الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدرس في الجامعة ولكني أحن لأيام الثانوية.. كيف أتعايش مع الجامعة؟

السؤال

أنا فتاة عمري 20 سنة، ثاني سنة في الجامعة، تخرجت من المرحلة الثانوية وأنا في قمة الحزن، على الرغم من أنني درست في الجامعة سنة كاملة إلا أني لا زلت أفكر في المرحلة الثانوية، وأتألم عليها.

في الحقيقة لم يعجبني نظام الجامعة أبدًا، كلما مررت على مدرستي تمتلئ عيناي بالدموع، وعندما أرى الفتيات يدخلن المدرسة أتمنى أن أكون معهن، عندما كنت في الثانوية كنت لا أحمل الهموم، وكنت ألعب وأضحك كثيرًا، كانت الحياة جميلة في عيني بالرغم من المشاكل التي كنت أواجهها وبالرغم من نظام المدرسة الصارم.

كنت دائمًا مع صديقاتي كنا نتحدث كثيرًا كنت أكره الإجازات، كنت أحب الحياة مع صديقاتي، كنت أشعر بأجمل المشاعر، كنت أقول لهن كل ما بقلبي بدون خوف، وأتحدث بدون تفكير.

أما أهلي فأنا لا أتحدث معهم كثيرًا، وعلاقتنا ربما تعتبر سطحية، خاصة أبي, اشتقت لأن أتحدث من قلبي كما كنت في السابق.

لباس المدرسة كلما لبسته بكيت من قلبي واشتعلت النار بقلبي، الآن أنا وحيدة وحياتي أصبحت مملة، أحيانًا أبكي بحرقة أتخيل أن مدرستي إنسانًا وأتحدث معها, أخبرها كيف صار حالي من بعد ما فارقتها, كتبت الكثير من الخواطر عن مدرستي وصديقاتي وعن حالي الآن.

لا شيء مهم في حياتي الآن سوى عبادة الله، لا أستمتع بأي شيء، أكره الحفلات والمناسبات، لا أريد أن أكبر، الآن دخلت في العشرينات والعمر يجري، الآن أشعر أني ميتة وحية بنفس الوقت.

أحب أن أضيع وقتي في سماع الأغاني أو النوم، أشعر بمتعة حينما يضيع وقت كبير بدون أن أشعر به، أحب الجلوس وحدي، ولكن أهلي لا يسمحون لي بذلك، ليس لي غرفة خاصة؛ لذا أضطر أحيانًا حينما أريد الجلوس وحدي أن أجلس في الحمام (أكرمكم الله).

لم أعد أخاف من قصص الجن التي تحدث لمن يقضون الكثير من الوقت في الحمام, ألعب بالماء، أو أجلس وأبكي، أو حتى أتحدث مع نفسي، أو أغني، أنا أحمل الكثير من الهموم، وأخاف من المستقبل، وأخاف من الزواج.

أخاف أن تتغير حياتي، أخاف أن يحدث مكروه لعائلتي، أو لي -لا قدر الله-، لا أريد أن تتغير حياتي أريدها كما هي إلا أن أموت.

آسفة لقد أطلت الحديث, أتمنى أن تجدوا لي حلاً -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ remy حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

ابنتنا العزيزة: أولاً نقول لك: الحمد لله على تفوقك ودخولك الجامعة، فهذه أمنية يتمناها كثير من الفتيات في سنك، ومنهن من وفقن، ومنهن من يتحسرن.

وكانت تلك المرحلة التي تبكين وتحنين لها الآن تمهيدا واستعدادا للمرحلة التي أنت فيها الآن، وهكذا الإنسان يتطور في كل يوم وليلة، وهذا إن دل فإنما يدل على أن المرحلة السابقة قد أثمرت وحققت المقصود منها، فتصوري الحال في حالة الفشل، وتصوري الحال إذا لم تحققي أحلامك وأهدافك، وتصوري حالك إذا رأيت كل زميلاتك وصديقاتك في الجامعة وأنت ما زلت في الثانوية، بالتأكيد ستكون مشاعرك وردة فعلك مختلفة.

ابنتنا العزيزة: انتفال الشخص من مرحلة إلى مرحلة عملية تصحبها كثير من التغيرات، وذلك لاختلاف المرحلتين في العديد من الأشياء.

والمطلوب هو إيجاد طرق للتعايش والتأقلم مع المرحلة الجديدة، فإن كان لديك صديقات عزيزات في المرحلة السابقة فابحثي عن من يملأ هذا الفراغ في المرحلة الحالية؛ فإيجاد صديقات لهن من الصفات والسمات ما كان لدى السابقات مهم.

وإن كنت متوافقة مع أسلوب الدراسة ونظم وقوانين المرحلة السابقة فابحثي عن طرق للتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية، وإن كانت لديك طرق معينة في تحمل المسئولية في المرحلة السابقة فابحثي عما يزيد قدراتك لتحمل المسئولية في المرحلة الحالية، وهكذا الأمر؛ لأن النكوص ومحاولة الرجوع للمرحلة السابقة مخالف للطبيعة الإنسانية.

صحيح كل منا يتذكر الماضي، وما فيه من تجارب جميلة وسارة، ولكنه انقضى وولى ولم يعد حتماً.

الأمر الآخر ابنتنا العزيزة: إحساسك بالخوف من المستقبل، ومن الزواج، ومن توقع مكروه يصيبك أو يصيب عائلتك يعتبر مجرد هواجس وأحاسيس كاذبة، فلا تلتفي لها؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله، فكوني متفائلة، وقولي: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، فما كان مقدرًا سيكون، ومالم يكن مقدرًا فلا تحدثه تصوراتنا وتوقعاتنا.

تجنبي العزلة والجلوس لوحدك وخالطي الناس، وشاركيهم مناسباتهم وأكثري من فعل الطاعات، وتجنبي المنكرات، وواظبي على الاستغفار، وقول: "حسبي الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً