الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بمخاوف متنوعة بعد أن تعرضت لنوبة هرع!

السؤال

السلام عليكم.

وفقكم الله وجزاكم الخير والإحسان.

لدي أعراض قد تكون غريبة، وتطلب الأمر مني شجاعة حتى أحكيها لكم، فأنا أعاني وبشدة حتى أصبحت أبكي كل يوم بسبب حالتي.

منذ 4 أعوام أصبت بنوبة خوف مع إحساس قوي بخروج شيء من أسفل بطني إلى أعلى صدري، مع ضيق في التنفس حاد، وسرعة ضربات القلب، فذهبت للطبيب وقتها، ولم يجدوا شيئا، بعدها بأيام عادت مرة أخرى، ولكن مع مزاج لم أشهده من قبل، تم تشخيص حالتي بأني مصابة بالملاريا، وأنا أعلم أنه تشخيص خاطئ، ووصفوا لي بعض الإبر، وكانت نفسيتي سيئة جدا، لم أكمل 4 إبر في وقتها، ومن ساعتها وأنا من حال إلى حال، سنة أكون لا بأس، وأخرى أكون في عالم آخر، وأعراضي هي:

خوف من الأمراض، فعند قراءتي عن مرض ما أشعر فجأة بأني أعاني من هذ المرض، وتسوء حالتي أكثر، البارحة قرأت عن حالة ظهور طبقة بيضاء في اللسان، وأن الحالة قد تشير إلى مرض خطير، الأمر الذي جعلني أقوم بفزع من وسادتي، كما وينتابني ضيق في التنفس من أقل مجهود أقوم به.

إضافة لذلك فأنا أتجنب التجمعات، وقد مضى علي 8 أشهر دون خروج من البيت، وأعاني أيضا من قلة النوم بسبب التفكير السلبي والخوف والقلق، وكذلك أعاني من ألم في ظهري وجسدي، وهواء وبلغم، وصعوبة في التحدث، وأعاني من نحافة مفرطة، وسخونة في الجسم، وبرودة في الأطراف، مع تعرق في بعض الأحيان، فهل يا دكتور لدي مرض خبيث أو مرض يمكن علاجه؟

كما أني لم أتناول دواء نفسيا أبدا حتى الآن، بالرغم من أني مصابة بهذا الداء منذ 4 أعوام، وأخاف من الذهاب إلى المستشفى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ناهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

كنتُ أتمنى أن تذكري عمرك، لكن يظهر لي أنك في سنوات الشباب.

الأعراض التي تحدثت عنها –أيتها الفاضلة الكريمة– واضحة جدًّا، الذي حدث لك في بداية الأمر هو نوبة هرع، أو نوبة خوف، وكانت معها أعراض جسدية متعلقة بالجهاز الهضمي، وذهابك للطبيب وتشخيص حالتك أنك تعانين من الملاريا: هذا أمر كان يجب التحفظ منه، لأن الملاريا أعراضها واضحة جدًّا، وتأكيد تشخيصها يتم عن طريق فحص الدم.

عمومًا لا أعتقد أن هنالك أضرارا حقيقية حدثت لك من علاج الملاريا، الذي أراه أن نوبة الفزع هذه التي أصابتك في أول الأمر، نتج عنها مخاوف ووساوس متتالية، وربما يكون أصلاً لديك قابلية للخوف والتوتر والوسوسة، والخوف من الأمراض أصبح شائعًا في زماننا –أيتها الفاضلة الكريمة–؛ لأن الأمراض قد كثرت، والفحوصات الطبية قد تطورتْ، والمعلومات الطبية حتى وإن توفَّرت لكن هنالك الكثير من المغالطات وعدم الدقة، وموت الفجاءة كثر... وهكذا.

فإذًا المحيط العام والبيئة العامة للناس تُشجع حقيقة لبزوغ وظهور المخاوف المرضية، فأرجو أن تطمئني –أيتها الفاضلة الكريمة–، وهذه هي الرسالة الأولى التي أودُّ أن أوجِّها إليك.

الرسالة الثانية: لا تترددي على الأطباء، بل عيشي حياة صحية، والحياة الصحية تتطلب: أن تمارسي الرياضة، أن يكون غذاؤك متوازنًا، أن تُديري وقتك بصورة صحيحة، أن تنامي النوم الليلي الصحيح، وتبتعدي عن النوم النهاري، أن تحرصي على عباداتك، وأن تكون صلاتك في وقتها، الحرص على الأذكار –خاصة أذكار الصباح والمساء والأذكار الموظفة-، وأن تكون لك أنشطة منزلية، والحرص على بر الوالدين، وبناء نسيج اجتماعي ممتاز. هذه هي الحياة الصحية الطيبة الجميلة، وهي قطعًا تصرف انتباهك تمامًا عن الانشغال بهذه الأعراض المرضية.

وأنا حين ذكرتُ لك يجب عدم التردد على الأطباء لا أريد أبدًا أن أحرمك من الرقابة الصحية، لكن أعرف أن التردد على الأطباء فيه ضرر كثير في بعض الأحيان، والذي نطلبه هو أن يذهب الإنسان مرتين إلى ثلاثة في السنة لطبيب يثق فيه، ففي كثير من الدول مثل بريطانيا مثلاً يُعتبر طبيب الأسرة الموجود في عيادته هو المعالج الرئيسي للأسر، والناس تذهب إليه من أجل إجراء الفحوصات الدورية، وهذا قطعًا يبعث الكثير من الاطمئنان في نفوس الناس.

فأرجو أن تُرتّبي شيء من هذا القبيل، وهذا سوف يفيدك.

أنت لم تتناولي أي دواء فيما سبق، لكنك الآن تحتاجين لدواء، دواء واحد مضاد لقلق المخاوف، وأعتقد أن عقار (سبرالكس) سيكون هو الأفضل، لأنه الأنقى والأفضل، لكني أريدك أن تذهبي إلى طبيب نفسي حتى تطمئن نفسك، وسوف يؤكد لك الطبيب –إن شاء الله– على تناول الدواء، مع الإرشادات السابقة التي ذكرتها لك.

إذا أردت أن تتناولي الدواء دون أن تذهبي إلى طبيب –إذا كان عمرك أكثر من عشرين عامًا– فلا بأس في أن تتناولي الدواء دون أي إشكالية، وجرعة صغيرة سوف تكفيك، ابدئي السبرالكس بجرعة خمسة مليجرام –أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات– تناوليها بانتظام لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الدواء دواء رائع، ومفيد جدًّا، ليس له آثار جانبية، فقط في بعض الأحيان قد يفتح الشهية قليلاً نحو الطعام لدى بعض الناس، ولكنّه ليس إدمانيًا، ولا يؤثِّر على الهرمونات النسائية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً