام؟ ينبغي عليَّ أن أتركَ ذلك حياءً من الله تعالى، لأن الله جل جلاله يعظُمُ عنده أن يكون العبد عاصيًا فيما بينه وبينه، ولا يستحي منه جل جلاله، في حين أنه يتظاهر أمام الناس بالصلاح والديانة والتقوى).

إذًا لا بد لك من قرار شجاع وجريء، واعلمي أنك قادرة على ذلك، وهذا ليس بالمستحيل، ولا صعبا، وإنما هو أمر جرت العادة أن يستطيع عامة الناس أن يفعلوه؛ لأن الله ما كلَّف الناس بشيء لا يُطيقونه أبدًا، ولذلك قال: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} بل قال: {فاتقوا الله ما استطعتم}.

فخذي قرارًا بالتوقف، أول شيء وأهم شيء أن يكون حياءً من الله تعالى.

ثانيًا: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يُعينك الله، وأن يثبتك على التوبة بعد أن تتركي هذه العادة.

ثالثًا: عليك أن تتذكري الآثار المترتبة عليها؛ لأن آثارها عظيمة جدًّا في الدين والدنيا معًا، فقد تتزوجي غدًا، ولا تشعري بأي شهوةٍ عندما يأتيك زوجك؛ لأنك قد ألِفْتِ هذه العادة المحرمة، فيحرمك الله تبارك وتعالى المتعة الحلال الطيبة، وما عند الله لا يُنال بمعصيته، وإن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه.

رابعًا: عليك -كذلك- بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وعليك بالمحافظة على أذكار ما بعد الصلوات، وكذلك أيضًا أذكار الصباح والمساء، وحافظي على أن تكوني على طهارة قدر الاستطاعة، واجتهدي في الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، كذلك الإكثار من الصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بنيّة قضاء الحاجة.

خامسًا: عليك بالصبر، فهو الخير كله، يُجازى العبد به بغير حساب، قال تعالى: {إنما يُوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} فاصبري على تركك لهذه المعصية ولهذه العادة القبيحة، واعلمي أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يُسرًا.

سادسًا: عليك بالصوم والإكثار منه؛ فإنه وجاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).

سابعًا: أشغلي نفسك بالمفيد وبالشيء النافع في دينٍ أو دنيا، ومارسي شيئًا من الرياضة، فإن النفس إن لم تُشغل بالحق شغلتْ بالباطل.

ثامنًا: استشعري خطورة هذه المعصية عندما تُحرمين من شفاعة النبي –على سبيل المثال– يوم القيامة، عياذًا بالله، إذا متِّ مُصِرَّة على المعصية مستهزئة بربك، عياذًا بالله تعالى.

تاسعًا: اعلمي أن هناك الآلاف المؤلفة ممَّن كانوا يُمارسونها قد توقفوا عنها، بقرار شجاع جريء من داخلهم، وكم أتمنى أن تدخلي إلى الاستشارات التي فيها بيان كيفية التخلص من هذه العادة السيئة، واعلمي أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، فإذا تركت هذه العادة المحرمة؛ نلت الحلال الطيب المبارك، وأبشري بفرج من الله قريب.

وللفائدة راجعي أضرار هذه العادة السيئة: (18501 - 234028 - 3509- 54712 - 260343 )، وكيفية التخلص منها: (3509 - 260768 - 54892 - 262132)، والحكم الشرعي للعادة السرية: (469- 261023 - 24312).

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر Abdul Rahman

    جزآك الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً