الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرهقني الوسواس في صلاتي، فهل من علاج ألزمه ليزول عني ما أعاني منه؟

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله كل خير على ما تقدموه لنا.

لا أعلم كيف أبدأ؟ ولا أجيد التعبير جيداً، فسامحوني.

ما أعاني منه هو الوسواس في العبادة كالوضوء والصلاة، فتارة يكون شديدا لا أستطيع التغلب عليه، وتارة أستطيع التغلب وأعيش حياتي كغيري لكن بوسواس أخف.

قرأت وسمعت كثيرا عن الوسواس وعلاجه، وكيف أتغلب عليه بعدم الاسترسال، وهذا ما أفعله دائما وهو ألا أسترسل.

فأنا أثناء الوضوء أوسوس بالبسملة هل أنطقها صحيحة؟ وإذا انتهيت من البسملة أوسوس بغسل يدي، وأظل أعيد وأكرر، ثم أجاهد نفسي بالدخول للوضوء، وإذا انتهيت؛ فإنه ينتابني إحساس بأني لم أتوضأ بشكل صحيح، فأعيد وأكرر.

وحاليا لدي وسواس قوي في الصلاة بشأن تكبيرة الإحرام، فأنا عندما أقف لأكبر أشعر وكأني ألعب ولا أكبر، أو أن تكبيرتي خاطئة، فأتوقف ثم أنوي وأكبر، لدرجة أنه قد تمضي الساعة أو ساعة ونصف وأنا واقفة أحاول التكبير.

كذلك أوسوس في التحيات، خاصة بدايتها، فأظل أعيد التحيات، وإذا قلتها وانتهيت؛ يأتيني إحساس بأنها خاطئة أو ناقصة، فأعيدها.

كذلك أوسوس بأني لم أقرأ الفاتحة، أو أني لم أقرأ السورة التي بعدها، أو أني أنقصت ركعة كاملة، أو أني لم أسجد أو لم أسلم بعد الصلاة.

ولكني أستطيع حاليا التغلب عليها، فهي تشتد ويتغير الوسواس بين فترة وفترة، فأحيانا يكون قويا أثناء الوضوء وخفيفا أثناء الصلاة، وأحيانا يحدث العكس.

عندما يكون أحد بجانبي من غير أهلي، أو أكون بين مجموعة من الناس فإني أصلي مثلهم بسرعة، ولكن يشتد الأمر عندما أكن وحدي أو بين أهلي فقط.

سمعت عن علاج البروزاك وغيره من الأدوية، وأريد أن أستخدمه، ولكن أريد أن يكون باستشارة، فهل يمكن أن تقدموها لي أنتم، فما هي طريقة استخدامه، وما هي الجرعة المناسبة؟ ومتى أوقفه؟

لم أستطع أن أفاتح أهلي بالذهاب لدكتور، فأنا أعاني منذ أكثر من 7 سنوات، وكل يوم أنوي مفاتحتهم فيه فلا أستطيع، فأرجو منكم أن تقدموا لي شرحا وافيا بخصوص العلاج.

وجزاكم الله كل خير، ووفقكم، وسدد خطاكم، وحقق لكم كل أمانيكم بخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قطعًا هذه وساوس قهرية، أنت لديك وساوس أفعال قائمة على وساوس أفكار، ومبدأ عدم الاسترسال، بل مبدأ المقاومة الكاملة والتوقف الشامل عن كل ما له علاقة بهذه الوساوس هو المطلوب.

حين تحاولين مقاومة الوساوس؛ سوف تجدين توترًا شديدًا، وقلقًا شديدًا، ومخاوف، ومزيدا من الشكوك الوسواسية، وهذا القلق يرتفع تدريجيًا إلى أن يصل إلى قمته في اليوم الثالث تقريبًا، بعد ذلك يبدأ في الانخفاض، إلى أن يصل أدنى مستواه، وذلك بعد أسبوعين تقريبًا من التطبيق لمقاومة الوساوس.

وهنالك أمور بسيطة جدًّا في موضوع الوضوء، مثلاً أن تضعي الماء في إبريق أو في إناء، كمية قليلة من الماء، واعرفي أن الإسراف مذموم، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو قدوتنا كان يتوضأ بماء قليل جدًّا، ضعي هذا التصور في مخيلتك، ثم بعد ذلك حتّمي على نفسك وأكدي الفعل، بمعنى أنه مثلاً عند غسل اليدين قولي لنفسك: (أنا قد غسلتُ يديَّ)، ثم الاستنشاق، وهكذا، تُؤكدين لنفسك الفعل (الآن أنا قمت بفعل كذا)، ثم تنتقلين للفعل الذي يليه.

لديَّ مريضة لديها نفس شكواك، وطلبت منها أن تُحدد كمية الماء، وأن تقوم بتصوير نفسها عن طريق الفيديو، بعد ذلك تطلع على الفيديو -أي بعد الانتهاء من الوضوء، وبالفعل وجدت نفسها أن وضوئها كان صحيحًا، وكان سليمًا، وهذا حسَّن من قناعتها من أجل المقاومة.

فيمكنك أن تحاولي مثل هذه الآلية العلاجية، وهكذا بالنسبة لبقية الوساوس، تحقير، رفض، عدم الخوض في الحوار الوسواسي، واعرفي أن الشكوك سوف تأتيك، لكنك من أصحاب الأعذار -إن شاءَ الله تعالى-.

بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم هو مهم وضروري ونافع ولا شك في ذلك، الـ (بروزاك Prozac) والذي يعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine) دواء رائع، دواء ممتاز، الإشكالية الوحيدة أنك لم تذكري عمرك، وعمومًا إذا كان عمرك فوق العشرين عامًا؛ فيمكنك أن تستعلمي هذا الدواء، وإذا كان أقل من ذلك فلا بد من مقابلة الطبيب.

جرعة البروزاك المطلوبة في حالتك هي كبسولة واحدة، وقوة الكبسولة عشرون مليجراما، تتناولينها بعد الأكل ليلاً أو نهارًا، تستمرين عليها لمدة شهرٍ، ثم ترفعيها إلى كبسولتين يوميًا، ويمكنك تناول الكبسولتين مع بعضهما البعض، وهذه الجرعة تمثل أربعين مليجرامًا يوميًا، وهي جرعة وسطية جيدة، أرى أنها سوف تنفعك كثيرًا -إن شاء الله تعالى-.

ومدة العلاج على هذه الجرعة هي أربعة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، وهذه مدة معقولة جدًّا، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم يمكنك التوقف عن تناول الدواء.

ويتميز البروزاك بأنه سليم، بأنه غير إدماني، وليس له أي تأثير سلبي خاصة على الهرمونات النسائية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً