الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوسواس القهري، ما العلاج الأفضل للتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم.
جزاكم الله خيراً على هذا الموقع.

أنا خريج معهد حاسب آلي، فوق متوسط، وأريد أن أكمل الدراسة، ولكن حالتي النفسية ساءت، وكنت أجمع المادة العلمية وأحفظ، ولا أذكر إلا القليل منه، ثم ألهو في شيء آخر، والوقت يمر من بين يدي ولا أفعل ما أريد! وكنت أريد أن أذهب إلى طبيب نفسي فكانت العائلة ترفض بحجة أني طبيعي، وأنا لا أملك مالاً للذهاب إلى الطبيب في ذلك الوقت، فدخلت الجيش وخلصت، وأنا بعمر 23 سنة.

لا أعرف أعبر عن ما يدور بي بشكل جيد، ولا أعمل علاقات اجتماعية، وهذا الموقف أتذكره جيداً، كنت أجلس مع شباب نشاهد فلماً فجاءت لقطة مؤثرة، فاردت أن أعبر فلم أستطع أن أقول التعبير لهذا الموقف، فقال أحدهم: عندما أشاهد هذا الموقف يصعب علي الممثل، فتعجبت أن هذا التعبير هو ما كنت أريد أن أقوله! وهذا الموقف لم أفهمه وقته، ومخي يسرح ويفكر في أشياء مرت منذ مدة، وأتذكره بعده، ولا أعلم ما هذا، وأندم بعد الموقف لماذا لم أفعل هذا أو ذاك، وأؤنب نفسي عندما يأتي الموقف فجأة.

أعاني من الوسواس القهري منذ حدث لي في الثانوي أني أخذت حذاء زميل لي لألعب به، وأصبت بعده بعين سمكة في رجلي، وبدأ العلاج الجلدي لأكثر من 4 سنوات، فأصبت خلال هذه الفترة بالوسواس، والنسيان، وقلة التركيز، وكمثال من حياتي، أنا أعمل بمحل بيع قطع صيانة المحمول، وعندما يطلب مني قطعة آخذ وقتاً في البحث عنها حتى وإن كنت أتيت به سلفاً وإن كانت المدة قصيرة في العمل، لكن أن أدي بشي ولا أتذكر مكانه بعد أن يطلب مني مرة أخرى، وآخذ وقتاً للبحث.

هذه المشكلة توقفني عن التقدم في العمل والأعمال السابقة، وأنا على قدر الذكاء العالي، والنسيان يعقر حياتي وأنسى أسماء زملائي وأقاربي والأماكن.

قوتي البدنية والعصبية قلت كثيراً، وأنا ألعب مصارعة روماني فألاحظ الفرق بجسمي ويدي ترتعش، وصعوبة القراء والكتابة (الديسلكسيا)، ولا أستطيع أن أقرأ القرآن بانتظام أو أذاكر، وأنا أصلي الحمد لله، ولكن أشاهد بين فترة لفترة أفلاماً إباحية، وأرجع وأتوب إلى الله، وأستغفره ليتوب علي، اللهم آمين.

ذهبت لدكتور منذ أربعة أشهر فشخص حالتي، أني أعاني من وسواس خفيف ونسيان، وأعطاني فلوزاك 20 الجرعة قرص صباحاً، و اوميجا 3 الجرعة قرص صباحا، و10 حقن سيبرولايسن يومًا بعد يوم، و(علاج) لا أتذكر اسمه للنسيان، ولمدة شهر وتحسن الوسواس، ولم تتحسن الذاكرة، ثم ألغي الحقن وبقي الجرعات كما هي لمدة شهر، ونفس النتيجة فزادت الجرعات وأعطاني دونهيمر للنسيان بدل الآخر، وأعطاني فلوزاك 20 الجرعة 2 قرص صباحاً، ثم بعد 10 أيام أضف قرص أخر مساءً، واوميجا 3 الجرعة 2 قرص صباحاً، و(دونهيمر) قرصاً صباحاً، وأحسست بتعب فآخذه بالليل، وقال لي: لن نعالج الأعصاب الآن.

هل أتابع مع الدكتور وعلى النظام؟ لقد قرأت في هذا الموقع عن أقراص (اركاليون فورت) فأريد أن آخذه لتحسين الذاكرة والغذاء دون هيمر أو معه.

هل هذا صحيح، وهل يمكن أن أدمن أقراص اركاليون فورت في حال أخذه؟ وهل آخذ شيئاً للأعصاب؟ وهل يمكن تحويل العلاج إلى حقن أفضل؟

لقد حاولت شرح حالتي الجسمانية والنفسية، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الإنسان إذا أرسل رسائل سلبية إلى نفسه سوف يعتقد أن ما به من سلبيات ونواقص أمر حقيقي.

أنت من الواضح أنك تُقدِّر نفسك تقديرًا سالبًا وليس صحيحًا، أنت محتاج لإعادة تقييم نفسك.

الاختبارات التي تقوم بها لمعرفة المقدرات هي اختبارات خاطئة، يجب ألا تكون حكمًا على نفسك أبدًا على مقدراتك الاجتماعية.

إذًا الذي أرجوه منك هو: أن تتوقف تمامًا من التقييم السلبي لنفسك، وأنا أؤكد لك أنك لست أقلَّ من الناس حتى وإن لم تتحصَّل على النصيب العلمي الذي تُريده، إلا أنك قد تعلَّمت الكثير والكثير جدًّا من الحياة أيضًا.

الخطوة الأساسية إذًا هي: أن تُعيد تقييم نفسك، وأن تفهم ذاتك، وأن تقبل ذاتك، ثمَّ بعد ذلك تسعى في تطويرها، وتطوير الذات ليس بالأمر الصعب، اجعل لنفسك أهدافًا في الحياة: هدفاً آنياً، أهدافاً متوسطة المدى، وأهدافاً بعيدة المدى، وضع الخطط التي توصلك لهذه الأهداف. هذه هي النقطة العملية الأساسية التي تُطوّر الذات.

مثلاً كهدفٍ آني (عاجل): قل لنفسك "سوف أذهب وأزور أحد المرضى في المستشفى" هذا هدف، وحين تُنفذه بالرغم من بساطته إلا أنه سوف يعود عليك بكثير من النفع النفسي والسلوكي.

هدف متوسط المدى: قل لنفسك مثلاً: "أنا سوف أقوم بقراءة ثلاثة كتب في هذه الفترة، وسوف أحفظ ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم". والهدف متوسط المدى يستغرق حوالي ستة أشهر.

ثم بعد ذلك تُخطط لأهدافٍ بعيدةِ المدى، وهي قطعًا يجب أن تشمل الزواج، والعيش المتطور، والتطور المهني، وهكذا.

لا يمكن للإنسان أن يثق بمقدراته وذاته إلا إذا اختبر اختبارًا حقيقيًا وصادقًا من خلال برامج تنفيذية تكون مبنية على أهدافٍ في الحياة.

والأمر الآخر: أريدك أن تبني علاقات اجتماعية مع الصالحين من الشباب، احرص على صلاة الجماعة في المسجد، تعرف على إمام مسجدك، اقرأ بعض الكتب النافعة، ولا تتهم نفسك بالـ (ديسلكسيا) هذا تشخيص خطير جدًّا، واقرأ القرآن على شيخٍ وسوف تجد أن الأمور سهلة جدًّا.

أيها الفاضل الكريم: يجب أن تُنقي نفسك من الشوائب، مشاهدتك للأفلام الإباحية حتى وإن كانت مرة واحدة هو أمر خطير، لأن الشر والخير لا يلتقيان في حيِّز إنساني معرفي واحد، فطهر نفسك من هذا الأمر تمامًا، ونحن الآن في شهر رمضان الكريم، وهذه فرصة عظيمة للمراجعة ولتطهير النفوس وتهذيبها، فاجعل لنفسك نصيبًا من هذا.

ممارسة الرياضة بانتظام والحرص على صلة الرحم وبر الوالدين والانخراط في أي عمل اجتماعي أو خيري، هذه كلها تجعلك تحسُّ أنك تعيش بهدف، والإنسان الذي يعيش دون هدفٍ في الحياة لا فائدة لوجوده أبدًا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أعتقد أن ما وصفه لك الأطباء من دواء كافٍ جدًّا، ولست في حاجة لمقويَّات مثل الـ (اركاليون فورت) وشيء من هذا القبيل، لا، التغذية السليمة، النوم المبكر، ممارسة الرياضة، التفكير الإيجابي، هذا يكفي تمامًا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً