الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نومي مضطرب وأسمع أصواتاً قبل النوم، فما علاج حالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا لديّ مشكلتان؛ الأولى قديمة ومستقرة نوعًا ما، والثانية حادة؛ ولهذا أردت استشارتكم عنها لضرورتها، ولأنها تهدد دراستي الجامعية.

المشكلة الأولى: كنت أعاني من نوبة اكتئاب خفيفة تأتيني فقط 3 ساعات يوميًا، بدأت منذ عام 2008، فذهبت إلى طبيب نفسي لكي يكشف عليّ عام 2010، وذلك بعدما أتاني أرَق ولم أستطع النوم، فقال الطبيب: يوجد لديّ اضطراب وجداني ثنائي القطب، وكتب لي (سيروكويل)، عيار 200، قبل النوم.

النوم -الحمد لله- تحسّن، وأصبحت أنام جيدًا، أما بالنسبة لحالة الحزن فما زالت موجودة، وخصوصًا أنها تأتي وتذهب.

استمررت على هذا الدواء 4 سنين، والآن بعد 4 سنين ذهبت لطبيب نفسي آخر؛ لأني لم أستطع الوصول إلى الطبيب الأول، وقال لي: إنه لا يوجد لديك أيّ اضطراب وجداني، ولو فرضًا كان لديك، فسيكون أحادي القطب وليس ثنائيًا، وكان تشخيص الطبيب الأول خاطئًا، وأما نوبات الحزن التي تأتي، فهي مجرد قلق وتقلب مزاج يأتيك في زمن معين، وأن مشكلتي –فقط- هي الأرق.

كما قال لي: استخدم (السيروكويل)، 50 ملغم، للنوم فقط، ولو لم تتحسن، فاجعل الجرعة 100 ملغم.

أنا الآن تركت استخدام (السيروكويل)، وصار لي 3 شهور بالضبط وأنا متوقف عن (السيروكويل)، وبعد الترك أصبحت أنام 4 ساعات فقط، ولا أستطيع أن أنام أكثر من ذلك، فما حل مشكلة هذا الأرق؟ وهل سيظل معي الأرق مدى الحياة وأعيش على المنومات أم أنه من الممكن أن يتحسن وأنام بشكل متواصل من دون (سيروكويل) ومنومات؟

المشكلة الثانية: وهي مشكلة حادة، والتي لم أستطع معها أن أدرس: منذ أسبوع ونصف بالضبط أتتني حالة غريبة جدًا، وهي أن بعض الأصوات في البيئة التي أعيش فيها عندما أسمعها أجدها تتكرر عليّ في مخيلتي طول اليوم تقريبًا، أنا لا أسمعها (كهلاوس)، وإنما تتكرر في مخي غصبًا عني دون إرادتي، وأحاول مقاومتها، ومع التجاهل والتناسي أنساها -ولله الحمد-، ومن بعدها أصبحت أتعقّد من أي صوت في بيئتي، بحيث لو سمعت أي صوت، فإني أخاف أن يتكرر؛ فيصيبني نوع من الحزن والقلق في قلبي، وهكذا مع كثرة الأصوات التي أسمعها في اليوم، ومع ازدياد القلق أحس أنني على وشك أن يصيبني اكتئاب؛ فلذلك ألجأ للتناسي والانشغال بأمور أخرى والابتعاد عن الأصوات العالية.

للأسف، لا أستطيع الدراسة أبدًا بسبب هذه المشكلة، حتى أن صفحات الكتاب الذي أدرس منه عندما أقلبها يصيبني خوف وحزن من صوت تقليب الصفحة.

لا أعلم منذ بدء هذه المشكلة لماذا أصبحت شهيتي ضعيفة، وأصابتني رجفة وشعور بالبرد، حتى أنني في الظهر عندما أنام أجد نفسي بردان جدًا، وجسمي يعرق، ولا أشعر إلا بالبرد، وأتاني صداع يشدني من خلف رأسي.

كما أصابني شيء جعلني أتعقّد من النوم، وهو أنني أصبحت أسمع أصواتًا مرتْ عليّ من قبل، أسمعها تتكرر قبل النوم، أو أسمع كأني أكلّم رجلاً ما وأناقشه في موضوع ما أو كأن رجلاً يكلمني ويناقشني، ولا أعلم هل هذه (هلاوس) أم ماذا؟ لأنها تأتي عند النوم فقط.

أنا لا أستطيع الدراسة بسبب ما يصيبني من حزن وضيق، وأنا مضطر جدًا للدراسة؛ لأن الاختبارات اقتربت، وعندما أدرس فإن الأصوات المحيطة تجعلني أتضايق منها، وتشعِرني بالحزن والقلق والاكتئاب، وأترك الكتاب.

ما الحل؟ أريد حلًا؛ لأنجح، فامتحاناتي في شهر 6.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

حالتك تتطلب المتابعة مع الطبيب، هذا لا يعني أنها حالة صعبة أو معقدة أو خَطِرَة، لكنك من النوع الذي لديه أعراض أساسية، وتختفي بعض الأعراض وتظهر أعراض أخرى، كما هو الآن في موضوع الأصوات التي تسمعها، وهي انعكاسية كفكرة، وليست هلاوس سمعية.

إذًا المتابعة مع الطبيب أنصحك بها تمامًا، نحن من خلال هذه الاستشارات نحاول أن نقدِّم ما نستطيع، لكنها ليست بديلاً للمتابعة مع الأطباء في بعض الحالات. هذا مهم جدًّا.

بالنسبة لموضوع النوم الآن: قطعًا (السوركويل) دواء ممتاز، يُحسِّنُ النوم، ويؤدي إلى هدوء نفسي كبير، وبالمناسبة (السوركويل) ليس مثبّتًا ومنظمًا للمزاج فقط، إنما لديه أيضًا فعالية لعلاج الاكتئاب النفسي.

الذي أراه هو أن تجعل جرعة (السوركويل) الآن مائة وخمسين مليجرام، وليست مائة وليست مائتين، استمر عليها لمدة شهرٍ مثلاً، ثم اجعلها مائة مليجرام ليلاً، استمر عليها لمدة شهرين إلى ثلاثة، بعد ذلك إذا رأيت أن تتناول خمسين مليجرامًا –كما نصحك الطبيب– فهذا أمر جيد.

الأمر الآخر: يجب أن تُحسِّن نومك من خلال الآليات الطبيعية، والتي تعني:

• الحرص على أذكار النوم.

• تثبيت وقت النوم.

• عدم النوم نهارًا.

• ممارسة الرياضة.

• ممارسة تمارين الاسترخاء، خاصة قبل النوم.

• تجنب الميقّظات والمثيرات، مثل: الشاي والقهوة والبيبسي والكولا، خاصة في فترات المساء.

هذه أسس ممتازة وطيبة، وسوف تساعدك كثيرًا.

الظاهرة التي تحدثت عنها، وهي ظاهرة انعكاس الصوت كفكرة، أو انعكاس صوت الآخر: هذا نشاهده في بعض الأحيان مع حالات القلق، وكذلك الوساوس. أعتقد أن الأمر مرتبط بشيء من الوسوسة، ولذا أنا أنصحك بتجاهله التجاهل التام، ومن خلال ممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء أعتقد أن ذلك سوف يقل كثيرًا، كما أن رفع جرعة (السوركويل) لمائة وخمسين أعتقد أنه سوف يكون لها أثر إيجابي.

لا تحزن أبدًا، تجاهل، واجتهد، وكن فعّالاً، أريدك ألا تأخذ في خاطرك ونفسك ووجدانك فكرة أنك مكتئب، لا، الاكتئاب يُهزم، ويجب أن يُهزم، وأحد وسائل التخلص منه هو عدم الاعتقاد أصلاً بوجوده.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وقطعًا المتابعة مع الطبيب في حالتك مهمة جدًّا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية محب لكم في الله

    السلام عليكم .. اشكر الدكتور جزاه الله خيرا فقد اجاد وافاد .. وآحببت آن اقول لأحي صاحب المشكله ، ثق بالله .. وآصبر ، وأقرأ كثيرا .. وخآلط الناس الصالحين .. واسأل الله الكريم الرحيم ، ان يشفيك وكل مسلم آنه على كل شيء قدير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً