الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الأرق الشديد والذي سبب لي التوتر والخوف والقلق

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله كل خير على ما تقدمون.

سأشرح مشكلتي على شكل نقاط مختصرة، وإن شاء الله تكون مفهومة.

قبل أربع سنوات جاءني أرق مفاجئ وقت الاختبارات لمدة 3 أيام متواصلة لم أنم فيها، وتطورت هذه المشكلة، وصاحبها قلق وتوتر عند النوم.

مرت علي أيام كنت مكتئباً فيها جداً، لا أودّ أن أقابل أحداً أو أذهب لأحد، صرت أكره كل شيء حتى المكان الذي أجلس فيه كرهاً شديداً، مع انقباضات في القلب.

أنا متخرج منذ سنتين وبلا وظيفة أو عمل، ولا أنام إلا نهاراً، من 8 صباحاً حتى المغرب، وأعاني من ضغوط عائلية، لأَنِّي بلا عمل، مع أنهم لا يعلمون بمشكلتي التي سببت لي وقفاً تنفيذياً لكل شيء.

ذهبت إلى الطبيب ووصف لي الريمرون، ولم أستخدمه لأَنِّي أخاف من أي تغيير، فهل إذا استعملت الريمرون لتحسين النوم ليلاً سيساعدني؟

أرغب في وصف دواء معه يريح نفسيتي في يومي، لأَنِّي فعلاً تعبت، اليوم كله يمر وأنا خائف ومتوتر، وعندي قلق شديد من أني لا أنام إلا في النهار بشكل شبه طبيعي، والخوف والقلق مستمر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أبارك لك التخرج، وأسأل الله تعالى أن يرزقك العمل والوظيفة التي تهنأ بها.

أيها الفاضل الكريم: أنت بالفعل اختصرت رسالتك في نقاط مهمة، وكما تلاحظ أن الأعراض قد بدأت عندك قبل أربع سنوات بأرق مفاجئ في وقت الاختبارات، وهذا ناتج ممَّا نسميه بقلق الأداء، حيث إن الإنسان حين يكون أمامه مهمة معينة مثل الامتحانات يأتيه قلق، يأتيه أرق، وهذا نعتبره طبيعيًا في بعض الأحيان، لكن هنالك بعض الناس الذين لديهم قابلية واستعدادٍ لأن تظهر لديهم أعراض أخرى، وهذا هو الذي حدث لك بالضبط، فقد ظهر القلق والتوتر عليك بصفةٍ مستمرةٍ، خاصة عند النوم أو حين تسمع خبرًا طارئًا مثلاً.

المرحلة الثالثة هي مرحلة الاكتئاب البسيط، وهذا ناتج من تراكمات القلق، وفي ذات الوقت قطعًا عدم وجود الوظيفة لشخصٍ تخرّج وله آمال، وله طموحات ولم يجد الوظيفة بالسهولة التي كان يتصورها، هنا قطعًا يُصاب الإنسان بشيءٍ من الاكتئاب، ولا أريد أن أعتبره اكتئابًا حقيقيًا، هو اكتئاب انفعالي ظرفي مسبَّب ومؤقت -إن شاء الله تعالى-.

أيها الفاضل الكريم: أرجو أن تكون إيجابيًا في تفكيرك، أنا أقدّر انشغالك بموضوع الوظيفة، لكن -إن شاء الله تعالى- تأتي الوظيفة، حاول وحاول واذهب إلى المعاينات هنا وهناك، ولا تتوقف أبدًا.

بالنسبة للضغوط العائلية: تعامل معها بحكمة، تعامل معها بكياسة، ولا بد أن تكون عضوًا فعّالاً في الأسرة – أخِي محمد – لا تجعل نفسك شخصًا هامشيًا في أسرته، لا، حتى وإن كنت بدون عمل يجب أن تهتمَّ بشؤون الأسرة، يجب أن تطرح أفكارًا إيجابية، يجب أن تُحسن بر والديك، هذا مهم جدًّا وضروري جدًّا، يُكسبك محبة أسرتك، وفي ذات الوقت يجعلك تحسّ بالمردود الإيجابي الداخلي والارتياح النفسي الكبير.

أيها الفاضل الكريم: أنا أريدك أن تُغيِّر تمامًا نمط نومك، النوم البيولوجي الصحيح هو النوم الليلي، وليس النوم النهاري، النوم الليلي يكون الجسم فيه أكثر ارتياحًا، تُفرز بعض المواد الكيميائية والموصلات العصبية على مستوى الدماغ، وهذه تؤدي إلى ترميم وتنشيط خلايا الدماغ، وهذا أمر عظيم جدًّا لصحتنا.

تجنب النوم النهاري، فيه الكثير من الضرر بك، وعليك بممارسة الرياضة، وعليك بالتواصل الاجتماعي، وأن تبحث عن عمل.

بالنسبة لعقار (ريمارون REMERON) / (ميرتازبين Mirtazapine) نعم هو عقار رائع جدًّا، وأنت تحتاج له بنصف حبة فقط، خمسة عشر مليجرامًا ليلاً، تتناولها ساعة ونصف قبل النوم، تقرأ أذكارك وتتوكل على الله، وسوف تنام نومًا هنيئًا.

الدواء في الأصل هو مضاد للاكتئاب ومُحسِّنٌ للمزاج، ومُحسِّنٌ للنوم، ومُحسِّنٌ للشهية نحو الطعام، وأنت لا تحتاج لأي دواء غيره، استمر عليه لمدة أربعة أشهر، أي خمسة عشر مليجرامًا ليلاً (نصف حبة) وبعد ذلك يمكن أن تجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك مرة أخرى على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً