الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب مزمن مع آلام مفصلية، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا طالب أدرس الطب في سوريا في جامعة خاصة، أعاني من اكتئاب بكامل أعراضه الوصفية: تعب وخمول وانعدام الرغبة في الحياة، تمني الموت بحادث أو مرض دون الرغبة بالانتحار، وغياب الهدف للمستقبل، وضعف الثقة بالنفس، وإحساس دائم بالفشل، لا أحد يكترث بي! إضافة إلى آلام مفصلية في الركب والأكتاف وآلام بأسفل الظهر منذ أكثر من سنة، عجز الأطباء عن معرفة أسبابها، كل دكتور يذكر سبباً، مع ضعف الشهية ونحافة، علما أنني كنت من أكثر المتفائلين، وأكثرهم أحلاماً وإصراراً وإقبالا على الحياة.

بدأت الأعراض بالتدريج بسبب العديد من العوامل، والمواقف المطلقة للمرض مع وجود استعداد مورث حتى وصلت إلى ما أنا عليه.

بالإضافة إلى بعض الوساوس القهرية الخفيفة تأتي وتذهب، مثل وسواس الاحتفاظ بالأشياء عديمة القيمة، ووسواس ترتيب الأشياء المبالغ فيها، وأشياء أخرى.

الوساوس لا ترقى لمرض، لأنها لم تؤثر على حياتي الشخصية إلى حد كبير، بينما الاكتئاب يكاد يدمرني، فأنا الآن أحب الجلوس وحدي عندما أمشي مع أصدقائي أمشي وحدي، فلا أحب التحدث مع أحد، ولا أجد كلاماً للتحدث، ولا أحد يحدثني أو يسأل عني، وفي المحاضرات أجلس وحدي، وأهملت دروسي وعلاقاتي وديني وقرآني.

لا بد أن علاجي هو عودة صادقة إلى الله ثم دواء، ثم رياضة، لكنني لا أستطيع لعب الرياضة بسبب آلام مفاصلي، فقد انهالت علي الأمراض، ولله الحمد.

أرجو أن تتكرموا بإرشادي إلى دواء يعالج الاكتئاب، مع الآلام المفصلية.
هل ينفع البروزاك؟ كونه متوفراً بسعر رخيص؟ لأني لا أستطيع أن أذهب لدكتور نفسي، ولا حتى دكتور مفاصل بسبب غلاء الأسعار في سوريا بسبب الأزمة.

لكم مني أطيب الدعوات، وجزيتم خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الفاضل الكريم: هذه الآلام الجسدية وآلام المفاصل أنت ذكرت أنك قد ذهبت لأطباء كثيرين ولم يُحدد سببها، وهذا – إن شاء الله تعالى – يكون دليلاً على عدم وجود مرض عضوي.

أنا لا أقول لك: إن سببها نفسي، وإن كان في بعض الأحيان الألم النفسي قد يؤدي إلى آلام جسدية تُصيب العضلات والمفاصل.

أنا حقيقة أريدك ألا تعتبر نفسك عاجزًا أو معطلاً نسبةً لهذه الآلام، أنت صغير في السن – أيها الفاضل الكريم – ولابد أن يكون لديك الدافعية النفسية، وكذلك الجسدية من أجل أن تعيش حياة طيبة وهانئة.

أيها الفاضل الكريم: أنا كنت أفضل أن تذهب لأحد أساتذة الطب النفسي، ما دمت أنت تدرس في جامعة وفيها كلية طب، أنا متأكد أن ذلك لن يُكلفك أي أموال، كما أن الطبيب المختص سوف يُقدم لك كل ما هو ممكن، فحاول أن تذهب وتقابل الطبيب إن كان ذلك ممكنًا.

أما إن لم يكن ذلك ممكنًا فجميع أدوية الاكتئاب سوف تفيد – إن شاء الله تعالى – في تقليل وطأة الاكتئاب، ونسأل الله تعالى أن يزول عنك المرض تمامًا.

أريدك أن تكون متفائلاً، لأن الاكتئاب لا يمكن أن يزول إذا لم يُغيِّر الإنسان نفسه معرفيًّا، الفكر الاستحواذي المشوَّه والسلبي مشكلة كبيرة جدًّا في الاكتئاب، فاستبدل كل فكرة قبيحة بفكرة طيبة وإيجابية وجميلة، وكن حريصًا على ذلك.

نظِّم وقتك، عليك بالنوم المبكر، مارس رياضات خفيفة التي لا تؤثر عليك جسديًا، وأكثر من التواصل الاجتماعي، فيه خير كثير لك.

الوسوسة التي تعاني منها هي سمة وليست مرضًا أساسيًا، الكثير من حالات الاكتئاب تكون مصحوبة بشيءٍ من الوساوس، خاصة إذا كانت الوساوس جزءًا من البناء النفسي للشخصية.

أيها الفاضل الكريم: البروزاك دواء رائع ومفيد جدًّا، وما دام سعره زهيداً، فأنا أقول لك: تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، تناوله بعد الأكل، يمكن أن تتناوله نهارًا أو ليلاً، إلا إذا ضعف نومك ليلاً فتناوله نهارًا.

استمر على كبسولة واحدة لمدة شهر، ثم اجعلها كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجرامًا – وأعتقد أن هذه هي الجرعة المعقولة في حالتك، ويجب أن تستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر على الأقل، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك اجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك قد لا تحتاج إليها أبدًا.

تدعيم البروزاك أيضًا بعقار (دوجماتيل Dogmatil) وهو عقار رخيص جدًّا، ويسمى علميًا (سلبرايد Sulipride) ربما يكون ذلك أيضًا أمرًا مفيدًا، لأن الأعراض النفسوجسدية يُعتبر الدوجماتيل من أفضل الأدوية البسيطة التي تُعالجها.

جرعة الدوجماتيل في حالتك هي كبسولة واحدة لمدة شهرين، وقوة الكبسولة خمسون مليجرامًا، هذا بالنسبة للعلاجات الدوائية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً