الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب أفقدني حب الحياة، فما العلاج؟

السؤال

أريد نصيحة من حضراتكم.

اكتشفت أن لدي اكتئابا، يمكن أن أظل جالسة دون تحدث مدة طويلة جدا، مثلا ليوم متواصل لا أتكلم إلا القليل، ولا يوجد لدي رغبة في أي شيء، ولا أي طموح، ولا أي هوايات، ومشاعري جافة تجاه كل شيء، وبسبب عصبيتي الزائدة تضايق من حولي.

لا يوجد لدي الكثير من الأصدقاء، دائما وبشكل مستمر أشعر بأن هناك ثقلا في صدري، وصعوبة في الاستمتاع بالحياة، وعندما أجالس الناس يحبونني بسرعة، ولكن سرعان ما يذهب هذا الحب بسبب أنهم يرون شخصيتي الحقيقية المملة!

أرى جميع البنات في مثل سني يهتمون بأشياء ويستمتعون بها، بالرغم من أني أملك أشياء كثيرة قليل من الفتيات من يملكها، فمثلا أنا دكتورة صيدلانية وربنا أنعم علي بالمال والجمال، وإذا رأني شخص أعجب بي، لكن أظل متأكدة أن هذا الإعجاب سيدوم لفترة قصيرة، وإذا تقدم لي سيكتشف أنني شخصية تشبه الجماد، لا لي لون ولا طعم ولا رائحة، وشخصية مملة جدا لا هدف لها!

أنا الآن على استعداد ببذل أقصى مجهود يجعلني إنسانا له روح وحياة يحب ويشعر بنفسه ومن حوله، في أوقات أجد نفسي لا أهتم إذا آذيت نفسي، لا أبالي بكرامتي ولا شخصيتي، وأجد نفسي أتعامل مع الناس بنفس المنطق، هو أني لا أبالي بكرامتهم ولا سعادتهم، والأصعب أني في أوقات أفرح في حزنهم، لكن والله أحس أني مجبورة على هذا الشعور.

أحيانا يطلب مني أخي عمل شيء فأقوم بعكس هذا الشيء، وأنا متأكدة أن هذا يضايقة كثيرا، لكن لماذا أفعل ذلك؟ لا أعلم!

أعتقد أن لدي اكتئابا شديدا، وهذا بسبب المشاكل العائلية التي كانت في حياتي، لكن كل ما أريده هي الخطوات التي يجب أن أفعلها حتى أصبح إنسانة تشعر بالحب تجاه من حولها، وليس الكره لكل شيء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لارين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك في موقعك، ونشكر لك الوضوح والشجاعة في طرح السؤال، وننتظر منك التجاوب مع ما نسطره من المقال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح لنا ولك الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال.

ابنتي الفاضلة: أنت بحاجة إلى تطوير مهارات التواصل مع من حولك، وقبل ذلك مع أفراد أسرتك، واعلمي أن المؤمنة التي تخالط الناس وتصبر على أذاهم خير من التي لا تخالط ولا تصبر، والإنسان مدني بطبعه لا يمكن أن يعيش وحده، والأمر كما قال الشاعر:
الناس للناس من بدو وحاضرة *** بعضٌ لبعض وإن لم يشعروا خدمُ

وقد أسعدنا إدراكك لأهمية التواصل وفهمك للأثر والضرر الحاصل لك أو على من حولك، وننتظر منك أن تتقدمي خطوات، وتظهري الاهتمام بمن حولك، وسوف يبادلونك الاهتمام والاحترام، فالحياة كالمرآة تعكس الصورة وترد على الابتسامة بمثلها وعلى العبوس بما يقابله.

أنت -ولله الحمد- على علم وفي نعم من الله، ولكن كل ذلك قد يفقد قيمته إذا لم تهتمي بالتواصل مع الناس، ونقترح عليك أولا التفكير معنا في الأسباب الظاهرة لتصرفاتك، ولا مانع بعد ذلك من عرض الأمر على طبيبة مختصة، وهناك برامج كبيرة لتطوير المهارات الاجتماعية وتحقيق الدمج، وقد تستفيدين أيضا من مقابلة طبيبة نفسية متخصصة.

أما بالنسبة للمشاكل الأسرية والذكريات السالبة أيضا، فيمكن التخلص منها أو القفز عليها؛ لأن أحسن من يدرك حاجة الناس إلى التقدير والاحترام هو من فقدها وتألم لفقدها؛ لأنه لا يريد للآخرين أن يشربوا من الكأس المرة، وهذه بعض النصائح:

1- عليك بكثرة اللجوء إلى الله، واعلمي أن قلبك وقلوب كل الناس بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، واسألي الله أن يحببك إلى خلقه، وأن يحبب إليك الصالحين والصالحات.
2- تفكري في عواقب الاستمرار على سلبيتك وعدم اهتمامك بالأشياء والأحياء.
3- أصلحي ما بينك وبين الله، ليصلح الله لك ما بينك وبين الناس.
4- لا تتوقفي طويلا عند الذكريات السالبة أو المواقف المؤلمة، وركزي على الإيجابيات والإشراقات.
5- قومي بالخلطة الإيجابية، واصبري، وحاولي، فالعلم بالتعلم والحلم بالتحلم، وهكذا تكتسب الأخلاق والفضائل.
6- حافظي على أذكار المساء والصباح، واقرئي على نفسك الرقية الشرعية.
7- اشتركي في الأنشطة التطوعية والخيرية والاجتماعية، فإن فيها فرص كبيرة في التعرض على فضليات.
8- كوني في حاجة الضعفاء والمحتاجين ليكون العظيم في حاجتك.
9- تجنبي الوحدة، واعلمي أن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد.
10- حاولي أن تؤدي صلواتك في جماعة مع أخواتك في المنزل أو في المساجد التي فيها مصليات نسائية.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً