الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى أن أؤذي أطفالي من خلال الوسواس الذي يلح علي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله خيرا كثيرا على كل شيء تفيدون به الناس.

أنا أم لثلاثة أطفال 6 سنوات، 4 سنوات، ورضيع 9 شهور، منذ ثلاثة أعوام كنت أعاني من خوف شديد وأفكار سيئة جدا حول أنني سوف أؤذي أحد أبنائي، وكانت تصاحب تلك الأفكار السيئة خفقان شديد في القلب وخوف شديد.

وذهبت للطبيب النفسي، وقال: إنني أعاني من مرض الوسواس القهري، ووصف لي دواء دوجماتيل فورت ومودابكس، وأخذت الدواء لمدة 9 أشهر وتحسنت -بفضل الله-، وأوقفت الدواء دون استشارة الطبيب مرة واحدة بدون تدرج، علما بأن الدواء أوقف الدورة، وبعدما أوقفت الدواء حملت، وكانت تأتيني الأفكار مرة أخرى من حين لآخر، وتكون خفيفة في بعض الأحيان، وملحة جدا أحيانا أخرى.

وأعلم أن أفضل علاج للوسواس هو تجاهله وعدم التحاور معه، لكني أفشل في ذلك، واجد نفسي أسيرة لتلك الأفكار، وتلك الأفكار تراودني حتى الآن، حتى أنه في يوم كان ابني يعصبني فجاءتني تلك الأفكار السيئة أن اؤذيه، وكانت ملحة جدا، علما بأنني أعلم أني لن افعل شيئا من ذلك، لكن يصاحب تلك الأفكار الملحة خوف وألم في مقدمة الرأس من شدة التفكير، أو محاولة نسيان الموقف، وأحيانا يصحبه بكاء شديد، وأيضا أحيانا يكون عندي غصة في الحلق.

علما أنه عندما تأتيني تلك الأفكار أستغفر الله كثيرا، وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأحاول قدر الإمكان أن أواظب على أذكار الصباح والمساء، وأحيانا وفي أيام كثيرة لا تأتيني أي من تلك الأفكار، حتى أن عقلي يحاول استدعائها لكن لا تأتي -بفضل الله تعالى-.

وأذكر أنه في أيام أخرى أكون جالسة في حالة جيدة، فجأة يتبدل مزاجي إلى حالة من الخوف والقلق دون داع أو سبب، فبماذا تنصحوني؟ هل آخذ الدواء مرة أخرى؟ علما بأنني مرضعة، وأخاف على طفلي من الدواء، أم أذهب إلى الطبيب مرة أخرى؟

أرجو إفادتي من الناحية الدينية والطبية، وهل يمكن أن يكون هذا حسدا؟ وأسألكم الدعاء لى ولأبنائي وزوجي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا وسهلا بك في موقع الشبكة الإسلامية؛ ونسأل الله أن يمن عليك بالعافية، والجواب على ما ذكرت:

- بداية نقول لك أنك قد عرفت كيفية الخلاص من الوسواس، وجربت تلك المعرفة ونجحت فيها، والذي نوصيك به هو الاستمرار في طرق الخلاص الشرعية من التجاهل للمرض، والمحافظة على الطاعة وكثرة الاستغفار.

- ثم اعلمي أن الوسواس الذي تعانين منه فهو قد يكون من أعراض مرض العين أو الحسد أو المس أو السحر، وبعد المدوامة على الرقية الشرعية سيذهب منك ذلك -بإذن الله-، ونأمل أن تصبري ولا تستعجلي في الخلاص منه، ومما يمكن أن ننصحك به للخلاص من الوسوسة، عليك أن تعلمي أن للخلاص منه طريقان، طريق عام وطريق خاص:

1- أما الطريق العام: فيكون بكثرة الذكر وقراءة القرآن والاستغفار وحضور مجالس العلم، فإن الذاكر لله تعالى ينصرف عنه الشيطان، وتزول عنه الوسوسة، قال ابن تيمية: "والوسواس يعرض لكل مَن توجَّه إلى الله، فينبغي للعبد أن يَثبُت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر؛ لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان؛ ﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76]، وكلما أراد العبد توجهًا إلى الله بقلبه، جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطْعَ الطريق عليه"، ومن العلاج العام للوسوسة: الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء بصِدق وإخلاص؛ كي يُذهِب عنك هذا المرض.

2- أما العلاج الخاص للوسوسة: فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته" رواه البخاري برقم 3276، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا، خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله. وفي رواية: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ فيقول: الله ثم ذكر بمثله. وزاد : ورسله " رواه مسلم برقم 1349

ويمكن أن نستخلص طريقة علاج الوسواس من هذين الحديثين وذلك بالآتي:
* قولي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم عندما يطرأ عليك الوسواس.
* ثم قولي آمنت بالله ورسوله؛ أو قل آمنت بالله ورسله.
* اتركي الاستطراد في الوسواس فلا تلتفي لما جاء فيه، واشتغلي بأي أمر نافع لك في دينك أو دنياك.
قال ابن حجر الهيتمي: "للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردُّد ما كان، فإنه متى لم يلتفتْ لذلك، لم يثبت، بل يَذهَب بعد زمن قليل، كما جرَّب ذلك الموفَّقون، وأما مَن أصغى إليها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها".

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً