الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق يحول دون سعادتي وحياتي الطبيعية فهل من نصيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أعرف كيف أبدأ بمشكلتي، لكنني إنسانة كثيرة التفكير وأحمل الهم، والأمر الذي عقدني هو أنني لا أكون بخير حينما أخرج من البيت، بمعنى أشعر بأنني لست أنا، كأن شخصا آخر يتحكم بي، أحس بيني وبين الواقع مسافة كبيرة، أتوتر وأفكر كثيرا، وأقلق كثيرا، وأنسى كثيرا، ولا أستوعب من حولي، خاصة بالجامعة.

أحاول دخول الجو مع صديقاتي ولا أقدر، كأن شيئا يمنعني، والأفكار السلبية تغتالني وتغطي تفكيري الإيجابي، ولا طاقة لدي لعمل أي شيء، أشعر بأن الجميع ينظر لي، أحس بشيء كالإعصار بداخلي لا يهدأ.

دائما أحس بأن الناس أعلى وأذكى مني، رغم أنني ذكية وشاطرة، ولكنني لا أقدر على إقناع نفسي.

حينما أجلس مع أحد وأتحدث بشكل عادي وعندما ينتهي النقاش أقول أتمنى خليت شيء في قلبها عني، وللأسف لا أرى أي شيء كالتعامل، لا أدري هل الخطأ مني، أو من شخصيتي؟

عند العودة إلى البيت يهدأ كل شيء وأرجع كالسابق، واستوعب الدرس، واستوعب نفسي، ولدي طاقة لعمل أي شيء.

في الليل لا أقدر النوم بسبب القلق، أقلق عند مقابلة صديقاتي بالصباح، أقلق لأنني لا أقدر على تكوين العلاقات، لا أجذب الناس لي، قلقة على نفسي من الذي يحدث، حاولت بأن أكون طبيعية وللأسف لم أتمكن.

منذ المرحلة الثانوية وأنا على هذا الحال، حاليا وصلت للسنة الثانية بالجامعة، ولا أريد الشعور بالإحباط، أريد بداية سنة جديدة ومختلفة، وأريد أن أحب الجامعة ويومي والناس، وأتمنى أن يطول ولا أستثقله وأكرهه وأكره الناس كلهم.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أفنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن استشارتك واضحة جدًّا، وأعراضك أيضًا واضحة، وتعبيرك جميل حين ذكرتِ أنك يأتيك إحساس كأن هناك إعصار بداخلك، هذا ناتج من القلق، أنت لديك قلق نفسي عام، والقلق النفسي العام بالفعل يجعل أفكار الإنسان متطايرة ومتداخلة ومشتَّتة، ويعطيك الشعور بعدم الراحة وافتقاد القدرة على مِنْ أين تبدئين وإلى أين تنتهين، هذه كلها ناتجة من القلق النفسي.

وأعتقد أن القلق جزء من شخصيتك، والقلق ليس كله سيئًا، لأنه طاقة إيجابية إذا كان بالقدر المعقول، فالذي لا يقلق لا ينجح، والذي لا يقلق لا يُنجز، والذي لا يقلق لا يؤدي ما عليه.

كل الذي تحتاجين له هو أن تأخذي قسطًا من الراحة من خلال النوم الليلي، نومك مضطرب، لكن يمكن أن يتحسَّن من خلال: أن تتجنبي النوم النهاري، أن تمارسي التمارين الاسترخائية والتمارين الرياضية، ألَّا تتناولي الشاي أو القهوة بعد الساعة الخامسة مساءً، وأن تحرصي على أذكار النوم، وهذه في حدِّ ذاتها علاجات لقلق التوتر العام الذي تعانين منه.

حاولي أن تستيقظي مبكرًا وتستفيدي من فترة البكور والصباح، لأن الذي يستيقظ مبكرًا بعد أن ينام مبكرًا تكون له طاقاتٍ نفسية إيجابية في الصباح، وحتى مراجعة بعض دروسك – خاصة مواد الحفظ – يفضل أن تكون في فترة الصباح.

والنقطة الأخرى هي: أن تعبّري عن ذاتك، لا تحتقني نفسيًّا، لأن الكتمان وعدم التعبير عن النفس وما بداخلها يؤدي إلى احتقاناتٍ نفسية كثيرة، وهذه تزيد من القلق وتزيد من التوتر.

أنا ذكرتُ لك تمارين الاسترخاء، هي مفيدة ومهمَّةٌ جدًّا، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015)، أرجو أن تطلعي عليها وتطبِّقي ما ورد بها، وسوف تفيدك كثيرًا.

أيضًا من المهم أن تتعلمي كيفية إدارة وقتك، توزِّعي الوقت توزيعًا سليمًا بين المهام اليومية، هذا يجعلك أكثر تركيزًا، وأكثر مقدرة لأن تحوّلي قلقك من قلقٍ سلبيٍّ إلى قلقٍ إيجابيٍّ.

قراءة القرآن الكريم بتدبُّر وبتمعُّنٍ وتجويدٍ تؤدي إلى هدوء نفسي كبير، وتمنع الأفكار المشتَّتة والمتطايرة، وتعطي الإنسان قدرة كبيرة جدًّا على التركيز.

فأرجو أن تتبعي هذا المنهج، وفي بعض الأحيان نعطي أدوية بسيطة للقلق، لكن لا أعتقد في هذه المرحلة أنك في حاجة لذلك.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً