الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد إدماني للحشيش لسنوات أصابتني أعراض نفسية عديدة.. أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على مجهودكم المبذول في استشارات الأمة العربية، وكتب الله لكم الأجر والثواب، وأتمنى منكم رحابة الصدر في استشارتي.

لقد ابتليت منذ 10 سنوات بمادة الحشيش، واستمر إدماني لها إلى كنت في الجامعة، وفجأة وبدون سابق إنذار أتاني رعب وخوف وبكاء، وشعرت بضيق لا يوصف، فكنت بالأسابيع لا أنام، وانعزلت وانسحبت من الدراسة، وشعرت أن الذي أصابني نفسي، وذهبت لطبيب خاص وشرحت له حالتي، فوصف لي سيروكسات وشعرت بتحسن، واستمررت عليه سنتين إلا أن وزني زاد جدا، فذهبت لطبيب فوصف لي فافرين جرعة 200 وتدريجيا طبعا.

استمررت على الفافرين 4 سنوات، وكنت قد تحسنت ولله الحمد 100%، فبدأت بتخفيض الجرعة على سنة ونصف، وعند وصول الجرعة ل50 وبعد أيام بدأت تأتيني أمراض جسمية: بروستاتا، قولون، انحسار بول، انتفاخات، ضيق تنفس، بواسير، وتدرجت الأمراض إلى أن عاد القلق، مع أن الأطباء قالوا: عضويا لا تشكو من شيء. فنصحني طبيب بالعودة للفافرين لنفس الجرعة بالإضافه لدوجماتيل 50 ثلاثة أشهر، وبعدها أوقف الدوجماتيل، وفعلا انتهت المدة.

الآن أنا مستمر فقط على الفافرين إلا أن القلق ما زال موجودا، ولم أعد اجتماعيا كما في السابق، أفضل الجلوس بالمنزل وبغرفتي، وأنا معلم ومحبوب وفكاهي، والآن صرت أتغيب، وﻻ أريد الخروج من المنزل، وأوقفت تعاطي الحشيش عن قناعة -ولله الحمد- منذ 4 أشهر، وتزوجت، وﻻ أشعر بمتعة وﻻ طعم للحياة، وتأتيني نوبات خوف من الموت كما في السابق، ولكن ليس بنفس القوة، وصرت أشعر بضيق تنفس أحيانا، أو أن حنجرتي مسدودة، وبرغم كل ما عندي أجامل الناس بالابتسامة والمزاح، ولكن التفكير والقلق عذبني.

اشتقت للضحك الصادق والاستمتاع بالوقت, حتى مع أهلي أنصت فقط دون تحدث, وملل دائم دون الاستمتاع بشيء, فهل حالتي مستمرة أو أن الحشيش أتلف عقلي؟ فأرى أن الفافرين لم يعط نتيجة كما في السابق, كما أني أفتقد الأحلام منذ سنين وقد عادت إليّ الآن، ولكن أغلبها مخيف، وزوجتي تشتكي من تقلبي على الفراش، وحركة قدمي المستمرة، وأصبع قدمي الكبير، وأحيانا أضربها، هذا وأنا نائم طبعا، وربما لأني حديث عهد بالزواج، والبارحة أتتني نوبة قلق وضيق تنفس؛ فخرجت من بيتي إلى بيت والدي، وأسرعت لغرفتي القديمة، فجلست حتى هدأت، والآن أشعر بضيق متواصل، وأشعر كأن حلقي به تورم أو غصة وقلق، والآن رفعت الجرعة ل250 منذ يومين، فأرجو منكم نصحي، وأرجو الله أن يكتب على أيديكم الشفاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخِي: الحمد لله تعالى الذي هداك للتوقف عن تعاطي الحشيش، هذه بشارة كبيرة جدًّا سُقتها لنا، فنسأل الله لك العافية والشفاء، وأعتقد أنه من هنا يمكن أن تنطلق في الحياة، تنطلق بصورة إيجابية جدًّا.

الأعراض التي تأتيك هي أعراض قلقية توترية وليس أكثر من ذلك.

أحد المشاكل الكبيرة التي يُسببها الحشيش هو أن الإنسان لا يحسُّ بالدافعية ويفتقد الطموح، هذا يحدث حتى بعد التوقف من الحشيش، لكن هذه المشاعر لا تستغرق أكثر من ستة أشهر تقريبًا.

المخاوف، التوترات، القلق، هذه أيضًا من الأشياء التي قد تُصيب متعاطي الحشيش، وأحيانًا قد تحدث للإنسان العادي.

أيها الفاضل الكريم: يجب أن تُكافئ نفسك بالمشاعر الإيجابية. توقفك من الحشيش يجب أن يكون له مردود نفسي إيجابي عليك.

الأمر الثاني: أنت في حاجة ماسة جدًّا لممارسة الرياضة، أود أن ألفت نظرك لهذا الموضوع، ولا تعتمد كثيرًا على الأدوية، الأدوية تفيد –الفافرين أو غيره– لكن لا بد أن يحدث تحرُّك كيميائي داخلي طبيعي، وهذا لا يحدث إلا من خلال الرياضة، الرياضة تؤدي إلى تنشيط الهرمونات والأنزيمات التي تُرمم خلايا الدماغ التي تعيد النفس إلى هدوئها وطمأنينتها، فيجب أن تتخذ قرارًا صارمًا جدًّا حول الرياضة.

وعليك حسن إدارة الوقت والنوم المبكر والتنظيم الغذائي، هذه أمور مهمة جدًّا لعلاج حالتك. اجتهد في عملك، وطور ذاتك. النوم المبكر يُتيح لك الصلاة مع الجماعة، وصلاة الفجر هي فاتحة عظيمة لبداية اليوم للإنسان.

أخِي الكريم: بالنسبة للعلاج الدوائي: الفافرين عقار جيد، لكن أنا في مثل حالتك حقيقة أفضل الـ (زولفت Zoloft) أو يعرف تجاريًا أيضًا باسم (لسترال Lustral) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) لكن لا تقم بتغيير الدواء أبدًا إلا بعد أن تقابل طبيبك.

خذ بنصائحي التي ذكرتها لك، وسوف تجد نفسك على خير.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً