الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعبت من شخصيتي الحساسة والمملة، أريد منكم المساعدة.

السؤال

السلام عليكم.

أنا لدي شخصية حساسة جداً، أتحسس من كل موقف، ومن كل شخص، ومن كل كلمة يقولها لي أحد، أحس أن الجميع يكرهني، كما أنني أتجنب الناس، وأكره نفسي جدا، ولا أستطيع تجاوز المواقف بسرعة، فتعلق في رأسي، وأفكر بها كثيراً، كما أنني أخاف كثيراً عند التفكير في المستقبل، ولا أريد أن أكبر ولا أخطط كثيرا له، ولا أعتقد أنني في يوم سأصبح زوجة أو دكتورة فأنا أدرس الطب في السنة الثالثة.

حاولت كثيرا تفسير ما يحدث معي ولكن لا أستطيع، جميع المشاعر التي أمر بها تستهلكني كثيرا، فأنا تعبت والله تعبت، في كل يوم عندما أستيقظ من النوم أول ما أفكر به شخصيتي الضعيفة، وأن الناس يكرهونني، وأنني أعيش بلا هدف، والحياة صعبة جدا، وكثيرا ما أقول لنفسي لن أجتهد ولا يهم، فيوم القيامة قد اقترب، وأحيانا أشعر أنني لست موجودة، وأشعر بالتوهان عندما أكون في مكان مزدحم.

أيضا أنا ملولة جدا، أحس بالملل من أي شيء، حتى أنني لا أتحدث مع إخواني وأقول إنهم مملين جدا (بيتنا بطبعه هادئ) وهذا الملل يمنعني من المذاكرة أيضا، وأمل من أي شيء، حتى أنني في جلسة الامتحان أصاب بالملل، وأكمل الإجابات بدون تركيز لأخرج من قاعة الامتحان.

ولكن ما يحيرني أن زميلاتي في الجامعة يقولون: إن لدي شخصية قوية، وبعضهم يقولون إنه يريد أن يصبح مثلي، وآخرون يقولون كم أنا جميلة، ولكن لا أصدقهم، وأعتقد أنهم يكرهونني، وهذه الحالة استمرت معي أكثر من 3 سنوات كما ذكرت، وهي متعبة جدا.

في بداية هذا العام ذهبت للطبيب وقام بتشخيصي بالاكتئاب، ولكنني رفضت أخذ الأدوية؛ (لأنني أعتقد أن أي شخص يستطيع تجاوز مثل هذه الحالة بنفسه وقلت سأحاول بنفسي) بعدها تعبت كثيرا ثم ذهبت لسايكولوجست ولكني لم أتابع معها، ولم أقتنع بما تقوله، وأنا الآن أتحسن ولكن ببطء شديد.

أخبروني هل علي الذهاب للطبيب مجددا وأخذ الانتيدبرسنت أم لا؟ أرجو منكم الإجابة، فأنا لا أريد أخذ الحبوب، وآسفة على الإطالة، ولكنني حقا أريد المساعدة، فقد تعبت جدا من أحاسيسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ لينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن كثيرًا من الناس تتناقض مع ما يحسُّون به، أو الطريقة التي يُقيِّمون أنفسهم بها من نظرة الناس إليهم، وهذا ناتج عن عدم الثقة أو عدم التقييم الصحيح للشخص لنفسه، والنظرة الدونية لنفسه، والحساسية الشديدة تجاه ما يقوله الآخرون عنه، وقد يكون هذا ناتج عن تربية خاطئة في الصُّغر، بالذات إذا كان هناك تقريع مستمر وتأنيب وعدم إتاحة الفرصة للطفل لأن يُبدي رأيه وكسب ثقة في الكلام وإبداء الرأي عن نفسه، ومثل هؤلاء الناس أيضًا دائمًا يكونون قلقين، وكثيرو التفكير وداخليون، بمعنى أنهم لا يأتون بأي فعلٍ حتى يُمحِّصونه في داخل أنفسهم قبل أن يتخذوا القرار أو يُبدوا رأيهم، وفي كثير من الأحيان هم مترددون – أحيانًا أيضًا – ولا يُبدون مشاعرهم كثيرًا.

والعلاج الصحيح – يا أختي الكريمة – هو العلاج النفسي، عن طريق الجلسات النفسية تستطيعين أن تتغيري، وأول علامة التغيير أنك أدركت بدرجة كبيرة ما تعانين منه، وهذا هو أول درجات التغيير، أن يُدرك الإنسان مشكلته ثم بعد ذلك يبدأ في التغيير، وطبعًا تنتج أعراض الاكتئاب والضيق والكدر عندما يكتشف الشخص هذه السمات وتُعيق حياته.

وأنت – يا أختي الكريمة – الآن في كلية الطب، وطبعًا دراسة الطب أيضًا تكون هناك ضغوط على الشخص؛ لأنها دراسة متطلبة وتحتاج إلى تركيز عالي، وممَّا ينتج عنه بعض أعراض الاكتئاب النفسي.

طالما أن هناك مشكلة في وجود معالِج نفسي تثقين فيه فلا بأس من أخذ حبوب للمساعدة، طالما أنك بدأت في التحسُّن، وأنت طالبة طب – يا أختي الكريمة – لا يجب أن تأخذي موقفًا سلبيًا من الأدوية، وفي هذه السِّن الصغيرة أنسب دواء لك هو الـ (فلوكستين)، الفلوكستين كبسولات، عشرين مليجرامًا، تبدئي بها بعد وجبة الإفطار يوميًا، وسوف تُساعدك بعد فترة من الزمن – بعد مرور ستة أسابيع – سوف تشعرين بأن كثيرًا من الأعراض بدأت تختفي، وتحتاجين للاستمرار فيها لفترة لا تقل عن ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكن أن تُوقفيها دون تدرُّج.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً