الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشعور بالتيه في الدنيا

السؤال

السلام عليكم.
عادة عندما يتوه شخص ما في طريق يسترشد بالإشارات الموجودة على حافتي الطريق، فماذا يفعل شخص عندما يشك أنه تائه في هذه الدنيا؟ أي: هل أنا على الطريق الصحيح أم لا؟
ولكم جزيل الشكر.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!

فإن الإنسان إذا اتبع هدى الله فإنه لا يضل ولا يشقى، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، ولن يتوه المسلم إذا علم أنه خلق لغاية عظيمة قال تعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))[الذاريات:56]، فنحن لم نخلق عبثاً ولن نترك سدى.

ونجاح الإنسان في الحياة يبدأ بطاعته لله وحرصه على ذكره وشكره وحسن عبادته، وقد تركنا ـ عليه صلاة الله وسلامه ـ على المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها، وترك لنا معالم هادية تتمثل في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرة الراشدين من بعده، واجتهد سلف الأمة في بيان معالم هذا الدين الذي شرفنا الله به.

والمسلم يعرض نفسه على كتاب الله كما قال العالم الحكيم لهارون الرشيد؛ فقال هارون رحمه الله: "على أي موضع في كتاب الله أعرض نفسي"، فقال له: على قوله تعالى: (( إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ))[الانفطار:13-14]، وقد وضح لك طريق الأبرار ومصيرهم ودرب الأشرار ومثواهم.
والعاقل يدور مع كتاب الله حيث دار، ويسلك طريق النبي وصحبه الأخيار، ولست أدري كيف يتوه من علم الغاية التي خلق لأجلها، والمهمة التي ينبغي أن ينشغل بها، وأعطي عقلاً يميز به بين الصواب والخطأ!؟ فعلينا أن نحمد الله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وهذا الإسلام يجيب عن أهم الأسئلة التي تحير أهل الأرض، حتى قال قائلهم:
لست أدري، ولماذا لست أدري؟ لست أدري.
لست أدري من أين جئت ولكني أتيت.
ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت.
وسوف أظل سائراً رضيت هذا أم أبيت.
لماذا لست أدري؟ لست أدري.

فتأمل حيرة هؤلاء، واحمد الله على هدايته وتوفيقه، واشغل نفسك بطاعة الله، وبما يفيدك في دنياك وآخرتك، واجعل لنفسك أهدافاً ورتب الأولويات وقدم الأشياء بحسب أهميتها، واجتهد في طلب العلم، فإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب.

واعلم أن النجاح والفلاح لا ينال إلا على جسر من التعب، ولن ينال الإنسان ما يتمنى إلا بالعمل بعد التوكل على الله، وأحسن من قال:
وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن ألق دلوك في الدلاء.

واحرص على أن يكون همك رضوان الله ليجمع الله لك شملك، فإنه (من أصبح وأكبر همه الدنيا، شتت الله عليه شمله، ومن أصبح وهمه الآخرة جمع الله له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة).

ونوصيك بكثرة اللجوء إلى الله، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، وعليك بتقوى الله والإحسان، فإن الله تبارك وتعالى يقول: (( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ))[النحل:128].

وتعوذ بالله من الشيطان، واعلم أن هذا العدو همه أن يحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله، وجالس أهل الخير وابحث عن الناجحين في حياتهم، واعلم أن لكل مجتهد نصيباً، وتذكر أن الله قسم المواهب والأرزاق والآجال، وكل ميسر لما خلق له، واستعن بالله ولا تعجز، ولا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء الله فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان، وأرجو أن تستقبل الحياة بروح جديدة وبأمل جديد.
ونسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً