الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قدرتي على الفهم والاستيعاب أصبحت ضعيفة، فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب عمري 18 سنة، في بداية دراستي كنت سريع الفهم والاستيعاب والحفظ إلى أن انتقلت إلى المرحلة الثانوية، وحالتي تسوء وتتدهور في الدراسة، أصبحت عند حضور الحصص لا أفهم ولا أستوعب شيئا مهما حاولت التركيز.

صرت عند المذاكرة أستغرق وقتاً طويلاً للفهم والحفظ، بينما كنت سابقاً أذاكر 3 ساعات فقط، وأتفوق بدون بذل مجهود كبير، كنت طالبا متفوقا وذكيا ومن الأوائل، والكل يتمنى أن يصبح مثلي في قدرتي على الفهم والاستيعاب والحفظ، لكن تراجع مستواي في التحصيل العلمي والدرجة وانعكس كل شيء.

لا أعلم ما الذي حل بي فجأة، حياتي انقلبت رأساً على عقب، أصبحت هذه المشكلة تسبب لي الإحراج دائما وعثرة في طريقي في كل جوانب الحياة، حتى نومي أصبح خفيفا جداً وأي صوت يوقظني، بينما سابقاً كنت أنام بعمق وكانت أمي توقظني بعناء تصل أحياناً لصب الماء علي.

قدرتي على الإبداع والتركيز والفهم تضعف يوما بعد يوم، أصبحت كالأبله متبلد في كل شيء، لا أعلم ما هذا الوحش الذي بداخلي وقرر أن يدمر حياتي حرفياً.

بالنسبة للتجارب التي تعرضت لها كثيرة من حزن ومشاكل وضغط نفسي، وتجاوزتها بدون مساندة من أحد، لأني كنت سابقاً واسع الحيلة وأستطيع حل المعضلات التي أواجهها، عكس اليوم أحتاج إلى المساندة ولا أجدها بسبب كبريائي وما كنت عليه وما سألاقيه من الأقاويل، لأنهم كانوا هم يستشيرونني في مشاكلهم وأمور حياتهم في العائلة ومن يعرفني، لكن اليوم أنا محرج عندما يستشيرونني لا أستطيع أن أقدم المساعدة وأتهرب دائما بحجة أني مشغول بالدراسة.

هذه الأعراض التي أعاني منها حالياً: قلق وتوتر، ضعف الثقة بالنفس، تكرار الفعل، تشتت وضعف التركيز، نسيان أسماء الأشخاص المعروفين والأماكن المعروفة والالتباس في الطرق المعروفة، الشعور بالنعاس وعدم الاستيعاب والفهم يرافقه صداع عند القراءة، صداع، الرغبة المستمرة في النوم، أفكار إجرامية تداهمني أحياناً بقتل من أحمل عليهم ضغينة، لكن سرعان ما أكبحها، مزاج متقلب وتبلد في الإحساس، فقدان الرغبة في التواصل، إرهاق بدون بذل مجهود، فتور وكسل، ارتفاع درجة حرارة الأطراف في آخر اليوم أحياناً، وخزات متنقلة في الجسم خاصة عندما أكون مستلقيا على السرير.

لا أمارس أية عادة محرمة أو سيئة سوى مشاهد الإنمي -أفلام كرتون-، والاستماع للموسيقى والسهر في الإجازات، والنوم بمقدار 8 ساعات، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونشكرك على ثقتك بهذا الموقع.

قبل أن نتكلم عن الحل سيكون من الأجدر أن نتكلم عن المشكلة، أنت ذكرت أنك -الحمد لله تعالى- كنت شخصا متفوقا وبمقدروات معرفية عالية جداً، وبعد ذلك حصل التدهور الذي تحدثت عنه، أولاً أنا أؤكد لك أن مقدراتك كما هي موجودة، قد تكون الآن تعطلت من خلال التغيرات التي حدثت لك وهي تغيرات فسيولوجية وهرمونية ونفسية، أنت في عمر تكثر فيه التغيرات، وربما تكون هنالك أسباب واهية أو لا توجد أسباب أبداً، أي هذا التغير في مرحلتك العمرية يحدث لبعض الشباب، لكن ركيزتنا الأساسية هو أن أصلك وخلفيتك هي خلفية ممتازة، من حيث المقدرات المعرفية وأحسب الأسرية وكل ذلك، هذا في حد ذاته أمر مشجع جداً.

أنا نظرت لمجموعة الأعراض التي تحدثت عنها والتي تعاني منها الآن، وبعد أن تفحصتها أقول لك أنه بالفعل لديك أعراض قلقية لديك بعض الوساوس مثل التأكد أكثر من مرة من إقفال أبواب السيارة، الفكر العدواني هو فكر وسواسي وليس أكثر من ذلك، النسيان وعدم التركيز قطعاً مرتبط بالقلق وما يعتريك من شيء من عسر المزاج البسيط، وهذا جعلك تفقد رغبة في التواصل والشعور بالإجهاد الشديد والفتور والكسل، والنوم غير الصحي المتواصل، إذاً أنت تعاني من حالة من القلق الوسواسي البسيط مصحوبة بأعراض اكتئابية بسيطة هذا هو تشخيص حالتك أيها الفاضل الكريم.

أما العلاج فيتكون من علاج نفسي وعلاج اجتماعي وعلاج إسلامي وربما علاج دوائي، هذا سوف يكمل الصورة، هذه الأنماط الأربعة من العلاج حين تتوفر وتتضافر مع بعضها البعض تؤدي إلى نتائج رائعة، أهم شيء العلاج النفسي والاجتماعي وهذا يعتمد عليك أنت بأن تكون منضبطاً مع نفسك ومتشدد جداً فيما يتعلق بإدارة الوقت، لا تجامل نفسك لا تساوم أبداً، الجأ إلى النوم الليلي المبكر تجنب النوم النهاري، استيقظ لصلاة الفجر وبعد ذلك حاول أن تدرس لمدة ساعتين، هذا الوقت يكون فيه درجة الاستيعاب متضاعفة وعالية جداً؛ لأن الإنسان بعد أن ينام نوماً طيباً وهانئا ومبكراً يحدث ترميم كامل لخلايا الدماغ ويتحسن التواصل فيما بينها، مما يحسن من التركيز، هذه هي النقطة المركزية في علاج حالتك.

والنقطة الأخرى هي ممارسة الرياضة، الرياضة مهمة جداً تقوي النفوس كما تقوي الأجسام، وسوف تساعدك في تجديد طاقتك وترمم أيضاً الخلايا الدماغية، وتحسن من مستوى مسار ما يعرف بالموصلات العصبية الدماغية التي يؤدي خلالها في المزاج وينتج عن ذلك أيضاً القلق والوسوسة.

النقطة الثالثة هي التواصل الاجتماعي: لا بد أن تكثر من التواصل الاجتماعي لمن في مثل عمرك من أقرانك والأصدقاء، ومن الشباب الصالحين، يجب أن تكون لك شبكة اجتماعية، الآن علم النفس الحديث يحتم على ذلك من أسعد الناس هم الذين لديهم شبكات اجتماعية فعالة وجيدة ومفيدة، هذا يخرج من الاكتئاب ويجعلك أكثر نشاطاً -إن شاء الله تعالى-.

نقطة أخرى وهي أن تكون إنساناً غير مهمشاً في أسرتك إنسانا فاعلا مفيدا لنفسك وللأسرة، ولا بد أيضاً أن تحرص على صلاتك في وقتها والدعاء وأن تتلو القرآن، واذكر ربك إذا نسيت، هذه كلها فوائد عظيمة يمكن أن تجنيها من خلال المثابرة والاجتهاد في تطبيقها خاصة على النطاق السلوكي والنطاق الاجتماعي وممارسة الرياضة كما ذكرنا.

أيها الفاضل الكريم: أنت محتاج أيضاً لأحد محسنات المزاج لكن نسبة لعمرك أفضل أن تتواصل مع طبيب، أي دواء يحسن المزاج مثل السبرالكس مثلاً أو الزوالفت سيكون مفيد جداً لك، وأنت لا تحتاج لجرعة كبيرة، جرعة صغيرة من الدواء ولمدة معقولة سوف تساعدك أيضاً.

بارك الله فيك و جزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً