الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتكست حالتي بعد أن خفضت جرعة العلاج، فساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا صاحب استشارة رقم (2248698) ورقم (2270531).
لقد التزمت -يا دكتوري الفاضل- ما وصفته لي من تمارين، وأحاول مراجعة طبيبي 4 مرات بما أنه يبعد عن بلدتي 1200 كيلو فلم أجده في كل سفر، والآن انتقل لأوروبا للعمل هناك، فأرجو من الله ثم منكم المساعدة.

الآن قد وصلت لجرعة 300 من الفافرين، وأنا عليها منذ شهر، وهناك تحسن بنسبة 90%، ولكن أحيانا يعود علي قلق، وأحيانا اكتئاب ونوبات هلع، وأحيانا عندما أكون عند أصدقائي بلحظة أفزع وأذهب للبيت دون إظهار ذلك، وأحيانا أهيج بالبكاء، وأفكر بالانتحار أو أن الموت سعادة لي، وعندما أهدأ أتوكل على الله، وأحاول أن أمارس حياتي، وصرت لا أحس بالشبع عند الأكل، وأنت -يا طبيبي- نصحتني بأن دواء زولفيت أفضل لحالتي، فأرجو أن تدلني على طريقة للتحويل إليه، فأنا انقطعت بي السبل، وكل يوم أفكر وأشتاق لحياتي الماضية حتى وأن كان فيها تعاطٍ، لكني كنت مبتسما، وأشعر بسعادة وبطعم الحياة.

الآن ومنذ أن خفضت الجرعة من قبل زواجي انتكست حالتي، ولا أشعر بسعادة، ولكن أساير الحياة، ولا أتذكر أن خرجت ضحكة مني صادقة من القلب، ولكن كل ما فيّ مجاملة، وضيق تنفس، وضربات قلب سريعة وقوية، وعدم انتظام نبضات القلب حتى بالتخطيط، وارتفاع لضغط الدم، وألم القولون العصبي، حتى زوجتي على رغم حبها الشديد لي، وحبي لها قبل الزواج، منذ الانتكاسة وأنا أجاملها، ولا أشعر بحب لها، وأتضايق منها حتى لو فعلت شيئا أو قالت شيئا بدافع الحب، وأعرف بدافعها، وحتى لا أبين لها ما بي، فالآن أغلب أوقاتي مع أهلي، وزوجتي على الجوال أو التلفاز، ولا أريد أن أتحدث، وأريد فقط أمدد جسمي، علما أني كتوم جدا منذ طفولتي.

تعرضت في عمر 13 سنة لاغتصاب بالضرب والإهانة، وكل مرة أفكر بقتل الفاعل الآن، وأتوجه لأخذ سلاحي لقتله، مع أنه نادم على ما فعل، فلقد حضر زواجي وما سبق زواجي، وأهداني، ولا يقابلني إلا بذكر طيب وابتسامة، ولكن أفكر بقتله، أو أفكر بالانتقام من ابنه أو ابنته الصغيرة، ليس بالاغتصاب إنما القتل.

أتذكر بعد الاغتصاب عندما عدت للبيت جاءني إحساس غريب، طنين شديد بالأذن، وكأني في حلم، وعدم الشعور بالواقع، واكتئاب دام شهورا، وذاكرتي ضعفت الآن جدا، ولكن لن أنسى تلك الحادثة بكل تفاصيلها، ولم أذكر حادثة اغتصابي في استشاراتي السابقة، والآن حان الوقت أن أعترف بها؛ لأني لن أعترف بها لأحد إلا بعد أن آخذ بثأري.

أرجو منكم -يا دكتوري الفاضل- نصحي، فمرضي النفسي أشعرني وعيّشني جميع الأمراض العضوية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخِي الكريم: أحزنني تمامًا مشاعرك هذه وانفعالاتك السلبية والاندفاع نحو الانتقام، فيا أخِي الكريم: هذا النوع من التفكير قطعًا سلبي، تفكير لا أعتقد أنه سوف يأتيك بخير أبدًا.

أخي الكريم: ما مضى قد مضى، والإنسان لا بد أن يكون متفائلاً، لا بد أن يكون متسامحًا، ولا بد أن يكون فعَّالاً، ولا بد أن يكون صاحب هِمَّة عالية.

ويا أخِي الكريم: المشاعر تتغيّر وتتبدَّل، أنت ذكرت في بدايات رسالتك أن حالتك قد تحسَّنت بنسبة تسعين بالمائة، هذه نسبة عظيمة جدًّا، وما يأتيك من قلق وانقباضات سلبية وشيء من الاكتئاب، هذا أمر طبيعي، بل يقول علماء السلوك أنه مطلوب، لأن الذي لا يُجرِّب الأحزان والاكتئاب والانقباض لا يُجرِّب الفرح ولا يعرف السعادة ولن يصل إلى الرضا.

فيا أخي الكريم: نفوسنا تتقلَّب، ومزاجنا يتحوَّل، لكن هنالك خطّ أو حدّ يجب ألا نتعدَّاه، وهو أن نكون دائمًا متفائلين، أن نكون دائمًا فعالين، وأن نكون مفيدين لأنفسنا ولغيرنا.

أخِي الكريم: غريب جدًّا أن تُفكِّر في الانتحار، أنا لديَّ منهج حول هذا الموضوع، أستغربه تمامًا وأرفضه تمامًا، ولا أُحبُّ أن أسمع أبدًا عنه، فيا أيها الفاضل الكريم: الحياة طيبة، وأريدك أن تكون لك القدرة على تصفية وفلترة الأفكار والمشاعر، كيف للإنسان أن يقبل أي فكرة تأتيه؟ هذا خطأ.

كلامك عن حادثة الاغتصاب وما أوقعته عليك من آلام نفسية، هذا نُقدِّره تمامًا، لكن قولك أنك سوف تنتقم وسوف تقتل وسوف وسوف، هذا فكرٌ يجب أن يُحْجَر ويجب أن يُغلق عليه، الله تعالى حبانا بقوة التغيير، ولا بد أن تكون لدينا مصفاة لأفكارنا، الشوائب موجودة في كل شيءٍ، حتى الذهب لا يخلو أحيانًا من الشوائب، لكن الإنسان يستطيع أن يُنقي ويصقل ويأخذ ما هو نقي وطيب، ويلفظ ما هو شائب وخبيث، وهذا هو الذي أريده لك، وأريدك أن تكون على هذه المنهجية.

ويا أخِي الكريم: الشر يجب ألا ينتصر، نفوسنا فيها الخير وفيها الشر، ولا بد أن نُفعِّل الخير، وهذا يقودنا إلى طريق الخير، وينقلنا إلى الرضا، والرضا هو أعلى درجات السعادة.

بالنسبة للعلاج الدوائي –أيها الفاضل الكريم-: استبدال الفافرين بالزولفت سهل جدًّا، لا توجد أي صعوبة، خفِّض جرعة الفافرين إلى مائتي مليجرام يوميًا، وتناول حبة واحدة من الزولفت بجرعة خمسين مليجرامًا، استمر على هذه الجرعة لمدة شهرٍ، ثم بعد ذلك خفض جرعة الفافرين إلى مائة مليجرام، وارفع جرعة الزولفت إلى مائة مليجرام –أي حبتين– وهذه سوف تكون جرعة كافية جدًّا.

بعد مُضي شهرٍ توقف تمامًا عن الفافرين واستمر على الزولفت بجرعة حبتين في اليوم –أي مائة مليجرام– وهذه جرعة وسطية أراها كافية جدًّا، علمًا بأن الجرعة الكلية هي أربع حبات في اليوم، لكن لا أعتقد أنك في حاجة لهذه الجرعة.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عامٍ وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً