الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد التغيير، وأرغب أن أكون متدينا وملازما للمساجد

السؤال

أنا أصلي في بعض الأوقات ولكني غير مداوم على الصلاة، وأقوم بفعل الخير: من الصدقات، وكفالة الأيتام، وبر الوالدين، ولكن -للأسف- غير مرتاح نفسيا، دائماً أنا في قلق، وأخاف من المستقبل، وأرغب أن أكون متدينا، ومن الملازمين للمساجد، فكيف الحل؟

ولك جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الرشيدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقتٍ وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقك الأمن والأمان والسعادة والاستقرار، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-: للأسف الشديد أن علاجك في يدك، ولكنك لا تُحسن استعماله، ولا تعرف قدره وشأنه ومنزلته. إن أعظم علاج للمشاكل النفسية إنما هو الصلاة وذكر الله تعالى، والدليل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في شأن الصلاة: (أرحنا بها يا بلال) وكان يقول: (وجُعلت قُرة عيني في الصلاة).

فهذه المشاكل التي ذكرتها في رسالتك حلُّها كلها في الصلاة، بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا حزبه أمرٌ -أي أهمَّه أو أحزنه- قام إلى الصلاة، ويقول: (بهذا أمرني ربي) يقرأ قوله تعالى: {وأْمُر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}، وكان من آخر كلامه عند مفارقة الدنيا: (الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم).

لذا أقول لك -أخي الرشيدي- وفقك الله: إن علاجك في يدك، أنت الآن تُصلي في بعض الأوقات، ولست مداومًا على الصلاة، أقول لك: إن الصلاة كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-: (والصلاة نور) فتصور إنسانا يعيش بغير نور كيف يعيش وسط هذا الظلام الحالك؟ إن الله أعطاك نورًا عظيمًا، تستطيع أن تستضيء به في دنياك وآخرتك، نور الصلاة في الدنيا هو نور التوفيق، ونور الإلهام والسداد، بأن يجعل الله قراراتك موفَّقة، ويجعلك مُسدَّدًا في الأعمال، حتى وإن كانت في أمور الدنيا، ويجعلك مؤيدًا من الله تبارك وتعالى، ويجعلك متصلاً بصاحب العظمة والجلال جل جلاله، فالصلاة صلة بينك وبين الله، والصلاة كذلك نور في الوجه، ولذلك يكتب الله لك القبول بين عباده بالمحافظة على الصلاة، وفي الآخرة -كما قال الله تبارك وتعالى-: {نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم بُشراكم اليوم جنات}.

فأنت -أخي الحبيب- تركت علاجك، علاجك الأساسي في الصلاة، خذ قرارًا شجاعًا وجريئًا بأن تحافظ على الصلوات في أوقاتها مهما كانت النتائج، قد تعاني في أول الأمر، لأنك معتاد على تركها، ولكن صدقني ما هي إلا أيام معدودات حتى يشرح الله صدرك، وحتى يُحبب الله إليك الصلاة، لأن الله قال: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدىً} ولأنه قال: {والذين اهتدوا زادهم هدىً وآتاهم تقواهم}، وأنت تعلم في حديث التوبة، أن الله جل جلاله قال عن عبده: (ولئن أتاني يمشي أتيته هرولة) أي أسرعتُ إليه أسرع من مجيئه.

فأنت عندما تبدأ بالاجتهاد في الوصول إلى الله تبارك وتعالى والقرب منه؛ يُقبل الله عليك إقبالاً أعظم مما تتصوره أو تتوقعه، ولذلك نصيحتي لك -أخي الرشيدي وفقك الله-: المحافظة على الصلوات في أوقاتها مع الجماعة؛ لأنك ستجد فيها سعادتك التي تبحث عنها، وأفضل مما تبحث عنه، ولأن في صلاة الجماعة الإعانة بخلاف إذا صلى الإنسان وحده، وجرِّب وأنت الحكم، ولن تخسر شيئًا بإذن الله تعالى -بل ستكسب دينك ودنياك وآخرتك معًا، أسأل الله أن يعينك على ذلك.

كما أوصيك بالإكثار من الدعاء أن يثبتك الله على الحق، خاصة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • نعيمة لشكر

    فعلا الصلاة هي الدواء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً