الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإجهاد النفسي والإجهاد الجسدي وعدم الشعور بالمتعة..ما تشخيصها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

لدي مشاكل كثيرة أثرت على حياتي، فلا أعرف هل هذه المشاكل نفسية أم عضوية؟ ألا وهي: الكسل الشديد، واللامبالاة، وأشعر باكتئاب، وضيق، وأتردد في اتخاذ القرار، وأصبحت لا أستوعب الكلام بسرعة، وحتى صديقاتي يعلقون على ذلك، ومع الإحراج صرت أقول لهم: إنني فمهت، وأضحك على الموضوع وأنا لم أفهمه أساسا.

وأهملت دروسي، فأصبحت لا أدرس إلا صباح الامتحان، وأشعر بتأنيب الضمير والاكتئاب، وأهملت زوجي، وبيتي، ونفسي، وكل شيء، وأحيانا أختلق الأعذار؛ لكي لا أخرج من البيت "للعزائم" وغيرها، وكأنني متوحدة، لا أشعر بالسعادة كالسابق، أتضايق إن عزمني أحدهم، وأحمل هم الزيارة، وكيف أختلق العذر كي لا أذهب!

ولا أشعر بمتعة الأشياء التي كانت ممتعة بالنسبة لي، وتدهورت ثقتي بنفسي، وصرت أراقب نظرات وكلام الناس لي، وأصبحت حساسة جدا، حتى المزحة الصغيرة ممكن أن تحول كامل يومي إلى يوم كئيب، وعصبية، وأغار من كل شيء حولي من الدرجات، والشكل، وكذلك تكوين الصداقات، وأشعر بأنهم أفضل مني، وأن صديقاتي يجاملنني بالتحدث معي، وأحيانا عندما أحادث صديقاتي أنحرج منهم، ولا أستطيع النظر إليهم بشكل جيد؛ حيث أشعر أن هناك شيئاً غير مريح في تعابير وجهي ولغة الجسد بشكل عام، وإذا أردت الكلام مع زميلاتي أتوتر، وأقول في نفسي: إنهم يقولون عني غبية وضعيفة الشخصية، ومهملة، وأغلب يومي أستغله في النوم، ولا أبالي بزوجي، ولا بالمذاكرة والتنظيف.

نزل وزني، وأصبح وجهي شاحباً لقلة الأكل، ولاحظت انسداداً في الشهية؛ لأن أغلب وقتي نائمة، ولا أستطيع الذهاب إلى دكتور نفسي؛ لأنني أخجل من زوجي.

تعبت من كل هذا، وأخيرا قررت أن أحل المشكلة، فأرجو منكم المساعدة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

تفحصتُ رسالتك بصورة دقيقة جدًّا، وفي بداية الأمر اعتقدتُ أن الذي بك هو مجرد نوع من الوهن النفسي البسيط سوف يزول، حيث إن هذه الأعراض في مثل عمرك قد تكون مرحلية، لكن بعد أن استرسلتُ في قراءة بقية الأعراض استوقفتني بعض الأعراض، خاصة نزول وزنك، وافتقادك للفعالية، وبالرغم من أن ظروفك الحياتية التي من الواضح أنها إيجابية، إلا أنك بالرغم من ذلك لست مستمتعة بحياتك؛ وهذا جعلني أصل إلى قناعة عالية أنك تعانين من درجة بسيطة إلى متوسطة من الاكتئاب النفسي.

الاكتئاب بالفعل قد يؤدي إلى إجهاد نفسي، وإجهاد جسدي، وافتقادٍ للفعالية، وليس من الضروري أن يكون الاكتئاب في شكل نوعٍ من الكرب، أو الكدر، أو السوداوية في التفكير، الاكتئاب قد يكون بنفس الصورة التي تحدثت عنها، لكن الاكتئاب يُعالج بصورة فاعلة جدًّا، وأنا لا أريدك أبدًا أن تعتقدي أنك فاقدة الكفاءة، أو أنك مقصِّرة، لا، هذا ليس صحيحًا، وأهم شيء لعلاج الاكتئاب النفسي هو تحسين الدافعية لدى الإنسان، وأن يعرف الإنسان أن الله تعالى قد حباه بطاقات عظيمة، قد تكون مختبئة في بعض الأحيان، لكن بالإصرار يمكن إخراجها للاستفادة منها ليُغيِّر الإنسان ما به {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

أنا نصيحتي لك الأساسية هي أن تُشبعي نفسك بالتفكير الإيجابي، أنت في عمر صغير، طالبة، ومتزوجة، فحياتك يجب أن تكون كلها جمال، وكلها سعادة، وكلها إيجابية، فحاولي أن تزرعي الفكر الإيجابي زرعًا في كيانك، واقهري التكاسل، واستعيذي بالله تعالى منه، وعليك بالدعاء؛ فهو مهم جدًّا.

أريدك أيضاً أن تجعلي ضوابط لنفسك لتُديري من خلالها وقتك، لأن إدارة الوقت تعني حسن إدارة الحياة، هنالك أمور ملزمة، على سبيل المثال: أن تؤدي الصلاة في وقتها، هذا أمر ملزم، أن تهتمي بشؤون زوجك، هذا أمر ملزم، أن تذهبي إلى مرفقك الدراسي، هذا أمر ملزم، أن تزوري والديك، هذا أمر مُلزم، هذه التطبيقات الحياتية العملية في حد ذاتها تقاوم الاكتئاب بصورة ممتازة جدًّا.

الأمر الآخر هو: ضرورة النوم المبكر، وممارسة شيء من الرياضة، هذا وجد من الناحية العلمية أنه من أكبر معالجات الاكتئاب.

أنت في حالتك أيضًا يجب أن تذهبي وتقابلي الطبيبة، وأنا أفضل أن تذهبي وتقابلي طبيبة الرعاية الصحية الأولية، وطبيبة المركز الصحي المؤهلة في طب الأسرة هي أفضل من تذهبين إليه؛ لأنك تحتاجين لبعض الفحوصات الطبية المخبرية؛ للتأكد من مستوى الهرمونات، ومستوى الدم، والسكر، ووظائف الكبد، الكلى، وفيتامين د، وفيتامين ب12، والدهنيات، والكولسترول..وهكذا، هذه أسس طبية لا بد أن تكون واضحة، وبعد ذلك سوف تصف لك الطبيبة أحد مضادات الاكتئاب ومُحسِّنات المزاج.

هذا هو الذي تحتاجينه، بجانب ما ذكرته لك من إرشاد، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً