الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صعوبة في التعامل مع الناس وعدم قدرة على مواجهتهم!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعراض التالية تظهر علي، وبعضها أشعر بها:

1- لا أستطيع أن أصلي جماعة بالمسجد أو أي مكان آخر.
2- لا أستطيع أن أتناول الطعام مع أشخاص آخرين.
3- إذا كنت أمشي بالشارع أو عندما أقوم بأي شيء ويكون بنفس الوقت هناك أي شخص، فعند مجرد رؤيتي له بالصدفة يُدقق نظره فيّ، أنفعل وأفقد تركيزي بسرعة.
4- أجد صعوبة بالتعامل مع الناس وقت المناقشة معهم ، وخاصة بعض الناس العصبية، مثلاً عندما أريد أن أقنع شخص بموضوع ما لا أستطيع أن أتحدث إليه بشكل متواصل بجدية، على الرغم من أني أكون مدرك ما أريد أن أقول له.
5- إذا أراد أي شخص أن يفهمني شيئا وأطال النظر لوجهي وهو يحدثني، لا أحتمل وأنفعل بسرعة، والانفعال هذا على شكل استهتار وانبساط زائد، فيلاحظ الشخص الذي يفهمني هذه الأعراض علي ويعتقد أني أسخر منه ومن كلامه وأستهتر، وأنا بالأصل لا أستطيع أن أسيطر على حالي مهما حاولت.

ملاحظات:

عمري 25 سنة، شاب ذكي وعاقل ومحبوب، ولا أحب المشاكل، ولا أتعاطى الإترمال أو الدخان أو أي نوع من المحظورات، وأحب العمل الجماعي والناس، ولكن حالتي أدت لعجزي أن أشتغل وأمارس حياتي بشكل طبيعي نتيجة انعزالي وانطوائي عن الناس منذ صغري.

ما العلاج المناسب لمشكلتي؟ وإذا كان هناك دواء ما تركيبته العلمية وليس التجاري -أي اسمه بشكل دقيق- حتى أستطيع أن أجده بالصيدليات في فلسطين - قطاع غزة؟

وأخيراً: ما الجرعة المناسبة لأتناولها؟

بارك الله فيكم، ولا تنسوني من الدعاء بصلواتكم لكي يشفيني الله ويشفي جميع المرضى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

رسالتك واضحة جدًّا، أنت لديك خوف اجتماعي من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة، وأعتقد كل الذي تحتاجه هو تحقير فكرة الخوف، واستبدالها بالاقتحام وإقحام نفسك فكريًا وفعليًا في المواقف التي تحسّ فيها بالخوف، وأريدك أن تُصحح مفاهيمك - وهذا أمر مهم جدًّا - أن لا أحد يراقبك، لا أحد يُلاحظك، ما تحسّ به من خوف داخلي وتغيرات فسيولوجية جسدية هي تجربة خاصة بك أنت، هذا أمر مهم جدًّا.

والحرص على صلاة الجماعة أمر مهم وضروري، وهو علاج أساسي للخوف الاجتماعي، فيا أخي الكريم: لا تترك للشيطان مساحة يتلاعب فيها، واعرف أن هذه المساجد هي بيوت الله، فيها الرحمة، وتغشاها السكينة، وتحفُّها الملائكة، وتصلِّ على مَن فيها، وتدعو لهم وتقول: (اللهم اغفر له، اللهم ارحمه) وهو في صلاة ما دامت الصلاة هي تحبسه، ولا يخطو خطوة إلا رُفع له بها حسنة، وحُطتْ بها عنه سيئة، فلا يوجد أمان، ولا توجد طمأنينة كما توجد في المسجد، وأنصحك بأن تبدأ بالصفوف الخلفية، ثم تتدرَّج تدريجيًا وتتقدم الصفوف، حتى تكون خلف الإمام، بل أريدك أن تضع تصورًا ذهنيًا معرفيًا أنك ربما تحتاج أن تنيب عن الإمام إذا طرأ عليه طارئ.

فيا أيها الفاضل الكريم: هذا التخطيط النفسي الدقيق إذا اتبعته سوف تتحسَّن جدًّا، ومن الطبيعي جدًّا أنك حين تقوم بما لا تقتضيه نفسك أو لا تُفضِّله نفسك سوف تحسّ بشيء من القلق، شيء من الزيادات في إفراز مادة الأدرينالين داخل الجسم، فإذًا لا بد أن يكون هنالك قلق عند المواجهة، وهذه ظاهرة ممتازة جدًّا، لكن لا تهرب من الموقف، أصر عليه إصرارًا شديدًا.

بالنسبة لتناول الطعام مع الآخرين - أخي الكريم - هذا أمرٌ سهل، ابدأ بأهل بيتك، بعد ذلك أصدقائك، وسمِّ الله دائمًا واحمد الله دائمًا عند نهاية الطعام، فالله تعالى يُحب من الرجل أن يشرب الشربة فيحمده عليها، ويأكل اللقمة فيحمده عليها. هذه كلها روابط إيجابية تساعدك على التخلص من الخوف الاجتماعي.

التعامل مع الناس سهل جدًّا، مثلاً ممارسة رياضة جماعية كرياضة كرة القدم مع بعض الأصدقاء، هذه سوف تجعل أمر التخوف الاجتماعي قليلاً جدًّا.

بالنسبة للنقطة الخامسة: أخي الكريم: ضع نفسك مكان الشخص الذي يُخاطبك، وبهذا الاستبدال الفكري تستطيع أن تقنع نفسك أن الإنسان يجب أن يكون منضبطًا في مثل هذه المواقف الاجتماعية.

أريدك أن تنخرط في أي نشاط اجتماعي، في فلسطين توجد أنشطة اجتماعية، وأعمالٍ خيرية ودعوية، من خلالها يمكن أن تطور مهاراتك وتبني شخصيتك بناءً إيجابيًا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم أبشرك -أيها الفاضل الكريم- توجد أدوية وأدوية فاعلة جدًّا. عقار (باروكستين) وهذا اسمه العلمي، سيكون دواء مثاليًا جدًّا لك. الباروكستين أحد أسمائه التجارية المشهورة (زيروكسات)، لكن قد تجده تحت مسمى آخر في فلسطين، ابدأ بتناوله بجرعة نصف حبة - أي عشرة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرين مليجرامًا - استمر على هذه الجرعة البسيطة لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة، ويفضل تناولها بعد الطعام ليلاً أو نهارًا، استمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين يوميًا، يمكن أن تتناولها كجرعة واحدة، وهذه هي الجرعة الوسطية المفيدة في حالتك، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك انتقل إلى الجرعة الوقائية، وهي حبة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

ويمكن تدعيم عقار (باروكستين) بعقار آخر أيضًا متوفر في فلسطين يُسمى (ديناكسيت) تناوله بجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

هذه الأدوية سليمة وفاعلة، وأسأل الله أن ينفعك بها.

طبق التعليمات والإرشادات السلوكية وتناول الدواء كما وصفنا لك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً