الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقتي لا تحترم شخصيتي ولا حياتي ولا تعذرني، كيف أتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قرأت أحد ردودك في أحد الاستشارات لأحد الأخوة عن الشخصيات، وأعجبني ردك عليه فأحببت أن أسألك عن مشكلتي.

لدي مشكلة في التعامل مع صديقتي، هي أكثر شخص يفهمني وتحبني وأحب محادثتها والشكوى لها، لكن هنالك مشاكل في التعامل معها، هي حساسة وتحب أن تعرف كل شيء عني، وماذا أفعل؟ وأين أذهب؟ وهي لا تتكلم عن نفسها بشيء إلا إذا سألتها، وأنا في الحقيقة لا أبالي كثيرا بخصوصيات وحياة الآخرين، إن أخبروني أنصت وإن لم يخبروني لا أسأل!

تحب كثيرا إعطاء رأيها بصراحة، وتعتب علي على أبسط الأخطاء وترد علي بفظاظة أحيانا، ولديها تعليقات فظة لا أتحملها، إذا صارحتها أني انزعجت تخبرني أني متكبرة وحساسة وترد بطريقة جدا وقحة لكن بدون سب، كثيرا ما تستعمل هذا الأسلوب معي فقط، وكأنها دائما تظن بي السوء، كثيرا ما أتنازل عن زلاتها وأخطائها وأعطيها أعذارها وأحسن الظن، لكن تريدني مثلما تريد هي، سأكون صريحة، أنا أحب أن أشاركها بعضا من تفاصيل حياتي، لكن أقول ما أحب وأريد قوله، وهي تسأل عن تفاصيل كل يوم، وأين ذهبت؟ ولمن؟ وماذا قلنا؟ أكره ذلك، أحب فقط الحديث بمواضيع عامة.

لا أحب الجدال ولست بكثيرة الكلام مع الآخرين حتى أهلي، وكثيرا ما أحب اختصار الكلام، وهي ثرثارة وكثير من المواقف لا أعرف كيف أتجنبها معها، ربما كثرة تنازلاتي جعلتها تظنني سهلة أو أني جبانة، مع أني أعرفها تعطي أعذارا لغيري أكثر مني مع أني الأقرب لها وأعرف نصف أسرارها، لكن تريدني دائما أن أؤيدها بالأفكار، وتحب الغيبة مع أنها متدينة وتحفظ القرآن، لكن تعبت من تدخلها وفظاظتها، وعدم تنازلها عن أي خطأ مني، وعدم احترامها لي ولطبيعة شخصيتي وحياتي.

وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام ومتابعة موقعك وحسن عرضك للسؤال، ونسأل الله أن يديم الألفة ويصلح الأحوال، وأن يرزقنا وإياكن حسن الأخلاق والأقوال والأفعال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

قال معاوية -رضي الله عنه-: (لو كان بيني وبين الناس شعرة ما قطعتها، إذا شدوها أرخيتها، وإذا أرخوها شددتها) ومعاوية -رضي الله عنه- إمام في الحلم وحسن السياسة مع الناس، والإنسان لا يستغني عن صديق صدوق، والفتاة بحاجة إلى صديقة صالحة، لكن الصداقة الناجحة هي ما كان لله وفي الله وبالله وعلى مراد الله، هي الصداقة التي تراعى فيها الحقوق وتحفظ فيها وبها الحرمات والخصوصيات (ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) ووجود الإنسان في جماعة له ثمن، والناس ينطلقون من خلفيات مختلفة، والمؤمنة التي تخالط وتصبر خير من المؤمنة التي لا تخالط ولا تصبر.

وأرجو أن تعلمي أنك لن تجدي صديقة بلا عيوب، وكلنا بشر والنقص يطاردنا والمداراة مطلوبة، وهي أن نعامل كل إنسان بما يناسبه وبما يقتضيه حاله، وإذا كانت صديقتك متدينة فينبغي أن تتجنبوا الغيبة والمخالفات الشرعية، وحاولي نصحها بلطف، ونتمنى أن تتفهم الأمر حتى لا تقعوا في إثم الغيبة، ولا يخفى على أمثالك أن من أهم شروط الصداقة الناجحة النصح والتواصي بالحق وبالصبر.

وأرجو أن تشعريها بفرحك بوجودها إلى جوارك، ووضحي لها أنك ترغبين في رفع مستوى الصداقة، وأنك علمت أهمية ذلك من خلال موقعك، وأن كل صداقة لا تقوم على التقوى والإيمان وبال على أصحابها، قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} ونحن نتوقع منها الموافقة السريعة بحكم أنها متدينة، ويمكن أن تقترحي عليها عمل بحث أو دراسة عن شروط الصداقة الرابحة في الدنيا والآخرة من أجل أن ترفعوا مستوى الصداقة التي بينكما.

ووصيتنا لك بتقوى الله ثم بالاستمرار في احتمال الصديقة، مع ضرورة النصح لها، واعلمي أنك سوف تؤجرين على صبرك عليها، ونسأل الله أن يؤلف القلوب وأن يغفر الذنوب.

لقد أسعدنا تواصلكم، ونتمنى ربط صديقتك بالموقع لتستفسر بنفسها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً