الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستطيع مقاومة الفتور واستعادة نشاطي في العبادة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أعرف كيف أستطيع إعادة نشاطي في العبادة، والبعد عن الكسل والتسويف في الصلاة وتأجيلها، مع أني أحب الله وأحب عقيدتي، وليس التكاسل في العبادة من طبيعتي، فقد تغيرت، كنت أكثر نشاطا من ذلك، هل ذلك بسبب الذنوب التي ارتكبتها؟ ولكني تبت، فهل هذا عقاب من الله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك "إسلام ويب".
إنَّا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فإنَّنا نحبُّ أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: من الثابت عن أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وما أنت فيه –أختنا- هو لون من ألوان الانتكاسة عن الطريق القويم، يحتاج منك إلى خطة كاملة للعودة إلى ما كنت عليه، وهذه الخطة قوامها الجهد، قوامها محاربة النفس والشهوات والشيطان، بمعنى أنك في معركة لا بد أن تدخليها، لكن ما يطمئنك أنها معركة لله عز وجل، وأن الله سيكون نصيرك ومعينك فيها، وأنك حتما فيها رابحة ما استعنت بالله واجتهدت وصبرت على هذا الطريق، فلن تجدي طعم الإيمان ولذته هكذا من أول شهر أو شهرين، بل لا بد من صبر على الطريق، وقد قال بعض السلف: (جاهدت نفسي على قيام الليل عشرين عاما حتى وجدت لذتها).

ثانيا: التكاسل عن الصلاة –أختنا- ليس من صفة أهل الإيمان والصلاح، بل هو أقرب ما يكون إلى أهل النفاق -عافاك الله ووقاك- قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى} ونحن نربأ بك أن تكوني من هؤلاء.

ثالثا: إن لتلك الظاهرة السلبية أسبابا، منها ما سنعرضه الآن ونرجو أن تعرضيها على نفسك، وهي كالتالي:
1- الوقوع في المعاصي، وخاصة صغائر الذنوب، قال تعالى: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه).
2- الإسراف في المباحات؛ لأنه يعوِّد النفس على الراحة والكسل والخمول، وبالتالي ترك الطاعات أو عدم فعلها بالشكل والكيفية المطلوبة، فينشأ في النفس حبٌّ لهذه المباحات واستثقالٌ للطاعات وعدم صبرٍ على أدائها، يقول المولى عز وجل: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنّه لا يحب المسرفين}.
3- صحبة أصحاب المعاصي أو المسرفين في تعاطي المباحات؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) فمتى ما صاحبت أهل المعصية فإما أن تقعي معهم فيها، وإما أن تريهم يفعلونها ولا تنكري عليهم؛ وكلاهما منكرٌ ويؤدي إلى الفتور.
4- ضعف التفكير في الموت وعدم تذكُّر الموت وأمور الآخرة؛ وذلك لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إني نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإن فيها عبرة) رواه أحمد، وفي رواية: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور فإنها تزهّد في الدنيا وتذكّر الآخرة) فتذكّر الموت والآخرة يجعل الإنسان دائمًا في شعورٍ حيٍ واتصالٍ وثيقٍ بالله، لأنه يستقر في وجدانه أنه مهما طال عليه العمر فإنه ملاقي الله عز وجل، وعدم تذكّر الموت والآخرة يؤدّي إلى نسيان الهدف من الحياة، وبالتالي إلى الفتور والكسل والدعة.

هذه هي أهم الأسباب باختصار ونرجو منك عرض هذه الأسباب عليك والتفكير فيها جيدا.

ونحن ننصحك –أختنا- بما يلي:
1- اجتهدي أن تبدئي الصلاة بشحن النفس جيدا، مستحضرة الآيات والأحاديث التي تقوي عزمك وتعينك على الأداء خاشعة لله محتسبة، ومن تلك الآيات:
- (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين).
- (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين).
- (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين).
- (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا).
- (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).
- قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟) قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: (فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا).
- وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر).
- وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة) اكتبي هذه الأحاديث وما قبلها من الآيات في ورقة وعلقيها على الحائط أمامك، وداومي النظر إليها.
2- استحضري نعيم أهل الجنة وجحيم العصاة من أهل النار كلما دعتك نفسك إلى التكاسل.
3- احرصي على أن تقرئي في سير أهل العلم والصلاح، وكيف عبادتهم لله، خذي كتاب علو الهمة، وكتاب الإيمان أولا فكيف نبدأ به؟ وكتاب سير أعلام النبلاء للذهبي، وكتاب رهبان الليل لحسين عفاني، هذه الكتب ستفتح لك آفاقا رحبة وتحبب إليك الصلاة.
4- اعلمي –أختنا- أنه لا عقوبة إلا بذنب، فأكثري من الاستغفار والتسبيح والذكر، فإن هذه من أعمال اللسان التي لا تتطلّب وقتًا مخصصًا لها، ولكنها تفيد في صفاء القلب وخلوه من المعاصي والذنوب، فيمكن الإكثار منها في المواصلات وقبل النوم وفي كل حال.
رابعا: افرضي على نفسك عقوبة إيجابية لكل فرض تكاسلت عنه، المهم أن تكون عقوبة رادعة ومحتملة، فلا ترهقي نفسك بعقوبة تقصم الظهر، ولا تجعليها هينة تعتادي عليها.
خامسا: احرصي –أختنا- على الصحبة الصالحة، فإن المرء بإخوانه وإخوانه بدونه، وقد قالوا: الصاحب ساحب.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير وأن يقدر لك الخير حيث كان والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا Nona

    بارك الله فيكم ونفع بكم وفتح عليكم ... إجابةه تُثلج الصدر وتعين بعد الله ع الإستقامة والمداومة ع العبادة ... يآرب اسألك لي ولأختي السائلة واخواني المسلمين الإنتفاع وحسن التطبيق

  • مصر نادر

    جزاكم اللة خيرا

  • bochra man aljazayar

    الشكر الجزيل على هذه النصائح القيمة و الله يهدينا

  • مصر سعاد

    بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً