الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد تدخيني سجارة الماريجوانا أتتني تخيلات مخيفة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سادتي الأعزاء: قبل يومين مررت بموقف بعد أن قمت بتدخين القليل من الماريجوانا مع أحد أصحابي؛ لأنني كنت مستاء من أهلي، وقد تذكرت وفاة والدي الذي توفي قبل سنة، وكنت مكتئبا، وبعدما رجعت للبيت حصلت لدي حالة؛ حيث حصل عندي ضيق تنفس، وبدأ جسمي بالخدر.

بعدما تم نقلي بالإسعاف كنت على يقين بأنني سوف أموت؛ لأن التنفس وصل لمرحلة الانقطاع عندي، وكان المسعف يساعدني بالتنفس، ووضع لي الأوكسجين، وكان النبض عندي مضطربا لحد خطير؛ حيث إنني لما سألته: كم كان النبض؟ لم يقل لي، وأطفأ جهاز مراقبة النبض؛ حتى لا أرى كم كان النبض.

بعد وصولي للمستشفى بدأت بفقدان الوعي، وبدأ جسدي بالتشنج بقوة كأن روحي ستخرج من جسدي، وبعدها وجدت نفسي وكأن المستشفى كان هادئا، ولم يكن أحدا موجودا، واختفى كل الأطباء والمرضى، وكان المستشفى نظيفا، وكنت فقط أنا والسرير الذي كنت ملقىً عليه، وكنت قد شعرت براحة مما كنت فيه من صراع، وبعد ثوان صحوت مرة ثانية، وكان هناك بعض الممرضين يتكلمون معي، ويقولون لي: استمر بالتنفس بشكل بطيء. وكنت أطلب منهم أن يبقوا معي؛ لأنني لا أريد الموت، وكانوا يجيبونني: إنك لن تموت. إلا أنني تيقنت أن الموت قد قرب، وبدأت بالاستغفار والتعوذ، ومن ثم فقدت وعيي مرة أخرى، ورأيت نفسي في ذلك المكان الآخر.

في تلك المرة رأيت الممرضين وكانت أشكالهم بشعة، وكانت هناك امرأة سوداء الجسد، وكأن عليها أفاعي، وأحسست بأنها الشيطان، فصحوت مرة أخرى، ورأيت أن الفريق الطبي كانوا يعطونني بعض الحقن، ومن ثم بدأ نفسي بالبطء مرة أخرى، حتى رأيت نفسي ملقى على السرير وكأنني مت، ثم جاءت امرأة فشدت على يدي، فأخرجتني من السرير، وكانت تؤنبني وتقول لي: لماذا فعلت كل هذه الأشياء السيئة؟! وكأنني خفت من الحساب، وأن أدخل جهنم، وكنت على جنابة ذلك اليوم، وأعرف أن من يموت على جنابة لا يدخل الجنة، وأيضا لم تكن علاقتي بأمي على ما يرام، وكأنني قلت لها: إنني أريد رؤية أمي لآخر مرة. فقامت بإرجاعي على السرير، ثم قالت لي: استلق، واسترخ. حتى صحوت مرة أخرى. وكنت أيضا أفكر بأمي كل الوقت، وكأنني أريد أن ألاقيها لآخر مرة، وكلما صحوت أقول للأطباء: أريد أمي.

وهناك تفاصيل أخرى حصلت قبل أن أصحو ووجدت أمي، وكنت أبكي وأقول لها: إنني مت ورجعت للحياة.

أنا آسف جدا على إطالتي بالتفاصيل، ولكنني أحببت أن أعرف إن كنت قد مت حقا كما ظننت، أم أن هذه كلها هلوسة بسبب الماريجوانا؟

واليوم كلما تذكرت ما حصل أحس بضيق شديد، فأرجو منكم النصح لي، وأنا عربي الأصل، ساكن في أمريكا، ولست ملتزما جدا، ولكني بعيد عن الكبائر وأخاف الله، وفي نفس اليوم قبل حصول الحادثة تصدقت لفقير. وأحاول التوبة دائما.

بارك الله فيكم وأدامكم لنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كل ما حصل لك –يا أخِي الكريم– كان بسبب سيجارة الماريجوانا، ولم تعطنا تفاصيل منذ متى وأنت تتناول الماريجوانا؟ وكم هي عدد المرات التي تتعاطاها يوميًا؟ -وهلمّ جرًّا– لأن هذا مهمٌّ، ولكن على أي حال: ما حصل معك له علاقة وثيقة بتدخين الماريجوانا، والذي حصل لك يمكن أن نحصره في شيئين: نوبة هلع شديدة، وهذه واردة جدًّا ومذكورة مع تناول هذه المادة، وأنا نفسي عالجتُ كمية من المرضى أتتهم هذه المشكلة، وحتى بعد أن يتوقفوا عن تناول هذه المادة قد تستمر هذه النوبة لفترة عندهم، ولكن بعد ذلك تتعالج وتختفي.

كما أن تدخين الماريجوانا نفسه يؤدِّي إلى تغيرات في الإدراك، في تخيّل أشياء معينة، أو في الشعور بأنك كنت في موت، أو تتخيل أشياء وترى أشياء هي في الواقع ليست كذلك، وطبعًا الذي يموت لا يرجع إلى الحياة، كما تعرف –يا أخِي الكريم–، وأنت مسلم وتعرف ذلك جيدًا.

فالذي حدث لك تغيرات إدراكية، ونوبة هلع شديدة لها علاقة وثيقة بتدخين هذه المادة، وطبعًا كما ذكرت علاقتك السيئة مع الوالدة هي التي أدَّتْ إلى هذه الأحلام والخوف الشديد من العقاب، كما ذكرت أنك كنت على جنابة.

أول شيءٍ أطمئنك بأنك إذا توقفت -بل يجب عليك أن تتوقف من تدخين الماريجوانا من الآن- إن شاء الله تعالى سوف تختفي هذه الأشياء، حتى لو استمرت لفترة من الوقت، فإنك بمجرد التوقف سوف تتوقفْ هذه الأعراض تدريجيًا، أو تتلاشى أو تخف ولا ترجع، هذا بخصوص نوبة الهلع، أما تغيرات الإدراك فتختفي مع التوقف عن التدخين مباشرة، كما أوصيك –أخِي الكريم– أن تلتزم التزامًا دينيًا صارمًا، تب إلى الله، وحافظ على الصلوات وقراءة القرآن والذكر، فهذا هو الحصن المنيع ضد كل المخاوف والقلق.

وفَّقك الله، وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً