الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تذكر الزواج يسبب لي خوفًا من الجماع، أو لعدم مقدرتي تحمل مسؤوليته

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود أن أستفسر منكم عن أمر أزعجني كثيراً، وهو القلق والتوتر من المستقبل، والعجيب أنه لا يأتيني بشكل دائم، وعلى أي سبب كان، ولكن يأتي بسبب أشخاص معينين دون آخرين، ومواقف دون أخرى، كذلك الخوف من المستقبل، تذكر الزواج يسبب لي خوفًا سواء كان من الجماع، أو من تحمل مسؤوليات الزواج، والبيت؛ لأني دائماً أشعر بأني لست على كفؤًا بأن أفتح منزلاً مستقلاً لي ولزوجتي.

أحب الناس وأحبهم أن يأتوننا في منزلنا، ولكن عند مجيئهم أجد صعوبة في إيجاد الكلام المناسب، وغالباً يطول الصمت في المجلس إذا كان أبي ليس حاضراً، أكره كثرة الكلام وأعلم أنها مزعجة وتوقع في الأخطاء، ولكن ما الحل في مثل هذه المواقف؟ الناس لن تحب مجلسك، والسبب الصمت! أليس كذلك؟ أعرف أن الأسئلة مشتتة، ولكني أتمنى منكم الإجابة عنها على حدة.

دمتم بخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdussalam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على التواصل معنا، ومعذرة على تأخر الجواب بسبب المرض.

في سؤالك جانبان، الأول يتعلق بالخوف من المستقبل، والثاني هو بعض المهارات الاجتماعية.

يكثر الخوف بأشكاله المختلفة عند الناس، وإن كانوا قليلا ما يتحدثون عنه بسبب الخجل أمام الناس، ونسمي عادة هذا الخوف بالخوف أو الرهاب (phobia)، وقد يكون الخوف من شيء محدد كالخوف من الليل والخوف من النوم منفردًا، أو الخوف من حيوان معين كالقطط، أو الكلاب أو غيرها، أو الخوف من الأماكن العامة أو المزدحمة، أو الخوف من المرض....

وهناك الخوف من أمور غير محددة كالشعور الغريب، وكأن أمرًا ما قد يحدث، أو الخوف من المستقبل وما يمكن أن تأتي به الأيام، وكما هو الحال معك، من القلق من الزواج ومسؤوليات الأسرة.

والعادة أن يبدأ الشخص الذي يعاني من الخوف بتجنب الأمور أو الأشياء التي يخافها، وإذا به يشعر أن خوفه هذا قد ازداد؛ لأن هذا التجنب لا يحل المشكلة، وإنما يزيدها قوة وعنادًا على العلاج.

ويقوم العلاج بشكل أساسيّ على مبادئ العلاج المعرفي السلوكي، وهو أفضله، ومضمون هذا العلاج هو الإقبال على ما تخافه وعدم تجنبه، وفي حالتك فالحل هو بترك الموضوع للأيام وما ستأتي به، وستلاحظ أنك ومن خلال خبرتك في الحياة قد بدأت ثقتك في نفسك بالقوة والتمكّن.

وأما الموضوع الثاني وهو ضعف بعض المهارات الاجتماعية من الحديث مع الآخرين.

ولعل ما ورد في سؤالك يتراوح بين الرهاب الاجتماعي، وبين ضعف المهارات الاجتماعية، وإن كان يبدو أنه الأول، وهو نوع من الارتباك والحرج في بعض المواقف الاجتماعية كالحديث مع الناس أو مواجهتهم.

والرهاب الاجتماعي حالة قد تبدأ فجأة، وأحيانا من دون مقدمات أو مؤشرات، حيث يشعر الشخص بالحرج والارتباك في بعض الأوساط الاجتماعية، وخاصة أمام الجمع من الناس وفي بعض المناسبات كالمجالس، وقد يشعر الشخص باحمرار الوجه، وتسرع ضربات القلب وتلعثم الكلام، بينما نجد هذا الشخص نفسه يتكلم بشكل طبيعي ومريح عندما يكون في صحبة شخصين أو ثلاثة فقط.

واطمئن ففي معظم الحالات، ينمو الشخص ويتجاوز هذه الحالة، وخاصة عندما يتفهم طبيعة هذه الحالة، وبحيث لا يعود في حيرة من أمره، وهو لا يدري ما يجري معه، فهذا الفهم والإدراك لما يجري، وأنه حالة من الرهاب الاجتماعي، ربما هي الخطوة الأولى في العلاج والشفاء.

ويفيدك أيضًا التفكير الإيجابي بالصفات والإمكانات الحسنة الموجودة عندك، وأن تحاول أن لا تتجنب المجالس والأماكن الخاصة التي تشعر فيها بهذا الارتباك؛ لأن هذا التجنب يزيد الأعراض ولا ينقصها، والنصيحة الأفضل أن تقتحم مثل هذه التجمعات المجتمعية، ورويدًا رويدًا ستلاحظ أنك بدأت بالتأقلم والتكيّف مع هذه الظروف الاجتماعية.

وفقك الله وحفظك من كل سوء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً