الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت عصبية بسبب مشاكل أبي وأمي.. أريد حلا

السؤال

أنا فتاةٌ في السادسة عشرة والنصف من العمر، ولا أستطيع أن أحتمل الأمور التي تحدث أمامي، فالبيت دائماً متوتر، وفيه الكثير من المشاكل.

أبي وأمي في شجار أغلب الأوقات، وأنا لا أستطيع السيطرة على نفسي.

أرجوكم ساعدوني، دائماً أتصرف تصرفات عجيبة غريبة، ثم أندم وأقول: يا ليتني ما فعلت ذلك، أريد منكم طريقة للسيطرة على أعصابي، وللعلم فإن لي أخوات مراهقات، وأعتقد أن الأمور تتأزم أكثر، لأنهم دائماً يقولون عني أني عصبية ومجنونة، أريدهم أن يكفوا عن ذلك، فأنا فتاة محافظة على صلاتي وديني، ولا أريد أن أُغضب والدي، وأنا أعلم أن رضا الله من رضا الوالدين .
أرجو الحل المناسب، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميساء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اعلمي أن الهدوء والاتزان هما أهم طريقة لتفادي العصبية والنرفزة، والشخص العصبي يحاول دائماً أن يسعى للسيطرة على الآخرين، وتوجيه سلوكهم نحو خدمته وتحقيق أهدافه، ويعمل جاهداً أيضاً لكي يكون هو المسيطر على الآخرين، ولا يقبل أن يسيطر عليه أحد، كما لا يقبل أن يتساوى معه أحد، ولهذا نجد الآخرين يتفادونه مخافة كلامه ومعاملته لهم، ولا يستطيع أن يكبح انفعالاته ولا أن يسيطر عليها، ولا يستطيع أن يضبط نفسه، وكل هذا تسببه العصبية الشديدة.

ويجب أن تعلمي أختي أن هذه العصبية منشأها الغضب، والغضب من النار والشيطان، كما ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من المستبعد أن يكون غضبك وعصبيتك الشديدة قد تدفعك إلى كسر جسر الثقة والمحبة بينك وبين الآخرين، وقد تلقي بالغشاوة على الأعين والقلوب، فتحول بينك وبين الحقيقة، وتجرفك معها نحو أمور لا تُحمد عقباها.

إن عصبيتك هذه قد تولد الانفجار، وتفقدك الحكمة في معالجة الأمور، وأحياناً تضعف شخصيتك أمام الآخرين.

وأنا أقولها لك مرةً أخرى: اهدئي ثم اهدئي، وتعلمي دائماً معالجة الأمور بالحكمة والهدوء، دون اللجوء إلى التسرع والعصبية، واحملي دائماً راية الرفق والحنان مع الآخرين، وأطيعي والديك ولا ترفعي صوتك عليهما حتى وإن أخطأ في حقك، واسمعي إلى وصية الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فقال له: (( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ))[الإسراء:24].

واسمعي إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أخذ بيد معاذ بن جبل رضي الله عنهما، وقال له: (يا معاذ أوصيك بتقوى الله، وصدق الحديث، ووفاء العهد، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، ورحم اليتيم، وحفظ الجوار، وكظم الغيظ، ولين الكلام).

أنا أريد أن يكون لديك حسن الظن بالآخرين، فهذا مدعاة إلى الشعور بالاطمئنان والثقة، وتتعمق المودة والمحبة فيما بينكم.

حاولي أن تجنبي نفسك العصبية والنرفزة والشكوك، وعيشي بنفس هادئة مطمئنة، وروضي شخصيتك على حب الخير للجميع، تعيشي حياةً ملؤها السعادة والهناء بإذن الله تعالى، ولا تبالي بكلام الغير وامتصي غضب الغير بالابتسامة الطيبة، واعلمي أن الابتسامة علاج للتوتر والعصبية بالإضافة إلى أجرها العظيم؛ لأن تبسمك في وجه الآخرين صدقة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً