الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في صراع مرير مع الاكتئاب واليأس، أغلبه ويغلبني

السؤال

السادة الأفاضل القائمين على الموقع
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

كنت أصبت قبل ٧ سنوات باكتئاب شديد جعلني أيأس من حياتي وأفقد الأمل، وهذه استشارة سابقة لي رقمها (2257830)، مرت سنوات كثيرة استطعت أن أكبح جماح اليأس وأتغلب عليه بالأدوية وبمقاومتي وعدم اليأس من الشفاء.

كانت الحياة ضبابية سوداء، بفضل الله سبحانه استطعت أن أجعل الأمل يتخلل بنسب جيدة إلى نفسيتي، ولكن ليس كما في السابق، ولكني أحاول دائما، فأنا مواظب على دراستي التي أحبها -بطيء نسبيا ولكن أمشى ولا أتوقف- اليأس الذي كان بداخلي أغلبه قد ذهب، ولكن مما يؤرقني هو القلق؛ أحيانا شديد وأحيانا متوسط وأحيانا خفيف أو غير موجود، فأنا قلق ومتخوف لا أدري من ماذا؟

هذا القلق يكون مصحوبا بضيق وصداع في الرأس، وألم في الظهر، وضعف ثقة في النفس، لدرجة أنني أشك في ذاتي أحيانا، وأتوقع حدوث شيء لي كمرض أو جلطة أو أي شيء من هذا القبيل، كذلك لا أستطيع الخروج من المنزل لفترات طويلة، فإذا ذهبت إلى الخارج لمدة ساعة أو أكثر؛ تبدأ حالة من الضيق والقلق والدوخة تنتابني، ثم أعود مرة أخرى للبيت، حيث أن القلق والضيق يزيد مع الضغوط إذا تحدثت كثيرا أو تضايقت أو ضغطت على نفسي في العمل.

كذلك ينتابني مع هذه الأعراض شعور غريب منذ سنوات؛ أحس أنني غير حقيقي أو غير موجود، أو أن العالم غير حقيقي، أتغلب على جزء كبير منها بالفرح والبهجة داخل نفسي بأي طريقة، ولكن يعود مجددا.

أنا آخذ الآن ربع حبة سيبراليكس 5 ملجرام، يوما بعد يوم، لأنني في الحقيقة كرهت الأدوية النفسية، كنت قد قرأت في السابق استشارة أنه من الممكن أن آخذ عشبة سان جونز مع سيبراليكس، فأخذت جرعة بسيطة لا تذكر من العشبة خوفا من الأعراض كبداية فقط، ولكن أتعبتني كثيرا، فاضطررت لإيقافها، وظللت مع السيبراليكس، لا أدري هل من الممكن أن يكون حدث تعارض أم ماذا؟

الأسرة وكل من حولي يلحون علي في مسألة الزواج، ولكنني متخوفٌ من هذه الخطوة؛ نظراً للأعراض الدائمة التي تحدث لي، ولا أدري ماذا أفعل؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ magdy ali sayed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

الحمدُ لله -أخِي- الذي مكَّنك أن تتغلب على حالة الكدر والكرب التي كنت تمرَّ بها، والإنسان حين يتغلب على مثل هذه الحالات يُعتبر هذا إنجازًا عظيمًا، يجب أن يحمد الله تعالى عليه، وقطعًا انتصارك على أعراضك هو دليل على توجُّهك الإيجابي في الحياة، وأن معدنك الأصلي به قوة كبيرة وطاقات موجودة، علمًا بأن طاقات الإنسان قد تختبأ، قد تكون مخزونة، وأقصد بذلك الطاقات الإيجابية الدافعة نحو التحسُّنِ.

حين تنتاب الإنسان أعراض؛ ما عليه إلا أن يُصِرَّ على التحسُّنِ، وهذا يدفع الطاقات المكتومة نحو التفعيل، والتفعيل الإيجابي جدًّا.

أخِي الفاضل: الذي تعاني منه الآن هو قلق، مصحوب بشيءٍ من المخاوف الوسواسية، وإذا بحثنا ونظرنا في السببية؛ أعتقد أنه من الأرجح أن يكون البناء النفسي لشخصك الكريم ذا ميولٍ نحو القلق، وهذا لا نعتبره مرضًا، لا نعتبره علَّة نفسية، لا نعتبره ضعفًا في شخصيتك أو شيء من هذا القبيل، إنما هي سمة من السمات تكون مصاحبة لشخصيات الناس.

أخِي الفاضلُ: فَعِّلْ آلياتك العلاجية، وطوِّرْ مهاراتك الاجتماعية، وحقِّرْ الفكر القلقي والوسواسي، وادفعْ نفسك نحو الإنجاز، فالإنجاز الحقيقي للإنسان يكون بفعاليته وليس بمشاعره أو أفكاره، خاصة حين تكون الأفكار والمشاعر سلبية.

مشروع الزواج الذي يلِحّ عليك الأهلُ فيه؛ يجب أن تأخذ أنت مبادراتٍ إيجابية في هذا السياق، لا تتخوف من ذلك -أخِي الكريم- صاحب القلق يحتاج للمزيد من المودة والسكينة، والزواج هو مستقر المودة والسكينة والرحمة، فلا تتردَّد كثيرًا في هذا الأمر.

أخِي الكريم: الرياضة يجب أن تكون جزءًا أصيلاً في العلاج، نوعية الأعراض التي تحدَّثت عنها تتطلب الرياضة، تتطلب التواصل الاجتماعي المستمر، الحرص على مشاركة الناس في مناسباتهم، زيارة الأهل، زيارة الأرحام، الحرص على الصلاة مع الجماعة ... هذه كلها علاجات تؤهِّل النفس تأهيلاً صحيحًا، يؤدِّي إلى إزالة الضيق والخوف والقلق.

أريدك أيضًا ألا تكتم ما بداخلك من أفكارٍ ومشاعر، سلبيةٍ كانت أم إيجابية، التفريغ النفسي مطلوب في حياتنا، وحتى المشاعر الإيجابية إن كتمناها هذا أمرٌ ليس بالجيد، فحاول دائمًا أن تُعبِّر عن ذاتك وعن مشاعرك أولاً بأول.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أنه يُوجد خيارين، الخيار الأول هو أن تستعمل الأدوية المضادة للقلق، وهي بسيطة جدًّا، مثل الـ (موتيفال Motival)، لا حاجة للـ (سبرالكس Cipralex) أو خلافه، الموتيفال بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة شهرٍ ونصف، ثم بعد ذلك حبة يومًا بعد يوم ليلاً لمدة أسبوعين، لتُكمل مدة العلاج الكلية شهرين، أعتقد أن ذلك قد يكون كافيًا ومفيدًا.

الأمر الآخر هو: أن تتناول عقار (بروزاك Prozac) / (فلوكستين Fluoxetine)، وهنالك بروزاك يُعرفُ باسم (بروزاك 90) هذا يتم تناوله بجرعة كبسولة واحدة في الأسبوع، بما أنك لا تُطيق ولا تُحب الأدوية فالبروزاك (90) سوف يكون جيدًا وجيدًا جدًّا، وسوف يختصر عليك الطريق تمامًا، حيث أن 4 كبسولات في الشهر لا تعني شيئًا -أخي الكريم- يمكنك أن تتناوله لمدة 3 إلى 4 أشهر كعلاجٍ واقٍ لحالتك هذه -إن شاء الله تعالى-.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر tamer sayed

    انا لى راى اخر فى هذا الموضوع فمثلا لن تفلح تلك الاشياء ولكن المريض ان اتجه الى الله بصدق وعبده فى الدعاء له سوف يشفيك من هذه الحاله فلن يجدى اى علاج اخر

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً