الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأتيني أفكار بأن أعمالي فيها رياء، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

بعد عودتي من الكلية نمت قليلا، فجأة استيقظت مفزوعة وكأنني أصارع الموت، قلبي ينبض بشدة، مع فزع وخوف، رغم أني لم أر أي كابوس، صرت بعد ذلك أخاف من الموت بشدة لدرجة أني لم أعد أنام في الليل إلا سويعات قليلة.

تراجعت في دراستي بعد أن كنت من المتفوقات، بعد مضي شهر وأنا على هذا الحال حلّ شهر رمضان، وشفيت بنسبة كبيرة -والحمد لله- إلا أن الأرق لم أستطع التغلب عليه، بعد رمضان لم أعد أخاف الموت كثيرا، حتى الأرق لم أعد أعاني منه كثيرا، إلا أني أصبحت لا أحس بطعم السعادة حتى الأشياء التي تسعد الناس لا أحس بها، أصبحت أتساءل لِمَ يفرح الناس هكذا، وأنا أخاف من كل شيء من المستقبل، من فقدان أمي وأبي؟ أخاف أن لا يرضى الله عني.

علمًا أني أصلي -والحمد لله- وأحاول جاهدة أن أجتهد في عباداتي إلا أنه تأتيني بعض الأفكار السلبية، كأن أعمالي بها رياء، لم أعد أفهم ما بي! وهل سأعود كما كنت متفائلة وناصحة للناس؟

ساعدوني في تشخيص حالتي، وما العلاج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونرحب بك في الشبكة الإسلامية.

الاستيقاظ المفاجئ وأنتِ مفزوعة غالبًا يكون نتج من نوبة فزع أو نوبة هرع، وبالفعل يحسُّ فيها الإنسان بتسارع شديد في ضربات القلب وخوف، وكأن المنية قد دنت والموت قد قرب، فالذي حدث هو نوبة هرع، والذي يظهر لي أنه لديك في الأصل قابلية واستعداد لقلق المخاوف، والتساؤلات التي تُسيطر على كيانك هي تساؤلات وسواسية، ودائمًا القلق والخوف والوساوس متلازمة، يعني أنها ذات نشأة واحدة، فقط هي متفرِّعة، لكن في سبعين بالمائة من الناس نشاهدها مع بعضها البعض.

إذًا تشخيص حالتك هو قلق المخاوف الوسواسي، لكنّه بفضلٍ من الله تعالى من الدرجة البسيطة، ومعظم هذه الحالات تنتهي تلقائيًا، فتجاهلي الأعراض، لا تهتمي بها، استثمري وقتك بصورة ممتازة بحيث ألا يكون هنالك فراغ زمني أو فراغ ذهني، ترتيب الوقت، حُسن إدارته، والانشغال بما هو مفيد يزيح وبصورة ممتازة قلق المخاوف الوسواسي.

وبالنسبة للتساؤلات التي تسيطر عليها: هذه يتم تجاهلها وتحقيرها، لا تجاوبي عليها أبدًا، واجهي الفكرة وقولي: (هذه فكرة وسواسية حقيرة، لن أعيرها أبدًا اهتمامًا).

من خلال هذه الإرشادات البسيطة يمكن التحكّم في أعراضك بدرجة جيدة جدًّا، لكن في بعض الأحيان يحتاج الإنسان لتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، هنالك أدوية ممتازة جدًّا، أنا لا أحب أن أصف أدوية كثيرة، دواء واحد سيكون كافيًا، بشرط أن يكون عمرك أكثر من عشرين عامًا، إذا لم يكن عمرك كذلك فأفضِّل أن تذهبي إلى الطبيب، خاصة الطبيب النفسي.

من أفضل الأدوية الممتازة والفاعلة هو العقار الذي يسمى (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريًا (زولفت) أو (لسترال)، وربما يكون له مسميات أخرى في المغرب، الجرعة في حالتك هي حبة واحدة في اليوم، والجرعة القصوى هي أربع حبات في اليوم، لكن لا أراك في حاجة لهذه الجرعة، يمكن أن تبدئي بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعليها حبة واحدة ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام أخرى، ثم تتوقفي عن تناوله.

الدواء لا يُسبب الإدمان، وهو سليم، وليس له أثر سلبي أبدًا على الهرمونات النسائية، فقط ربما يفتح شهيتك قليلاً نحو الطعام.

إذًا طبقي ما ذكرته لك من إرشاد، وتناولي ما ذكرته لك من علاج دوائي، إذا كان عمرك أكثر من عشرين عامًا أو أكثر، وإن كان أكثر من ذلك ولم تتحسَّني على الإرشادات السلوكية فأرجو أن تذهبي إلى الطبيب ليصف لك الدواء كما ذكرتُ لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً