الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بتأنيب الضمير ونفسي تلومني بشكل كبير!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأشكر جهودكم التي تقدمونها، وأسأل الله أن يجعلها في موازين حسناتكم.

أنا شاب عمري 28 سنة، ملتزم في الدين نوعاً ما، واجهت مشكلة منذ ثلاثة أشهر ونصف، هزت نفسيتي وزعزعتها، فأصبت وقتها بالهلع والخوف والقلق والأرق، ثم تحسنت حالتي منذ ذهابي لطبيب نفسي، وصف لي فيلا فاكسين (فكسال) 75 ملجرام، وميرزاجن، وكويتا، وأولازين، تحسنت حالة القلق، والنوم تحسن نوعا ما، أجريت تحليلاً لفيتامين د، كان به نقص حاد (8)، ومنذ فترة لا أشعر بطعم الحياة، وأصبحت منعزلاً عن الجميع، ولا أزاول نشاطاتي اليومية كما كنت، ولم أعد أحبها كالسابق، ليس هناك شيء يثيرني أو يشد انتباهي، وأشعر أنني أجامل الناس في الحديث، حتى الضحكة تصدر مني بمجاملة.

أحاول الخروج من هذه الحالة بالتفكير في العمل، أو أي نشاط عائلي، لكنني أواجه صعوبة مع مشاعري، وأنا متوقف عن العمل قبل الصدمة، وسأطرح لكم الموقف الذي صدمني:

قبل ثلاثة شهور ونصف طبعا أتتني إضافة من شخص لا أعرفه في الاسكايب، وليس لي علاقات جنسية مع الجنس الآخر، فقام الشخص بعرض فيديو مخل لفتاة، وأنا مصدوم مما أشاهده، ثم سولت لي نفسي، وأغواني الشيطان والفيديو بعد ما طلب مني أن أكشف ما سترته، وفعلت ذلك، علما أنني لست من هذا النوع، ولكن نفسي ضعفت لأول مرة في حياتي، وتم بعد ذلك تسجيل فيديو لي، وتم تهديدي بأن أدفع له مبلغاً من المال، فرفضت ومسحته من قائمتي، ومنذ ذاك اليوم إلى الآن وأنا بحال ليس طبيعي، -والحمد لله- أن الله ستير، وأنا مؤمن بالله وموقن به، ولكنني أشعر بالكآبة، وتأنيب الضمير، والضيقة، وبعض الوساوس، وأسأل الله أن يحفظني وإياكم والمسلمين، ويجبر كل مكسور، فما توجيهكم لي؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عادل حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي الكريم: الذي أراه أن شخصيتك حسَّاسة بعض الشيء، ولديك ميول للقلق وسرعة التأثُّر، لذا أُصبتَ بنوبات الخوف والهلع والقلق التي تعاني منها، وهذا صحبه بعض المزاج الاكتئابي، والطبيب -جزاه الله خيرًا- قد وصف لك الأدوية، وهي أدوية فعّالة، استفدتَّ منها كثيرًا.

أخي: بالفعل الحادثة التي مررت بها ليست سهلة من حيث قيمتها النفسية، هذا الشخص قام باستغفالك، وما حدث أدَّى إلى ما نسميه بعدم القدرة على التكيُّف، دخلتَ في موضوع هو مُخالفٌ تمامًا لمنظومتك القيمية والأخلاقية، وهذا قطعًا أدَّى إلى نوعٍ من تأنيب الضمير وسيطرتْ عليك نفسك اللوامة لدرجةٍ كبيرةٍ، وحدث الآن ما تعاني منه، لكن تسلُّط النفس اللوامة هو شيء إيجابي، لأنه يضع الإنسان في مساره السلوكي الصحيح، وقد أقسم الله تعالى بها لعظم شأنها فقال: {ولا أقسم بالنفس اللوامة}، -وإن شاء الله تعالى- تستفيد ممَّا حدث كثيرًا، فالأمر قد قُضيَ، فعليك بالاستغفار، والاستغفار علاج عظيم لمثل هذا الذي حدث، وعش الحياة بقوة، ابنِ علاقات اجتماعية راشدة، نظِّم وقتك، من المهم جدًّا أن يكون لك تفاعل إيجابي في محيط العمل، وتطوير المهارات، والالتزام بالواجبات الاجتماعية.

أخي الكريم: هذا كله علاج مهمٌّ جدًّا، يؤدي إلى زوال القلق والخوف والوسوسة، ويعطيك ثقة عظيمة جدًّا بنفسك، فاحرص على ذلك، وأنا أرى أنك في هذه الفترة يمكن أن ترفع الفكسال -وهو الفلافاكسين- إلى مائة وخمسين مليجرامًا يوميًا، مائة وخمسين مليجرامًا هي الجرعة العلاجية الجيدة، تناول هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، بعدها ارجع لجرعتك الأصلية، وهي خمسة وسبعين مليجرامًا يوميًا، والتي أعتبرها جرعة وقائية.

أخي الكريم: اسعَ لأن تكون شخصًا إيجابيًا في كل شيءٍ، وهذا -إن شاء الله تعالى- يُعطيك شعورًا إيجابيًا بالكفاءة النفسية السليمة، الوسواس دائمًا يجب أن يُحقَّر، لا يُتبع، ولا نفكّرُ فيه كثيرًا، ونصرف انتباهنا عنه.

بارك الله فيك وجزاك خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً