الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخوف منذ صغري، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم
بارك الله فيكم على مجهوداتكم، وأحبكم في الله.

أنا شاب أعاني من خوف غير اعتيادي منذ صغري، فعندما أتعرض لموقف بسيط أصاب بقشعريرة غريبة في جسمي، وبالأخص في شعر رأسي، لا إرادياً، لا يلاحظ أحد ما أنا فيه.

كما أعاني من ظهور الشيب في شعر رأسي ولحيتي، وبدأ يظهر في شعر الحاجب، وأعاني أحياناً من تغير المزاج، وأشعر بالتردد في أخذ قرارات ولو يسيرة.

ذهبت للطبيب وطلب مني تحاليل، منها تحليل الدم والغدة الدرقية، وكلها سليمة، غير أن الكلسترول مرتفع بشكل كبير، وأخذت العلاج، -والحمد لله- مع أني نحيف نوعاً ما، ولا أهوى الدهنيات، وفي هذه الأيام أتأثر كثيراً بالشمس والجو الحار، ولم أكن كذلك في السابق، وأفكر في الزواج، وأتردد كثيراً، فما تشخيصكم لحالتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الأمين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

لديك مخاوف بسيطة مكتسبة منذ الصغر - كما تفضلت وذكرت - وإشكالية المخاوف التي تُكتسب من الصغر يتهيأ صاحبها ويتخيل أنها دائمًا سوف تكون معه، ويكون لديه ما يُسمى بالقلق والوسواس التوقعي أو الاستباقي، يعني أنه يحتمل ويتوقع ويُهيئ نفسه أنه سوف يكون دائمًا في هذه الحالة من حالات القلق والتوتر والخوف!

هذا ليس صحيحًا - أيها الفاضل الكريم - الخوف أيًّا كان نوعه وأيًّا كانت مرحلته، وأيًّا كان العمر الذي حدث فيه، هو أمرٌ مكتسب، ليس هناك إنسان يُولد وهو خائف، هذا غير موجود، اكتسبتَ هذا الخوف نسبةً لنوعٍ من التخويف الذي حدث لك في فترة الصغر، وأصبح مترسَّخًا في كيانك، إذًا هو مرتبط بحدث، إذًا هو متعلَّم، إذًا هو مكتسب، ويمكن أن يُفقد، الشيء المكتسب يُفقد ولا شك في ذلك.

أيها الفاضل الكريم: حقِّر فكرة الخوف هذه، ولا تهتمَّ بها أبدًا، ولا تربطها بالماضي، والحمدُ لله تعالى أنت تفاعلاتك الفسيولوجية ليست كثيرة، ظهور الشيب وخلافه ربما يكون مرتبطًا بالعوامل الوراثية، وفي بعض الأحيان المخاوف الشديدة قد تؤدي إلى ظهوره مبكرًا، لكن بالنسبة للإنسان الذي أصلاً لديه استعداد، فلا تنزعج لهذا الموضوع.

بالنسبة لفحوصاتك: الحمدُ لله كلها جيدة، ما عدى ارتفاع نسبة الكولسترول، وارتفاع نسبة الكولسترول في مثل عمرك قد تكون هنالك عوامل وراثية لعبتْ دورًا في ذلك، فأرجو أن تهتم بهذا الموضوع، وأن تُعيد فحص الكولسترول بعد شهرين مثلاً، وإذا ظلَّ مرتفعًا لابد أن تأخذ العلاج، ويجب أن تنصح بقية أفراد أسرتك بأن يقوموا بفحص الكولسترول والدهنيات، لأن العوامل الوراثية تلعب دورًا كبيرًا في ارتفاع الدهنيات في الأعمار الصغيرة.

التردد الذي تُعاني منه هو نوع من الميول الوسواسي المرتبط بقلق المخاوف البسيط الذي تعاني منه، وأنا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي بسيط، سوف يُساعدك كثيرًا.

الدواء الذي أرشحه في مثل هذه الحالات هو عقار (زولفت) والذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين)، دواء رائع جدًّا، أنت تحتاج له بجرعة صغيرة، وهي نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - يتم تناولها ليلاً لمدة أسبوع، ثم تجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء ليس فيه آثار جانبية كثيرة، فقط ربما يفتح الشهية للطعام، وبالنسبة للمتزوجين ربما يؤخر القذف المنوي عند الجماع، لكن لا يؤثِّر أبدًا على الصحة الذكورية والإنجابية للرجل، دواء ممتاز، دواء رائع، وسوف يساعدك كثيرًا، ولا يُسبب الإدمان قطعًا، والجرعة التي وُصفت لك جرعة صغيرة، وإن أردتَّ أن تستشير الطبيب الذي يُعالجك هذا أيضًا جيد - حتى وإن كان طبيبًا عموميًا - وإن أردتَّ أن تذهب إلى طبيب نفسي لا بأس في ذلك، وإن كنتُ أرى أن حالتك لا تتطلب ذلك.

عليك بالإقدام على الزواج بلا تردد، واسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة، ودائمًا الاستخارة تُفيد في مثل هذه الأمور، وقطعًا عقار (زولفت) سوف يُقلل نسبة التردد التي تعاني منها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً