الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من نوبات هلع ودوخة وتنميل وضيق نفس مستمر

السؤال

السلام عليكم

أهنئكم بالحسنات التي تنالونها بما تقدمونه من خدمة لمساعدة المرضى.

معاناتي بدأت منذ 6 شهور بنوبات هلع، ثم دوار ودوخة وتنميل وضيق نفس مستمر، حتى ذهبت للكثير من المستشفيات، مما كلفني أموالاً عالية.

الدوخة مستمرة، وعملت جميع التحاليل والأطباء في جميع التخصصات يقولون: إني سليم، ماعدا التهاب في المعدة، وأسفل المريء إلا أني بعد ذلك اقتنعت قبل شهرين أنها حالة نفسية، مما شخصها الدكتور بأنها قلق، وأعطاني قبل شهرين (ميرزاجين) للعلاج، واستخدمته، مما زال أعراض القلق، ولكن الدوخة لا زالت مستمرة، وسبب لي آلاماً في القفص الصدري والعضلات، وتركته قبل 10 أيام، واستخدمت سيبرالكس أول يوم نصف حبة، وأتاني ضيق تنفس شديد، وغثيان وقللت الجرعة إلى ربع حبة 2.5 جراماً، وإلى الآن أستخدم ربعاً.

الدوخة ما زالت مستمرة، تخف أحيانا، وهي موجودة، ما هو سببها؟ وهل الدوجماتيل يزيل الدوخة كما قرأت في موقعكم؟

كيف أتصرف مع السيبرالكس؟ لأني إذا زدت الجرعة يتعبني، وكيف أعالج حالة الضجر، وعدم حضور المناسبات؟

لو تركت الأدوية، هل ترجع أعراض القلق؟ لأني أحاول أن أتغلب عليها، وإذا كان هناك إفرازات في المخ لا أستطيع أن أتغلب عليها بعد ترك الأدوية، هل صحيح أن المخ يفرز لا إرادياً بعد ترك الأدوية، مما يرجع القلق مرة ثانية؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي الفاضل: حالتك نفسوجسدية (سيكوسوماتية) أو ما نسميها بالجسدنة أو بالتجسيد، والأعراض التي تحسُّ بها في القفص الصدري والعضلات، وكذلك أعراض القولون العُصابي.

أنا أعتقد أنها قلقية في المقام الأول، ولا أعتقد أبدًا أن الأدوية التي استعملتها كانت هي السبب في زيادة القلق بالصورة التي ذكرتها.

عمومًا أنت الآن تستعمل جرعة بسيطة من الـ (سبرالكس Cipralex) وهي 2.5 مليجرام، ولا أعتقد أن هذه جرعة ذات فائدة أبدًا، مع احترامي وتقديري الشديد لتقييمك للأمور، لكن 2.5 مليجرام من السبرالكس لا تعني أي شيء.

الحل الذي أراه هو أن تراجع الطبيب – أيها الفاضل الكريم – ولا تتضجر ولا تتململ أبدًا من مراجعة الطبيب، يستطيع الطبيب -إن شاء الله تعالى- أن يضع لك خطة علاجية أفضل، هذا ممكن جدًّا، والطبيب الآن في وضع يجعله يتفهم حالتك أحسن مما مضى؛ لأنك قد راجعته أكثر من مرة.

بالنسبة لعقار (دوجماتيل Dogmatil) نعم هو من الأدوية الجيدة جدًّا التي تعالج الأعراض النفسوجسدية مثل النوع الذي تعاني منه، وكما أنه يُعالج الدوخة بدرجة كبيرة، خاصة إذا كانت ناشئة من القلق النفسي، لكن أنا أقول: لا تتناوله إلا بعد أن تقابل الطبيب إذا أقر الطبيب تناول الدوجماتيل.

السبرالكس – أيها الفاضل الكريم – كما ذكرت لك: 2.5 مليجرام لا أراها جرعة علاجية أبدًا، وليست جرعة وقائية، ولا أعتقد أنها سوف تُنقص أي شيء أو تزيد أي شيء بالنسبة لصحتك النفسية، فربما التوقف عنه ومشاورة الطبيب بالخطوة العلاجية القادمة هو الأنسب.

الضجر يُعالج قطعًا بالأدوية، الأدوية مهمة وسوف تساعدك، لكن لا بد أن يكون عندك الإصرار والتوجُّه الإيجابي بأن تتواصل مع الناس.

ابدأ بمجتمعك الضيق: أسرتك، أصدقائك، جيرانك، زملائك في العمل، وبعد ذلك وسِّع دائرة مشاركاتك الاجتماعية، هكذا تُدار الحياة – أيهَا الفاضل الكريم – ولا بد أن يكون هنالك شيء من التفاؤل.

هذه هي الطرق التي تتعامل مع حالات الملل التي تعاني منها، وقطعًا حين يوصف لك الدواء المناسب سوف يجعل نفسك أكثر هدوءًا وتقبُّلاً للتواصل الاجتماعي والذي بدوره سوف يعود عليك بإيجابيات كثيرة.

بالنسبة لسؤالك الأخير حول ترك الأدوية والإفرازات الدماغية: أيها الفاضل الكريم: عملية ترك الأدوية يجب أن تكون مقننة، الأدوية تُترك بالتدريج، وهذا هو المهم.

بالنسبة لكيمياء الدماغ والموصلات العصبية التي تعمل من خلالها معظم الأدوية النفسية: هذا الأمر شائك ومعقد جدًّا، والمطروح هو النظريات، بعضها نستطيع أن نقول أنه يتمتع بمصداقية عالية، وبعضها لازال مشكوك فيه، الشيء المعروف أن الإنسان يمكن أن يتحسَّن بدون أن يتناول الدواء، وهنالك من العلماء من يقول: إن التغيير الكيميائي يمكن أن يحدث أيضًا من خلال تفعيل الآليات الإيجابية في حياتنا، أن نُصِرَّ على الإيجابيات، أن نُصِرَّ على الإنجاز، أن نصرَّ على العمل، أن نصرَّ على التواصل الاجتماعي.

إذًا التغيير الكيميائي الدماغي الخاص بالموصلات العصبية ليس من الضروري أن يكون ناتجًا فقط من الأدوية، هذه حقيقة علمية تم اكتشافها حديثًا، وهي بالفعل تُثير الانتباه، وهذا يُحتِّم أهمية العلاج المعرفي السلوكي الذي يقوم على مبدأ تغيير التفكير من تفكيرٍ سلبيٍ إلى تفكيرٍ إلى إيجابي، وأن يكون نمط الحياة أيضًا إيجابيًا.

أخِي الكريم: قطعًا مثل هذا النوع من التغيُّر التلقائي الطبيعي أو الناتج من العلاج السلوكي قطعًا هو أفضل كثيرًا من التغيير الذي ينتج استعمال الأدوية، وقطعًا العلاج السلوكي المكثف يُضاف إليه العلاج الدوائي، ما دام كلاهما يعمل على تغيير كيمياء الدماغ فهنا سوف يكون الفعل فعلاً تضافريًا مما ينتج عنه التحسُّن بعد أن تستقر الإفرازات الكيميائية الدماغية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الصلة بإسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً