الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترك الفتاة للمزاح في المنتديات أحفظ لقدرها ودينها

السؤال

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر 23، وحالياً مغتربة عن بلدي منذ 9 شهور، سابقاً ـ أي منذ سنة وبضعة شهور ـ شاركت في منتدى مختلط، كنت شخصية مرحة بشكل لا يعقل، أمزح مع هذه وذاك (مزاح أخوة)، فأصبحت في نظر الجميع إنسانة محبوبة لا تغضب أحداً مطلقاً، ولكن حدث لي موقف مع صاحب المنتدى، وهو أني كنت في مشكلة فعرض مساعدته علي، لكنني رفضت خوفاً من أن أدخل في مشاكل مع أهلي، وهو قدّر هذا الشعور.

تضايقت من نفسي كثيراً، بمعنى آخر أنبني ضميري، شعرت أني لا أستحق مساعدته لي؛ لأنني كنت أمزح كثيراً، وهو يعرض علي مساعدته؛ فأصبحت منذ ذلك الوقت أميل إلى الهدوء، وكنت أطرح مواضيع مفيدة؛ شكراً مني له على حسن صنيعه معي، بعدها بفترة قصيرة أغلقه نظراً للمشاكل التي تعرض لها، ومن بعدها لم أعد أشارك في المنتديات المختلطة، وإن شاركت فبالاسم فقط؛ لأنني أتذكر الموقف.

الآن أنا مشاركة أيضاً في منتدى مختلط، مواضيعي كلها ذات فائدة، ولكن بشخصية غير مرحة، ولا أضحك، ولا أشارك في قسم الفكاهة والمرح، إلى جانب ذلك السبب هناك أسباب أخرى سأقولها لأني أود أن أخرج من هذه الدوامة، وهي أني تعرفت إلى صاحب المنتدى الذي عرض علي مساعدته، ولكن تعارفنا ليس كتعارف الجنسين، أقصد الحرام الذي يفعله البعض، أصبحت لا شعورياً أحبه، ولكن لم ينسني هذا الحب استشعار الرقيب سبحانه؛ لأني كنت أود أن يبارك الله لي ويجعله زوجاً لي، وذلك للصلاح الذي شعرته فيه.

علماً أنه من دعاني إلى المنتدى الذي أنا وهو فيه حالياً، فأصبحت هادئة في المنتدى ليس لأجله، ولكن بت أخاف من هذه النفس التي في نظر الجميع جميلة الروح والشكل، بمعنى آخر مرغوبة من قبل الجميع، سبب آخر وهو خوفي من المزاح، أخاف أن أمزح ويحسب هذا المزاح علي لا لي.

أنا متضايقة وضائعة، أريد أن أعلم أأنا على صواب أم خطأ؟ لأني أرى الجميع يمزح إلا أنا! حتى أنني قررت الخروج منه؛ لأني فعلاً ضائعة، ولا أعلم الصواب من الخطأ!

أرجو من الله ثم منكم العون.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حمامة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يرزقك خشيته في الغيب والشهاده، وأن يمنّ عليك بالزوج الصالح.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومما لا شك فيه أن الإنسان المسلم مُحاسبٌ عن كل ما يصدر منه، كما قال سبحانه: ((مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))[ق:18] فالمسلم العاقل الواعي هو الذي ينتبه لنفسه ولخطورة ما يصدر عنه، خاصة الكلام، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يُلقي لها بالاً فيهوي بها في النار سبعين خريفاً) تصوري، بكلمة لا ترضي الله يدخل العبد النار سبعين عاماً!! ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: (يا معاذ إنك لا تزال سالماً ما سكت، فإن تكلمت كتب لك أو عليك)، فأرى والله أعلم أن ما أنت عليه الآن من عدم الإكثار من المزاح والضحك أسلم لدينك ودنياك، وأستر لعرضك، ويجعلك أقدر على مواجهة الصعاب والتحديات، وأقل خطئاً، وأكثر احتراماً وقبولاً لدى الناس؛ لأن كثرة المزاج تدل على خفةٍ في العقل وسفه، إلا أنه مع ذلك لا مانع من مشاركتك في المنتديات الدعوية بنية دعوة أخواتك المسلمات، وهن في أمس الحاجة إلى أمثالك بدلاً من ضياع وقتك في سوالف وكلام لا فائدة فيه مع الشباب، وقد يفهمونه خطئاً، فأرى أن الأفضل لك أن تتخصصي في مخاطبة البنات فقط، وأن تعتذري للشباب عن أي مشاركة؛ لأن هناك غيرك المئات من الشباب الذين بمقدورهم أن يتحدثوا مع الشباب، في حين أننا لا نجد من الأخوات الملتزمات اللواتي يخاطبن أخواتهن وينحصوهن إلا القليل النادر، فغيري نيتك، وادخلي المنتديات الدعوية المحترمة، وخاطبي أخواتك، وإلا فالأفضل اعتزال ذلك كله، لما يترتب عليه غالباً من ضياع الوقت في كلام تافه، وتعليقاتٍ غير مفيدة، وفوق ذلك التعلق القلبي، أو تزيين الكلام وتحسينه بقصد كسب الإعجاب، والثناء من الشباب، وهذا كله حسرة وندامة يوم القيامة.

فاجتهدي في تزويد نفسك بالثقافة الإسلامية الأصيلة الراقية المنضبطة، وكرّسي جهدك في دعوة أخواتك وإفادتهن، وإلا فالسلامة كل السلامة في ترك الكلام الذي يكون يوم القيامة على صاحبه حسرة وندامة.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً