الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد تحسني الملموس من القلق دخلت في حالة الشرود الذهني

السؤال

السلام عليكم

أنا صاحب الاستشارة رقم (2296259)، قبل الشروع في سرد استشارتي أود أن أوجه شكراً خاصاً للدكتور محمد عبد العليم، راجياً المولى عز وجل أن يطيل له في عمره، وأن يبارك له في ذريته، وأن يرزقه الجنة على ما يبذله من جهد في سبيل تفريج كرب المسلمين، وداعياً الله أن يجعلني مثله، وأن يقدرني على مساعدة الناس وعلى فعل الخير.

أود إخباركم أن حالتي قد تحسنت بشكل ملحوظ، حيث رجعت إلي شهيتي للأكل، وخفت وطأة القلق، كما أن الوساوس حول الانتحار والجنون لم تعد مطبقة علي، وعندما تأتيني أحتقرها وأستخف بها.

نومي قد تحسن ولم أعد أجد صعوبة في الدخول فيه، لكني أصبحت أستيقظ بغير إرادتي باكراً، لأجد نفسي أمام مسلسل من الأفكار حول ما حدث ويحدث لي.

ما يحيرني هو أني قد دخلت في مرحلة عجيبة غريبة من الشرود الذهني، لا أستطيع وصفها، وأخاف معها أن أفقد السيطرة على عقلي؛ حيث إني أصبحت أستغرب من نفسي وأحس أني منفصل عن الواقع، والله إنني أحس كأنني في حلم، وأن الدنيا والناس هم مجرد خيال، وأن شيئاً ما بداخلي قد تغير، لا أعلم ما هو بالضبط!

هذا يجعلني في حالة من الكدر والضيق في الصدر، لا أعتقد أنه يصل لحد الاكتئاب، حيث إنني أمارس حياتي بشكل عادي، أضحك وأذهب للدراسة، وأختلط بالناس، وأتعرف على أناس جدد، وباختصار إنني أبدو جداً عادياً، ظاهرياً، لدرجة أنني عندما حكيت لأحد أصدقائي عن هذا أعتقد أنني أمزح وأخبرني أنه لم يلاحظ شيئاً أبداً، لم يستطع التصديق!

دماغي لا يكف ليل نهار عن تحليل ما يحدث لي، وعن توقع مآلات سيئة للتجربة الغريبة التي أمر منها، وعن التفكير في ما سيمكن أن يحدث لي تفكير سلبي، هل هذه بداية مرض عقلي أو جنون؟ وهل سبق وأن سمعتم بمثل حالتي؟ وهل علاج هذا ممكن؟

أعاني أيضاً من صداع يأتيني أحياناً، وأحس بشد في رأسي، وسرحان، ومن ألم وضيق في الصدر، وطنين بالأذن، وضعف رهيب في الذاكرة رغم أني كنت معروفاً عند الكل بذاكرتي الحديدية، فهل هذه الأعراض سببها عضوي أم نفسي؟!

يا دكتور إن عمر التجربة النفسية التي أمر منها هو شهر وثلاثة أسابيع فقط، لكني أشعر وكأنها سنوات طوال، وأصبح جل ما أتمناه أن أعود طبيعياً كما كنت، أصبحت أفتقد ذلك الشخص السعيد الخالي من الهموم الذي كنت، والحمد لله على كل حال.

بالنسبة للدواء أود أن أطلعكم على أنني لم أتناوله xanax سوى خمسة أيام، ولم أتناول السبرالكس، لأنني لم أجده هنا بالمغرب، هل أبحث عنه تحت اسمه العلمي أم أخبر عمتي بأن تبعث لي به من السعودية أم إنني في حاجة لدواء آخر؟

بالنسبة للرياضة، بدأتها اليوم، وتمارين الاسترخاء مارستها لأسبوع، ولم أنتظم عليها، وأرجو أن يكون جوابكم مفصلاً، وأن يتطرق لجميع الأمور التي وردت في رسالتي، والله إني في حاجة ماسة لنصحكم وإرشادكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصعب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا على كلماتك الطيبة هذه، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.
قطعًا - أيها الفاضل الكريم – ما تعاني منه هو قلق نفسي، القلق هو الذي يؤدِّي إلى هذا الاستحواذ الفكري والشرود وتسابق الأفكار، ويؤدي بالفعل إلى حالة من الضيق لا تصل لمرحلة الاكتئاب الحقيقي، هذه التجربة الغريبة التي تمر بها هي تجربة قلقية، والضعف الرهيب في الذاكرة هو ناتج من تطاير الأفكار وتداخلها، حيث إن القدرة على التركيز والإجادة والتمعُّن في الفكرة الواحدة مفقود نسبةً للقلق.

إن شاءَ الله تعالى أنت لست على أعتاب الجنون أو الفصام أو شيء من هذا القبيل، الحالة حالة قلقية، وبرامجك العلاجية برامج ممتازة، ومن الواضح أنه لديك إرادة التحسُّنِ، وهذا قطعًا سوف يفيدك ويفيدك كثيرًا جدًّا.

بقي العلاج الدوائي: أنا أعتقد أنك حين تتناول الدواء كل الذي بك سوف يزول، بشرط أن تواصل في نفس برامجك السلوكية الإيجابية.

أيها الفاضل الكريم: إن وجدتَّ الـ (سبرالكس Cipralex) في المغرب فهذا أمر جميل، وإن لم تجده لا داعي لأن تجلبه من السعودية، يمكن أن نصف لك دواء بديلاً، فالمغرب موجود به عقار (باروكستين Paroxetine) والذي يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات Seroxat)، هذا سيكون بديلاً جيدًا، وبديلاً نافعًا جدًّا، والزيروكسات على وجه الخصوص منه مستحضر يعرف باسم (يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات Seroxat CR) أراه سوف يكون مناسبًا لك جدًّا.

ابدأ في تناوله بجرعة 12.5 مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم اجعلها 12.5 مليجراما يوميًا لمدة شهرٍ، ثم 12.5 مليجراما يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

إذًا بديل السبرالكس إذا لم تجده تحت مسمى تجاري مثلاً – كما تفضلتَ – يكون بديله الباروكستين/زيروكسات CR.

اجتهد في تمارين الاسترخاء، فهي ذات منفعة كبيرة جدًّا، وأنا سعيد أنك بدأت ممارسة الرياضة، وقطعًا سوف تعود عليك -إن شاء الله تعالى- بخير وفير.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً