الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منذ مدة وأنا أعاني من الوساوس القهرية الفكرية.. فهل من حل؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أبلغ من العمر 17 سنة, أصبت بالوسواس القهري عندما كان عمري 12 سنة, بدأ معي في قول بسم الله الرحمن الرحيم قبل تناول الطعام, كنت أقولها 5-10
مررات حتى أقولها بالشكل الصحيح.

توسع الوسواس القهري حتى أصابني في الوضوء والاغتسال, وأرهقت من كثرة ما أعدت الوضوء والاغتسال، ثم توسع الوسواس القهري وأصابني في الصلاة, وقراءة القرآن الكريم، كنت أعيد اسم الله أكثر من مرة؛ لأني كنت أظن أني لم ألفظ اسمه العظيم بشكل صحيح.

أصبت بعدم الثقة بالنفس بسبب الوسواس القهري والعادة السرية, 5 سنين وأنا أحاول الانقطاع عن العادة السرية حتى تركتها بفضل الله تعالى, لكن كل مرة أفعل العادة السرية وأتوب إلى الله تعالى؛ يأتيني الوسواس أني سأعيدها مرة أخرى، ولن أتركها أبدا, ولمدة 5 سنين, حتى أصبت بعدم الثقة بالنفس.

عندما أصبح عمري 14 سنة خف الوسواس القهري بشكل ملحوظ, حتى عمر 17 سنة، وتقريبا منذ 7 أشهر رجع الوسواس القهري بشدة وبقوة, فأصبح يلازمني 24 ساعة, لم يعد في الوضوء ولا الاغتسال, ولم يعد في الصلاة أو قراءة القرآن.

لا أدري والله كيف أصف لكم بماذا يوسوس لي, عندما أقرأ شيئا أو أنظر إلى شيء ما، أو أسمع شيئا؛ يأتيني الوسواس: لم تسمع بشكل صحيح, لم تقرأ بالطريقة الصحيحة, لم تنظر بشكل صحيح.

قلق مستمر 24 ساعة، وحزن وخوف من الحياة التي أعيشها بسبب الوسواس اللعين، قبل 6 أشهر -تقريبا- أصبحت أشعر بضربات غريبة في القلب، وكأنه يتوقف أو يضرب بقوة لثانية, وها هو الوسواس القهري يأتي ويقول: أصبح لديك مشكلة في القلب, سوف يتوقف قلبك في أي لحظة, سوف تصاب بسكتة قلبية.

لا أستطيع أن أذهب إلى الطبيب لظروف خاصة، وأخاف أن أخبر أهلي عن مصيبتي حتى لا أشغل بالهم ولا أقلقهم، وقد دعوت الله واستخرته، ورجوته أن يفرج همي ويخلصني من هذا الوسواس، والذي لم أعد أطيقه في حياتي.

الحمد لله لقد خف الوسواس القهري، لكن أريد نصيحتكم كيف أتعامل مع نفسي؟ وكيف أتجنب هذه الوسوسة؟

عذرا على الإطالة.

أرجو الإفادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

عانيت هذه المدة من الوسواس القهري، وأهلك لا يعرفون شيئًا عنك، وواضح أنك تحمَّلت الكثير وعانيت معاناة داخلية شديدة، وواضح أيضًا أن ما تعاني منه هو الوسواس الفكري بدرجة أكبر من الوسواس الفعلي أو الوسواس الفكري القهري الاضطراري.

والوسواس الفكري الاضطراري هو تكرار فكرة معينة بصورة مُلحة ومتكررة على الشخص، ويحاول مقاومتها وطردها ولكن لا يستطيع، وهذا يُسبب القلق والتوتر، ومعظم الوساوس التي مررت بها هي وساوس دينية، والوساوس عادةً تكون إمَّا في المسائل الدينية أو في الجنس أو في العنف، ولا أدري هل أثَّر الوسواس على حياتك الدراسية أم لا؟ وفي أي مرحلة تدرس الآن؟

وعلى أي حال الوسواس الفكري بالرغم من أنه مُتعب ومُقلق لصاحبه فإنه يكون في داخل الإنسان، والآخرون من حوله لا يُدركون مدى معاناته.

طالما أنك لا تريد أن تذهب إلى الطبيب فإذًا يمكنك أن تُعالج نفسك سلوكيًا، أي ما يُعرف بالعلاج السلوكي المعرفي، وأول شيء يجب أن تعلمه أنك لا تستطيع طرد وساوس التفكير، فهي تأتي غصبًا عنك ومستحوذة ومتكررة، توقف عن مقاومتها، ولكن لا تستسلم لها، فكلما تبدأ سلسلة الأفكار تتكرر عليك أن تهتف بصوت داخلي في داخلك: (قف، قف، قف) هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى: الوسواس يؤدي إلى القلق، وهذا هو الشيء المتعب، فيجب عليك أن تعمل أشياء تؤدي إلى الاسترخاء، لأن الضدَّين لا يجتمعان (الاسترخاء والقلق)، وهناك طرق كثيرة لاسترخاء، ولكن أهمَّها الذي يمكن أن تؤدِّيه بنفسك هي الرياضة البدنية، كالمشي يوميًا لفترة معينة من الوقت - نصف ساعة إلى أربعين دقيقة - والتمارين الرياضية التي تؤدِّيها في المنزل، والسباحة؛ كلها تؤدي إلى الاسترخاء، وإذا استطعت أن تسترخي فهذا سيُقلل من الوساوس والمخاوف الوسواسية بدرجة كبيرة.

يبدو أنك رجلٌ متدين، فعليك أن تواصل في المواظبة على الصلاة وقراءة القرآن وذكر الله، ودائمًا طلب الشفاء من الله حتى، وإن كان هناك بعض الوساوس في الدين، فإن شاء الله تعالى بالمواظبة والاستمرار على هذا النهج تتغلب على كل هذه الأشياء.

وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا فايز

    شكرًا على معلومتك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً