الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من دقات سريعة في القلب وعدم انتظامها، مع ضيق التنفس، ما السبب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 19 سنة، أعاني منذ زمن طويل من توتر مستمر، وخوف كبير جدا من الأمراض الخطيرة، والموت، وأتوقع أن أصاب بها، عانيت منذ ثلاث سنوات من دقات قلب سريعة غير منتظمة، مع ضيق تنفس، فخفت جدا، وهرعت للحكيم، أجرى لي تخطيطا وصورة أيكو للقلب، وكانت كلها سليمة.

ومنذ ذلك الوقت وأنا أخاف جدا من أي عارض بسيط يأتيني، فهذه هي السنة الأولى لي في الجامعة، تخصص طب، وكانت الجامعة بعيدة عن البيت، وكنت لا أرى أهلي إلا قليلا، وازدادت علي المسؤوليات، فعانيت من ألم في الرأس كالشد، لا يزول بالمسكنات، وبعدها بأسبوع ونصف زال.

كما كنت أعاني من قلة النوم بسبب كثرة الامتحانات الهائلة لفترة طويلة، وبعدها سافرت مباشرة، ثم عانيت من دوخة وعدم اتزان، وأحيانا أحس بنشفان الأنف، وانسداد الأذنين مع بداية الشتاء، وآلام تشنج الرقبة، أجريت فحصا للدم، وكانت النتائج ممتازة، مع نقص فيتامين د، وكانت تأتيني حالات شديدة جدا من الاكتئاب، والتوتر, والخوف، وخصوصا مع ضغوطات الجامعة.

الآن في العطلة سافرت إلى بلد بارد جدا، ومنذ أن خرجت في المدينة خلال عاصفة، كنت ألبس جاكيت سميك من الفرو والقطن، فتبلل من المطر، وكان الهواء قوي جدا، فأصبحت أعاني من دقات قلب غير منتظمة، وضيق تنفس، ورفة بالقلب، ودوخة بسيطة تزداد وتذهب، وصداع غريب بشكل خفيف، وكأن هناك من يقرص رأسي من الداخل، أو كلسعات خفيفة، أو شيء مزعج.

أحيانا أشعر أن رأسي يتشنج ويرتخي في لحظات قصيرة، وأحس بنبض في الرأس، ذهبت لطبيب العيون، وقال لي: لدي ضعف في النظر، في العين اليمين أكثر من الشمال، وقال أن هذا الفرق يسبب كثيرا آلام في الرأس، وسوف ألبس النظارة الطبية -بإذن الله-، كما أعاني من ألم بعضلات الجسم، والمفاصل، وأشعر بالتعب عند الحركة، هذه الأعراض عانيتها عند الشعور بالبرد القارص، وكانت سرعان ما تزول، لكنها الآن ما زالت مستمرة، فما السبب؟

أنزعج كثيراً من تلك الأعراض، ولا أشعر بالسعادة أثناء السفر، وأود معرفة أسباب ما أعاني منه، فأرجو إفادتي بذلك عاجلاً.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sirine حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

النوبة التي حدثت لك منذ ثلاث سنوات، والتي تمثَّلتْ في دقات سريعة في القلب وعدم انتظامها، مع ضيق التنفس، ومن ثمَّ الشعور بالخوف والذهاب إلى الطبيب: هذه تُسمى بنوبة الهرع أو الفزع، وهي نوع من القلق النفسي الحاد جدًّا، ومن الواضح أن هذه النوبة أعقبها شيء من المخاوف المرضية، ولذا بدأت تظهر لديك الأعراض النفسوجسدية التي تحدثت عنها بتفصيلٍ وإسهاب.

يُضاف إلى ذلك أسباب أخرى، أهمها ضغوط الدراسة والامتحانات، قطعًا عاملاً يؤدي إلى المزيد من التوتر والمخاوف، أضف إلى ذلك أن سفرك إلى البلد البارد وتعرُّضك للبرد وشيء من الفيروسات المتعلقة بالشتاء هذا جعلك تكونين أكثر تضجُّرًا وشعورًا بالكدر، وعدم ارتياح.

هذه الظاهرة معروفة، الانتقال للجواء الباردة يجعل بعض الناس يتضجرون جدًّا، ويُعرف تمامًا البلدان الإسكندنافية فيها الكثير من الناس يُعانون من اكتئاب شديد إلى متوسط في فترة الشتاء، فهذه الظاهرة ظاهرة معروفة متعلقة بالانتقال من مكانٍ طقسه عادي إلى مكان طقسه باردٍ.

الحالة أعتبرها ليس شديدة، إنما هي متوسطة، قلق المخاوف هو التشخيص الرئيسي، والأعراض التي تُعانين منها هي أعراض نفسوجسدية، أي أن القلق قد لعب فيها دورًا، فأقول لك: اطمئني، هذه الحالة ليست خطيرة، حتى الشعور بعدم انتظام ضربات القلب ناتج من قلق المخاوف، وهذه نسميها بالخوارج الانقباضية، وهي معروفة جدًّا، وهي فسيولوجية وليست دليلاً على وجود مرضٍ في القلب.

أعتقد أنك محتاجة لدواء مضاد للقلق المخاوف، ومحتاجة أيضًا أن تُنظمي حياتك بصورة أفضل، وأهم شيء أن تأخذي قسطًا كافيًا من الراحة، خاصّة من خلال النوم الليلي المنتظم، وعليك بتجنب النوم النهاري، وأن تمارسي شيئًا من الرياضة، وأن تحرصي على صلواتك في وقتها، هذا مهم جدًّا، وأن ترفّهي عن نفسك بما هو طيب ومباح، وأن تكوني إنسانة متفائلة، هذا هو الذي أراه، وموضوع النظر والعيون قطعًا الطبيب سوف يحسم ذلك تمامًا.

الحالة استمرتْ معك من وجهة نظري نسبةً لقابليتك للقلق وللمخاوف، ربما يكون هذا جزءً من البناء النفسي لشخصك الكريم، لكن هذه لا نعتبرها أمراضًا، إنما هي ظواهر، نعم -إن شاء الله- تفرحين، وأمورك كلها تُرتَّب، اتبعي ما ذكرته لك من إرشاد، وفي ذات الوقت إذا تواصلتِ مع طبيب عمومي أو طبيب نفسي يمكن أن يصف لك أحد مضادات المخاوف، وأنت محتاجة لها لفترة قصيرة جدًّا، من شهرين إلى ثلاثة، عقار مثل (زولفت)، والذي يُسمى علميًا (سيرترالين)، سيكون ممتازًا جدًّا.

نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • لبنان Sirine

    حسنا ، نعم هو القلق شيء دائم لدي جعلني ازر الدكاترة دائما..اشكرك جزيلا على ردك و ان شاء الله سأعمل بالنصائح ! جزاكم الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً