الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي قلق من الوظيفة بسبب كراهيتي للاستيقاظ صباحا.. ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أريد علاجا نفسيا لمشكلة القلق الزائد، لدرجة عدم القدرة على النوم عند تفكيري لمجرد التفكير التقدم لوظيفة، مثلا رأيت إعلانا لوظيفة مشرفة باص، فتحمست، وقلت أخيرًا سيكون عندي راتب، لكن لم أستطع النوم بسبب فكرة تغيير الروتين؛ لأني أسهر طوال الليل، وخفت ألا أستطيع أن أنظم وقت نومي، وخفت أن أقبل بالوظيفة وبعدها أندم بسبب اضطراب النوم، لكن مع هذا قلت سأتحدى نفسي وأسجل في الوظيفة، لكن لم يكن ذلك سهلا علي؛ لأنه مرت يومين وضربات قلبي تدق كلما فكرت فيها، وتجرأت وأرسلت رسالة لهم، لكنهم ردوا علي أنهم اكتفوا، وليس هناك شاغر مع أني صليت استخارة، وقلت ربما خيرة لي، لكني ضميري يؤنبني؛ لأن أبي بخيل، وأنا بحاجة للمال، فما الحل؟

أنا متخرجة منذ 3 سنوات، وتخصصي تصميم، فكرت أن أبدأ بتصاميم وأنشرها على الانستقرام مقابل مبلغ معين، خصوصا أني أحلم بمشروع خاص لي؛ لأني بطبعي لا أحب الاستيقاظ صباحا، ولا أريد العمل، وهذا كله بسبب القلق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

توصيف المشكلة: القلق الزائد وعدم القدرة على النوم.

يعرّف علماء النفس القلق بأنه: هو استجابة انفعالية لخطر يكون موجها إلى المكونات الأساسية للشخصية.

وقيل: هو حالة توتر شامل ومستمر، نتيجة توقع تهديد خطر فعلي أو رمزي، قد يحدث، ويصحبها خوف غامض وأعراض نفسية وعضوية.

ولعلاج مشكلة القلق لا بد من معرفة الأسباب المؤدية إليه، إن من أهم الأشياء المسببة للقلق:

1- التفكير المستمر: فالبعض حين يضع رأسه على الوسادة للنوم، يبدأ فكره يجول فيما حدث له ليس في يومه فقط، بل قد يستعرض شريط حياته كاملاً، وما مر به من هموم ومشاكل وأحزان، فيشعر بالحزن، وقد يبدأ بالبكاء، وكأنه يعيش تفاصيل الحادثة الآن، فبالتالي يفقد القدرة على النوم.

2- الخوف من المستقبل، وخاصة إذا كان مقبلاً على أمر ما في حياته، امتحان .. وظيفة ... زواج ... وما إلى ذلك فيخشى ألا يجتاز هذا المرحلة بنجاح، فيشعر بالتوتر والاضطراب، كما أن الكثير من الأشخاص السلبيين يتوقعون المشاكل والأخطار قبل وقوعها، ويحسبون لها حساباً فيشعرون بالخوف الشديد، مما يسبب فقدان القدرة على النوم.

3- مشاكل صحية، شعور بالألم، أو مشاكل في الجهاز التنفسي كضيق التنفس وما إلى ذلك، أيضا يسبب الحرمان من النوم.

4- عدم توافر الجو المناسب للنوم، حيث الضوضاء، أو الإنارة القوية.

فحاولي أن تتأملي في الأسباب التي ذكرتها سابقاً، عسى يكون إحداها سبباً في مشكلتك حينها سنستطيع التغلب عليه بسهولة بإذن الله.

هناك نقطة مهمة جداً ذكرتِها في رسالتك ألا وهي قولك:
"وخفت ألا أستطيع أن أنظم وقت نومي، وخفت أن أقبل بالوظيفة، وبعدها أندم بسبب اضطراب النوم!"

لا بد أن نتفق أن الإنسان لديه خاصية رائعة جداً أودعها الله فيه، ألا وهي قدرته على التغيير، متى عزم وأراد، فأي عادة سلبية ممكن أن نتخلص منها، بالممارسة والتعود، فقلة النوم له العديد من المشاكل الصحية على الجسم، وحتى الجمالية، وعلى هذا فقبل أن تنطلقي معي في رحلة العلاج لا بد أن تتخذي قراراً جازماً أنك نويت التخلص من هذه العادة السلبية، وأنك قوية وقادرة على ذلك.

كيفية علاج القلق:
1- الشعور بالراحة النفسية، والسلام الداخلي والطمأنينة والسكينة، من خلال التسليم المطلق لله تعالى وحسن الظن به سبحانه، وصدق التوكل، فأحوالنا وماضينا ومستقبلنا بين يدي عليم حكيم، سبحانه لا يختار للإنسان إلا الخير، وييسره له، ويصرفه عن الشر، وإن بدا لعقله البشري القاصر أنه خير، قال تعالى: " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"{ - آل عمران - 26}.

وقفي ملياً عند قوله تعالى: بيدك الخير، وردديها حتى تحدث شيئاً ما في قلبك، فعن أبي يحيى صهيب بن سنان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له))، رواه مسلم.

يقول ابن عطاء الله رحمه الله: (أرح نفسك من التدبير، فما قام به غيرك عنك لا تقم به لنفسك).

2- إن الراحة الدائمة، والجلوس في البيت أمام النت أو التلفاز، دون ممارسة أي نشاط جسدي أو عقلي، يجعل الجسم مرتاحاً دائماً، فلا يشعر بالحاجة الملحة إلى النوم، إذ أنه لم يصرف الطاقة التي لديها، لذا كوني على يقين أنك إن خرجت للعمل، وبذلت جهداً جسدياً أو فكرياً، فإن جسمك سيطلب النوم بشكل تلقائي، وأنصحك هنا أن تمارسي نشاطاً جسدياً بينما تتيسر لك فرصة عمل جديدة، مثل ممارسة الرياضة، وعلى الأقل مشي مائة خطوة قبل الذهاب للنوم.

3- البعد عن تناول المنبهات قبل النوم، وكذا بعض المأكولات التي تسبب القلق وقلة النوم مثل: الشوكولا، الأطعمة الغنية بالبروتينات، الأطعمة الدسمة، وغير ذلك.

4- عدم النوم في أثناء النهار، فإن اقتضت الضرورة، فيفضل ألا تتجاوز القيلولة أكثر من نصف ساعة، حتى يشعر الجسم بالحاجة إلى النوم في المساء.

2- المحافظة على أوراد الصباح والمساء، والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يكون لك ورد من القرآن الكريم، والالتزام بالصلوات مع النوافل، وخاصة صلاة الفجر، واحرصي أن تبقي مستيقظة بعد صلاة الفجر، اجلسي واقرئي جزءاً من القرآن الكريم، والأوراد، ثم مارسي ما تحبين من عمل، فالبقاء مستيقظة يجعلك تشعرين بالنعاس في وقت مبكر مساءً.

أسأل الله لك التوفيق والنجاح، وأن تكوني من أهل الفلاح في الدارين اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً