الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي الطريقة المثلى لتلقي العلم بشكل شيق ومريح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة جامعية في السنة الثالثة، منذ هذا العام بدأت تدخل لعقلي فكرة أن المذاكرة هدفها هو أخذ العلم, لا حفظه ولصقه بتلك الصورة الجامدة في الامتحان, بمعنى أن استخدام القلم في تخطيط الكلمات عند المذاكرة وغيرها من الأساليب التي تصعب الأمر أكثر مما تسهله؛ لأن الغرض من المذاكرة -كما قلت- هو أخذ العلم, والرهبة من الامتحانات والمذاكرة ليس له داع كبير.

أدى هذا إلى أنني أصبحت أمسك الكتاب الدراسي وأقرأه لأفهمه، وكأنني أقرأ كتابًا أو رواية لأتعلم شيئًا, وليس للصقه في ورقة الإجابة، فكانت تلك طريقة مذاكرتي في آخر اختبار، فقد فتحت الكتاب وقرأته وكأنه كتاب شيق، وليس كأنه كتاب مذاكرة يرهبني, ولم أستخدم القلم أبدًا إلا في تخطيط سطرين أو 3 فقط, من أصل 94 صفحة.

سؤالي هو: ما مدى صحة هذه الفكرة؟ حيث أشعر بأن هذه الفكرة تريحني أكثر من كلمة (المذاكرة)، والتي أشعر بالرهبة منها، فأخذ العلم يجب أن يكون بطريقة مريحة وشيقة للنفس، فما توجيهكم ونصحكم لي؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا- الفاضلة في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والاستمرار في التواصل، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الأحوال، وأن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح، ويحقق في طاعته الآمال.

لكل إنسان طريقته في المذاكرة، لكن المتفق عليه هو أن إشراك عدد من الحواس، واختيار وقت المذاكرة وطريقتها مما يرفع مستوى الفهم والاستيعاب، ويساعد في استعاب ما استقر في الذهن، والإنسان لا يملك أمام القدرات العقليه للإنسان إلا أن يقول: (سبحان الخالق سبحانه)، فاسألي معلم آدم أن يعلمك، واسألي مفهم سليمان أن يفهمك، ونسأل الله أن يوفقك.

وأرجو أن تعلمي أن هناك فرقا بين القراءة الحرة، وبين القراءة التي يراد بعدها الامتحان، أو حتى تعليم الآخرين، ولعلك توافقينا أن في الكتاب نقاطا أساسية أهم من غيرها، بل بفهمها يضبط الدارس الدرس، ولا مانع من قراءة المادة أولاً بطريقة عامة، ثم تأتي مرحلة التركيز، ونرجح في هذه المرحلة استخدام القلم، وترداد العبارة مرات وبصوت يسمع من الأذن الخارجية، وهناك من يميل إلى النظر أو التكرار الصامت للنقاط المهمة، كما أن وضع خطوط أو دوائر أو استخدام قلم التوضيح مما يفيد، لأن ما يخطط ويلون يطبع في المخ، وتلتقط الصورة الكلية، وهذا كله مما يساعد في التذكر.

أما بالنسبة للامتحان فهو معيار تقريبي، حتى يستطيع المدرس أن يبين من اجتهد وفهم ممن لم يركز ويهتم، والامتحان مهم في تقديم أهل الكفاءة والجد والترتيب والمعرفة، ومن هنا فنحن نتمنى أن يكون في مذاكرتك ترتيب، ومن حقك أن تختاري الأسلوب الذي يناسبك، ولا مانع من الوقوف والإعادة للنقاط المهمة.

وهذه وصيتنا لكم بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه والاهتمام بالمذاكرة، مع ضرورة الاستمرار في التعلم والدراسة، لأن الإشكال في التوقف بعد نيل الشهادات، ولا يزال الرجل عالماً ما طلب العلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل، قال الفاروق -رضي الله عنه-: تعلموا قبل أن تسودوا، فجاء البخاري فقال: وبعد أن تسودوا، وقد قيل لابن مسعود: لو زيد لك في عمرك ساعة ماذا أنت فاعل فيها؟ فقال: أذهب فأتعلم، وظل الإمام الطبري يعلم ويتعلم حتى حضرته الوفاة، وفي السكرات سمع ما يستحق أن يكتب، فدعى بدواة وقلم، فكتب ما سمع ثم مات، فسألوه فقال: ما ينبغي للإنسان أن يضيع لحظة من حياته.

فاجتهدي حفظك الله، واعلمي أن الأمة ليست بحاجة إلى من يتعلم نتفاً من العلم، ولكنها بحاجة لمبدعين ومبدعات.

نسأل الله أن يوفقك ويرفعك درجات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً