الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شاب يهدد بفضيحة فتاة إن اكتشف تلاعبها بمشاعره

السؤال

أحببت فتاة خلال فترة الدراسة الجامعية، وأخذت الموافقة المبدئية من أهلي وإخوتها لأن أخطبها بعد أن أكمل الماجستير، والحمد لله في الغربة زاد التزامي، وأثناء غربتي قالت لي أن أباها رآنا معاً وحول حياتها لجحيم.

وعندما سمعت هذا أصبحت أحدث نفسي وقلت: بدأ عقاب الله، والله أعلم كم بكيت ليلاً ندماً على أخطائي التي ارتكبتها خلال حبنا، ونويت أن أخطبها حتى أكفر عن بعض الأخطاء التي وقعت بها، وأخذت الموافقة من أهلي، ورجعت إلى بلدي في أول عطلة لنا هنا، وصارحتها في الموضوع ولكن اكتشفت أنها تقول لي أنها سوف ترفضني لو تقدمت ولو أبي وافق.

المشكلة أن الفتاة أعرفها وأهلي أحبوها وإخوتها احترموني لسمعتي خلال دراستي الجامعية، وبعد فترة اكتشفت أنها كذبت علي وأن أباها لم يرنا وأن علاقتها مع أبيها طبيعية، وبعد التحري وبعد أن هددتها أن أفضحها عند أبيها اكتشفت أن صديقاتها أثرن عليها وأصبحت لا تريدني لأننا وقعنا في مشاكل كبيرة قبل سفري، وظناً منها أنني لن أرجع إليها وأنني سوف أهتم بمستقبلي ولن أكترث بها!

علماً بأن والدتها توفيت منذ 7 سنوات، وأنها تريد إنساناً مثل إخوتها يعوضها حنان أمها التي فقدته، وعلمت أنها كذبت علي حتى لا أرجع وأخطبها، ولكن عندما رجعت اكتشفت كذبها قبل أن أتقدم، وشعرت أنها لجأت للناس الخطأ وأنها بكت، وقالت لي أنها خسرت أهلي وخسرتني ولم تتوقع أن أعود من أجل خطبتها، ووعدنا بعضنا أن نلجأ إلى الله وندعوه أن يوفقنا وأن أرجع وأخطبها في شهر 9 حتى تأخذ وقتها في التفكير وأنا أيضاً، علماً بأنني أحترمها وأعزها.

علماً أننا في هذه الفترة لا نكلم بعضنا إلا في الشهر مرة واحدة، وتكون المبادرة مني وليست منها، وأشعر أن الشيطان يوسوس لي ويقول أنها كذبت عليك وأنها لا تريدك.

سؤالي: إذا اكتشفت خلال هذه الفترة وأنا هنا أكمل دراستي أنها لم تكن صادقة وأنها قالت لي هذا الكلام حتى لا أفضحها أمام أبيها وأهلها فهل يحق لي أن أفضحها لمجرد أنها لعبت في مشاعري وأهلي خلال فترة حبي لها (سنتين)؟ مع العلم أن هذه الفكرة مرفوضة تماماً من جانب أهلي، فإذا فعلتها من دون علم أهلي انتقاماً منها ومن الألم الذي كنت أتألمه من أجلها خلال غربتي خوفاً عليها وظناً مني أن حياتها تحولت لي جحيم من ورائي فهل يكون علي جزاء إذا فعلت هذا؟


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!

فإن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، والمؤمن مطالب بأن يدفع بالتي هي أحسن والشر لا يقابل بالشر، ومن عفا وأصلح فأجره على الله.

واعلم أنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، والنساء غيرها كثير، ولا خير في ود يجيء تكلفاً، ولا فائدة من الارتباط بامرأة تتقلب في عواطفها وتكذب على خطيبها، ولن تنتفع من مشاعر إخوتها إذا كانت هي غير راغبة في الارتباط بك، والإسلام يبني الحياة الزوجية على الرضا التام والوضوح الكامل.

ولا يجوز لك القيام بفضحها، وأرجو أن تلتمس لها عذراً، فإن المسلم إذا لم يجد لأخيه أو لأخته عذراً قال: لعل لها عذراً لا أعرفه.

وتذكر أن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال: (ومن ستر مسلماً ستره الله)، وقد وعد الله من يعفو ويصفح بالمغفرة فقال تعالى: (( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ))[النور:22]، وأرجو أن تنتفع من هذه التجربة، واستغفر ربك إنه كان غفاراً، وإذا رغبت في الارتباط بفتاة أخرى مستقبلاً فليكن ذلك أمام سمع أهلها وبصرهم، وعليك بأن تأتي البيوت من أبوابها، وينبغي أن يكون أبو الفتاة هو أول من يعرف.

والتزم بآداب الشريعة وضوابطها في العلاقات مع الجنس الآخر، وتجنب المعاصي، فإن لها آثاراً مدمرة، واجعل مراقبة الله ديدنك، فإن الخوف ينبغي أن يكون منه سبحانه، وقد يستطيع الإنسان أن يختفي من الناس ويستفيد من غفلتهم ونومهم ونقصهم، ولكن علينا أن نراقب من لا تأخذه سنة ولا نوم، فكيف تخاف من رؤية والدها والناس ولا تخاف ممن يعلم السر وأخفى سبحانه!؟ فاستر على نفسك وعليها، واعلم أنك كنت شريكها في الغفلات، فاحرص على التوبة، وأسأل الله أن يغفر لك ولها.

وإذا تيقنت من عدم رغبتها في الارتباط بك فابحث عن غيرها من الصالحات ولا تغتر بجمالٍ أو مالٍ أو حسب ولكن عليك بذات الدين تربت يداك، ولعل المصلحة في أن تفتح صفحة جديدة مع فتاة أخرى صالحة، فإن الشيطان يعكر صفو الحياة الزوجية إذا كان الماضي فيه مخالفات، ويزرع الشكوك عند الطرفين فيقول للفتاة: لعل هذا الرجل يفعل ما فعله معك مع أخريات، ويقول للرجل: كيف تضمن هذه المرأة التي خانت أهلها وخالفت ربها وفعلت معك كذا وكذا؟

وأرجو أن تنفذ رغبة أهلك وهم يشكرون على مشاعرهم الطيبة وعقولهم الكبيرة، واتق الله في نفسك وفي تلك الفتاة ولا تعالج الخطأ بخطأ آخر.
فتعوذ بالله من الشيطان وأسس لعلاقة صحيحة عن طريق التقدم لطلب يدها رسمياً أو ابتعد عنها بالكلية، ولا تضيع وقتك في المجاملات.

وإذا كنت قد أعطيتها مدة للتفكير فأرجو أن يكون جوابها واضحاً.

ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً