الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من خفقان شديد ووسواس بالموت، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم
جزاكم الله كل خير على ما تقدمونه.

قبل شهر تحديداً عند الساعة الثانية ليلاً وأنا بالفراش شعرت بصعوبة شديدة في التنفس، وخفقان شديد في القلب، وإحساس بدنو الأجل، ذهبت سريعاً للمستشفى ودخلت الطوارئ، قام الطبيب بعمل تخطيط للقلب, بعدما انتهى تخطيط القلب في الطوارئ أراني الطبيب تخطيط القلب وقال: سليم وليس فيك أي علة، ورجعت إلى البيت وتحسنت قليلاً.

في اليوم التالي ذهبت لدكتور القلب وشرحت له الحالة، ففحصني بجهاز، وكانت النتيجة سليمة، وقمت بعمل اختبار لجهد القلب والنتيجة سليمة ـ ولله الحمد ـ لم أقتنع وقمت بعمل تحاليل للدم والغدة الدرقية وإنزيمات الكبد، والنتيجة سليمة ـولله الحمد ـ.

عدت للبيت وأنا في كل فترة يجيئني الشعور بالموت، وأفكر بأمراض، ويزول هذا الشعور بعد ساعة أو أكثر، ويأتي ويذهب، حتى أصبحت لا أتحدث مع أهلي أو أصدقائي.

بعد أسبوع لا زالت الأعراض كما هي، وتزامن ذلك مع اقتراب موعد دراستي في الجامعة، وصار يأتي شعور بعد الأكل بضيق في التنفس، ووسواس بأمراض والموت، وبعدها أشرب ماء وأشرب عصير مانجو ويخف تدريجياً.

الأعراض الموجودة بالتفصيل بعد متابعتها:
- ضيق في التنفس، وخفقان في القلب.
- ضربات قلب سريعة، وتبرد أطراف أصابعي، وتنمل في اليدينويزول عند شرب المانجو، وخفقان في القلب، ووساوس كثيرة بعد الأكل أو اقتراب خروج الروح.

- أصبح تفكيري بالموت بطريقة لا تناسب الإنسان السوي المسلم.
ـ عدم استطاعة بلع الريق أحياناً.
أحياناً آلام في باطن الجسم ( في القلب - آلام شديدة ونغزات جهة الصدر من اليسار- أحس بغازات محبوسة في البطن).

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على وصفك التفصيلي والدقيق جدًّا، وبكلِّ أمانة أقول لك أن وصفك يُطابق تمامًا ما هو مكتوب في الكتب عن حالتك هذه.

الذي حدث لك يُسمَّى بنوبة الهرع أو الفزع، وهي حالة قلقية حادَّة جدًّا قد تحدث دون أي أسباب، أو تكون الأسباب واهية جدًّا، وبالفعل يكون هنالك تسارع في ضربات القلب، صعوبة في التنفس، الشعور بدنو الأجل، خفة الرأس... وهكذا.

أنت قمت بالشيء السليم والصحيح، وهو إجراء الفحوصات الطبية، وأستطيع أن أقول: إن جميع الذين يُصابون بنوبات الهلع أول ما يُزعجهم ويشغلهم هو التفكير في أمراض القلب، الظنُّ بأن الواحد أُصيب بنوبة قلبية أو لديه مرض في القلب، والحقيقة هذه الحالة لا علاقة لها بمرض القلب أبدًا.

الذي يحدث هو عملية فسيولوجية، تغيير كيميائي يحدث من خلال زيادة في إفراز مادة الأدرينالين، وهذه المادة تؤدي إلى تسارع في ضربات القلب، وبعد ذلك تأتي الأعراض الأخرى.

أنت ذهبت إلى طبيب القلب، وأنا أنصحك الآن أن تذهب إلى طبيب نفسي، الأمر في غاية البساطة، هذه الحالة تُعالج، تُعالج بصورة ممتازة جدًّا.

أريدك أن تفهم أنها ليست خطيرة، أنها حالة قلقية حادَّة، وما نتج عنها من وساوس ومخاوف وقلق توقعي، هذا كله -إن شاء الله تعالى- سوف يختفي، فعليك بالتجاهل التام للأعراض وللحالة، لا تتردد كثيرًا على الأطباء، لكن زيارة الطبيب النفسي سوف تكون مفيدة جدًّا لك. مارس أي نوع من الرياضة، أي رياضة تراها مناسبة بالنسبة لك.

عليك بتمارين الاسترخاء، إسلام ويب أعدَّت استشارة تحت رقم (2136015) أوضحنا فيها كيفية ممارسة هذه التمارين بصورة منتظمة وعلمية ودقيقة، فاحرص على ممارستها حسب ما هو وارد في تلك الاستشارة.

أن تشغل نفسك وتصرف انتباهك عن القلق والهلع، هذا أيضًا يفيدك. ونصيحتي لك أيضًا هو أن تُعبِّر عن ذاتك، وأن تكون شخصًا منفتحًا ومتواصلاً اجتماعيًا، هذا أيضًا يضيف لك قيمة علاجية كبيرة جدًّا.

أنا ذكرت لك أن تذهب إلى طبيب نفسي، إذا صعب هذا بالنسبة لك فيمكن عن طريق طبيب الأسرة أو حتى طبيب القلب الذي ذهبت إليه، أو حتى يمكنك الذهاب مباشرة للصيدلية لتحصل على دواء يُسمَّى (سبرالكس)، هذا من الأدوية الممتازة، واسمه العلمي هو (استالوبرام)، يُعتبر دواءً مثاليًا جدًّا لعلاج هذه الحالات، والجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة (خمسة مليجرام) يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة كاملة (عشرة مليجرام) يوميًا لمدة شهرٍ، ثم ترفعها إلى عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هو دواء سليم وفاعل، وليس له أي آثار خطيرة أو إدمانية أو شيء من هذا القبيل، فقط أحد آثاره الجانبية أنه بالنسبة للمتزوجين ربما يؤخِّر القذف المنوي قليلاً عند الجماع، لكنّه لا يؤثِّر أبدًا على الصحة الإنجابية عند الرجل.

في حالة الحالات الحادَّة جدًّا نعطي علاجات إضافية بسيطة مثل الـ (إندرال) والذي يُعرف علميًا باسم (بروبرالانول)، وكذلك دواء يُعرف باسم (ألبرازولام)، هذا نعطيه لمدة أسبوعين، لكن أعتقد أن حالتك لا تتطلب كل هذا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً