الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب القلق والخوف الذي ينتابني من إقامة الحفلات؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة متميزة في دراستي تعودت دائما أن أكون الأولى على الصف، يعتمد علي الكثير من الأساتذة في شرح دروسهم، وتوكيل أعمالهم لي رغم صغر سني، أيضا كنت أحب الإلقاء والظهور في الإذاعة المدرسية، وأبدع في ذلك، فكنت أحب أن أعتمد على نفسي في كل شيء، لا أحب طلب المساعدة من أحد، وأنجح في ذلك رغم كثرة الانتقادات التي توجه لي من أساتذتي لتحبيطي، ومن أخواتي، إلا أنني استطعت أن أواجههم وأنجح..

لكن مع مرور السنين أصبحت تظهر لي بعض المخاوف السخيفة، فأصبحت أقلق من الاختبارات، ولا أستطيع النوم ليلتها، وظهرت معي أعراض القولون العصبي، فأصبح طوال الليل أشعر بالخفقان ولا أنام، استطعت قليلا أن أتحكم في خوفي من الاختبارات، وتخرجت -والحمد لله-, وقرر أهلي أن يقيموا حفل تخرج صغير لي مثلما فعلوا لإخوتي؛ فرفضت وبشدة؛ بحجة أنني لا أحب الحفلات، لكني في الحقيقة خفت منها، وتوترت، ولا أعلم لماذا!! رغم أني اجتماعية، وليس لدي خوف من مقابلة الناس.

بعد انتهاء حفل التخرج خطبت بفضل الله، ومنذ خطوبتي منذ شهرين وأنا لا أستطيع النوم، وأشعر بالقلق الشديد، ورعشة في جسمي، وأجهش بالبكاء، وفقدت شهيتي، ونحفت، ولم أعد أرغب بإقامة حفلة الملكة، ولا أريد إقامة حفلة الزواج؛ لخوفي منها، رغم إصرار أهل الزوج على ذلك.

وافقت حتى لا أنزع فرحة أهلي وأهله، وقلت ربما هذه فرصة لأتغلب على مخاوفي، فأنا لا أستطيع الاستمتاع بالخطوبة، وخائفة جدا رغم أن الزواج بعد 4 أشهر، إلا أنني قلقة، ولا أستطيع السيطرة على نفسي، ومن كثرة التفكير أصابتني وساوس بأني لا أستطيع تحمل مسؤولية البيت والأطفال، فأصبحت عندما أرى أطفال إخوتي أتوتر ولا أريد أن أتحمل المسؤولية!

خوفي من الحفل لا أعلم سببه، ولكن لدي خوف من دخول صالونات التجميل لمواقف عديدة حصلت لي في الصغر مع أمي وأبي، فأصبحت أرتجف عند دخولي لهذه الأماكن، أريد أن أستمتع بفترة خطوبتي مثل بقية الفتيات وأفرح بليلة زفافي مثلهم، فهل هناك علاج لهذا القلق بدون أدوية؟ هل أحاول إقناع نفسي بأني قادرة على تحمل المسؤولية أم أتوقف عن التفكير ولا أسترسل معها؟

موضوع آخر: قبل سنة تقريبا ضربتني زميلتي بصندوق خشبي على عظمة صدري، وأصبح يؤلمني، وأصبح لدي خفقان في القلب فقط عند النوم على الجانب الأيمن والأيسر، ذهبت لطبيب عمل لي تخطيطا للقلب وكان سليما، فأصبحت لا أنام إلا على ظهري، ولا أستطيع النوم على الجانب الأيمن والأيسر، والآن بعد سنة ذهب الألم من صدري والخفقان، ولكن إلى الآن لا أستطيع النوم على الجانبين، فإذا نمت على أحد الجانبين أشعر بكتمة وصعوبة في التنفس وتنميل وحرارة في اليد اليسرى، فهل هذا له علاقة بالضربة أم له سبب آخر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مشاعل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أنتِ لديك درجة بسيطة من قلق المخاوف، وليس أكثر من ذلك، والقلق والمخاوف دفعتك نحو التجنُّب، تجنُّب الاجتماعات، تجنُّب اللقاءات الأسرية، رفض فكرة الحفل البسيط، تخوّفك نحو الزواج، هذا كله سلوك تجنُّبي مرتبط بالمخاوف، والمخاوف كثيرًا ما تؤدي إلى وساوس وتأويلاتٍ فكرية سلبية.

أنتِ بخير، والعلاج هو أن تعرفي أن القلق طاقة نفسية مطلوبة، فالذي لا يقلق لا ينجح، والذي لا يقلق لا يكون منضبطًا في أموره الحياتية. فإذًا القلق هذا طاقة، يجب أن تحوّليها إلى طاقة إيجابية. أجري مع نفسك حواراتٍ على هذه الشاكلة.

والأمر الآخر: كوني معبِّرة عن نفسك، لا تحتقني، ولا تكتمي أبدًا، هذا أيضًا علاجٌ مهمٌّ جدًّا.

العلاج الثالث هو: أن تُطبِّقي تمارين الاسترخاء حسب ما أوردناها في استشارة إسلام ويب، والتي رقمها (2136015)، وعليك أيضًا أن تقومي ببعض التمارين الرياضية التي تُناسب الفتاة المسلمة.

العلاج الخامس هو: أن تقوّي من أواصرك وترابطك الاجتماعي، خاصة على نطاق الأسرة، وأن يكون لك نشاط اجتماعي متفرِّد، مثل الانضمام مثلاً لحلقات تحفيظ القرآن وتدارس القرآن، هنا يحصل نوع من التمازج النفسي العظيم جدًّا، وتتحول فيه الطاقات النفسية السلبية إلى طاقات إيجابية، خاصة طاقة القلق والخوف الاجتماعي.

ولابد أن تضعي صورة خيالية جميلة حول ذاتك وحول مقدراتك ومهاراتك، وانظري للمستقبل بإشراق، واسألي الله تعالى أن يكون الزواج زواجًا سعيدًا، تُرزقين من خلاله الذرية الصالحة. هذه التأمُّلات أيضًا تأمُّلات إيجابية مطلوبة.

هذا هو العلاج بالنسبة لحالتك، خمس أو ست خطوات أرجو أن تتبعيها وتُطبِّقيها.

العلاج الدوائي قد يُساعدك، وقد يُكمل الصورة العلاجية، وأنا سوف أصف لك دواءً بسيطًا جدًّا وأترك لك الخيار، إن شئت تناوليه، وإن شئت لا تتناوليه. الدواء يُعرف باسم (سيرترالين) واسمه التجاري هو (زولفت) أو (لسترال)، أنت تحتاجين له بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة، ابدئي بخمسة وعشرين مليجرامًا (نصف حبة) ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها عشرة مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين. هو دواء سليم وغير إدماني، ولا يؤثِّر على الهرمونات النسائية، ولا يحتاج لوصفة طبية في معظم الدول، وأحسبُ أن المملكة العربية السعودية من هذه الدول.

بالنسبة للنقطة الثانية: أنا لا أعتقد أبدًا أن الضربة بالصندوق الخشبي على عظمة الصدر قد أدَّتْ إلى الأعراض التي تشتكين منها، أعراض تسارع ضربات القلب والشعور بالضيق التنفُّس هي أعراض نفسية وليست جسدية.

الرابط ما بين الضربة بالصندوق الخشبي هذا وأعراضك هو رابط نفسي وليس رابطا عضويا؛ لأنه أصلاً لديك القابلية للخوف وللوسوسة وللتوتر، وهذا يجعلك حقيقة تربطين ما بين الاثنين؛ إذًا: لا علاقة بين الاثنين، نامي على شقك الأيمن، واعرفي أن ذلك هو الأفضل من حيث السُّنة المطهرة، اقرئي أذكار النوم، وحين تُطبِّقين التمارين الاسترخائية والتمارين الرياضية التي ذكرتها لك سلفًا، إن شاء الله تعالى هذه الأعراض سوف تخفّ كثيرًا، وقطعًا إن تناولت الدواء الذي وصفته لك سوف تختفي تلك الأعراض تمامًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً