الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلق ومتوتر من كثرة التفكير، فبماذا تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولا: جزاكم الله خيرا على ذلك المجهود، وأسأل الله أن يعينكم ويهدي بكم.
ثانيا: أتمنى من الله أن أجد عندكم ضالتي، فأنا أتصرف بعض التصرفات، وتأتيني عدة مشاعر ويضيق صدري بها، وأرجو أن أجد عند حضراتك تشخيصا لها.

عمري 19 سنة، والحمد لله متفوق في دراستي والله أكرمني والتحقت بكلية الصيدلة، أحاول أن أؤدي حق فروض الله علي، وأشعر برغبة جارفة لحفظ كتاب الله، وأحاول فعلا القيام بذلك، وأعترف أني مقصر في حق ربي، فأحيانا أترك الصلاة فترة ثم أرجع أواظب عليها من جديد، وإذا صليت أشعر أنني غير خاشع في الصلاة، وهذا ما يضايقني جدا.

فأنا أعاني من كثرة التفكير في مواضيع كثيرة، لدرجة أنني أظن أنني لا أستطيع أن أتوقف عن التفكير بشيء ولو لمدة دقيقة، وأعاني من حساسية شديدة في التعامل مع الآخرين، وهذا يضايقني جدا، ورغم كثرة أصدقائي، ولكن يأتيني شعور أن ليس لي أصدقاء، ولا أحد منهم يهتم بي، وأظن أني أعاني من عدم ثقة بالنفس؛ لأنني أشعر أن أصدقائي أفضل مني مثلا في الدراسة لدخولهم كلية الطب رغم أني راض جدا عن كلية الصيدلة، وأعلم أنها أفضل لي بكثير، واعتقد أن عدم الثقة هو السبب في عدم التحاقي بكلية الطب، وغيرها من اهتمام المعلمين بهم أكثر مني وهكذا.

وكنت أنزعج جدا من تقدير المعلمين لأصدقائي أكثر مني، فدائما ما كنت أنتظر منهم كلمات التشجيع،
ودائما أقارن نفسي بالآخرين رغم أن قدراتي التي منحني الله إياها أفضل بكثير، وأحاول الوصول للمثالية في أي شيء أقوم به وهذا محال أن يدرك، وأعلم ذلك لكن هذا ما أحاول القيام به دوما، وأشعر أنني مراقب، فأصير مكتفا ولا أستطيع التصرف بطبيعتي.

وأعاني من مشكلات في التعامل مع الأصدقاء، وكأنني في تحدي معهم أو منافسة في الدراسة مثلا أو غيره، وأحس أنني مستبعد من دائرتهم رغم أني أحبهم جدا، أحس أنني غريب عن كل الناس، جائز أن يكون ذلك بسبب حرصي على دروسي وعدم انضمامي لهم إذا كان في ذلك تعطيل عنها أشعر بالانزعاج، وإذا حاولت التقرب من الناس أحب أن يقوموا هم بذلك.

دائما ما أحب أن أوجه لهم كلمة حب، وأن لهم معزة في قلبي، ولكن أجد في نفسي شعورا بالضيق بأنني أنا من يقول لهم أحب أن يهتموا بي، ويقولوا لي مثل هذا الكلام، دائما ما أجد رد فعل مشترك من معظم الأصدقاء وهو التجاهل أحيانا، ورغم أنني أظهر أن هذا لا يضايقني، فأنا أنزعج جدا ويؤثر ذلك علي، وأحيانا أظل حزينا لأيام؛ لأنني أحب أن أكون موضع اهتمام وملفتا للانتباه، أحب أن يكون لي بصمة ونكهة خاصة في أي مكان أذهب إليه، أحب أن أهتم بمظهري.

وأيضا أعاني من وسواس النظافة، فلا أستطيع طرد الأفكار من رأسي، فأنا دائم التفكير وأحيانا يكون في مسألة دينية مثلا وأصل لنتيجة لا يقبلها عقلي، ولكن دائما أقول أن قدراتي المحدودة أقل من أن تدرك سبب ذلك، وأفكر دائما بالتفاصيل الصغيرة، ومن كثرة التفكير في هذه الأشياء أصبحت أعاني من قلق نفسي، فكثيرا ما أظل في غرفتي لساعات صامتا أفكر، لقد أرهقتني هذه الخواطر والمشاعر.

أرجوا من حضراتكم توضيح المشكلات التي أعاني منها، وكيفية حلها، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعله في ميزان حسناتكم، وأن يهديكم ويهدي بكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ففي هذا السن - 19سنة - (سن المراهقة) يمر الشاب أو الشابة في كثير من الصراعات النفسية والقلق والتوتر، خاصة في العلاقة مع الآخرين، العلاقة مع الأقران، إذ يعطيها الشاب اهتمامًا كبيرًا، وأحيانًا على حساب العلاقة مع الوالدين في هذه المرحلة، ويكون فيها الغيرة، وتبديل العلاقات، والاهتمام بأن يكون الشخص محور العلاقة، كل هذه الأشياء هي من توترات هذه المرحلة العمرية.

الآن لا أستطيع أن أقول لك أن شخصيتك كذا وكذا، وإن كانت الشخصية تكتمل من منظور عام من السن الثامنة عشر، ولكن واضح أيضًا أن عندك سمات معينة في شخصيتك، وإن كان - كما ذكرت - يمكن أن نشخّص مشاكل الشخصية بعد سن الثامنة عشر، ولكن في 19 وهي أقرب من 18 - ما زال الإنسان يتطور، وما زالت الشخصية تتبدّل وتتغير، ولكن ليست الأشياء الأساسية.

أنا أرى أن من الأفضل أولاً أن تتخذ صديقًا واحدًا مقرَّبًا، وليس أصدقاء كثر، لا يكن لك معارف كثر، ولكن صديقًا واحدًا أو صديقين، تتحدث معهما، تكون بينكم ثقة، دون حواجز، وهذا يُحسِّن في صورتك بنفسك.

الشيء الآخر: الانخراط في الأنشطة الرياضية مع الأصدقاء أيضًا تساعد في تكوين العلاقات الشخصية، والمحافظة على الصلاة في المسجد، أيضًا تؤدي إلى إحداث علاقات جميلة مع المصلين ومرتادي المسجد الذين في سِنِّك، وكذلك النوم المبكر، والتغذية الصحيحة، وقراءة القرآن، والدعاء، والهوايات المفيدة...، كل هذه الأشياء تساعد على أن يتخطى الشخص هذه الفترة بأمانٍ تام.

لا أرى أنك تحتاج إلى أدوية، وحتى لا أرى أنك تحتاج إلى علاج نفسي مُحدد، فقط فترة وإن شاء الله تتحسَّن نظرتك إلى نفسك، وتتحسَّن علاقتك بالآخرين.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً