الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فتاة ترغب في الزواج من شاب لا تعلم عنه شيئاً إلا أنه يصلي

السؤال

السلام عليكم.
أنا أحببت شخصاً جداً، ولكني لا أعرف عنه أي شيء إلا أنه مؤمن ويؤدي الفرائض جميعاً في المسجد؛ لذلك أحببته، وكنت ألاحظ منه نظرات إعجاب، بعد ذلك اختفى لمدة سنة ونصف، وأصبت بحالة نفسية شديدة، ورسبت السنة في الجامعة.

وكنت أدعو الله أن يعود، وفعلاً عاد بعد سنة ونصف، وكنت خلال هذه الفترة لم يغب عن عيني، أريده أن يصبح زوجي لكن لا أدري ما الطريقة؟ ولا أريد أن أكلمه لأني ملتزمة ولا أريد إغضاب ربي، فما الطريقة؟

مع العلم أنه ليس هناك وسيط يعرفني ويعرفه، وأيضاً لا أريد أن أرتبط بأحد آخر حتى لا أكون مع شخص ويكون تفكيري مع شخص آخر، ولا أريد أن أخدع أحداً لأني أراعي ربي جداً، والحمد لله، وأنا أدعو كثيراً فما الحل في ذلك؟ وكيف لي أن أعرف مشاعره تجاهي؟ وهل نظراته هذه كانت حباً أم إعجابا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

فإن تردد الرجل على بيوت الله دليل على الخير، والصلاة هي الميزان في الدنيا والآخرة، وكان السلف إذا أرادوا أن ينظروا في دين إنسان نظروا إلى صلاته، أما في الآخرة فإن أول ما يحاسب عليه الإنسان من عمله الصلاة، فإن صلحت صلح سائر العمل وإن فسدت فسد سائر العمل.

ونشكر لك هذا الحرص على الارتباط بالمصلين، ونسأل الله أن يكتب لك التوفيق والسداد، ولكني أدعوك إلى غض البصر وعدم التركيز على شخص معين إلى هذه الدرجة؛ لأن هذا الرجل قد يكون مرتبطاً وربما كان متزوجاً ولا يرغب في الزواج ثانية، خاصة وقد ذكرت أنك لا تعرفين عنه شيئاً.

أما إذا شعرت أنه يكرر النظر إليك فاطلبي منه أن يذهب لأهلك إن كانت له حاجة ولا تتوسعي معه في الكلام، والأفضل وجود وسيط يرفع عنك وعنه الحرج، وهذا ما فعلته خديجة رضي الله عنها حين أرسلت من يعرض رغبتها على النبي صلى الله عليه وسلم، والإسلام أراد للمرأة أن تكون دائماً مطلوبة لا طالبة؛ لأن في ذلك صيانة لها وحماية ورفعاً لقيمتها عند الرجال، فلا يستطيع أحدهم أن يظفر بها إلا بعد أن يتقدم إلى أهلها وهو يردد عبارات الثناء، ويعلن رغبته في الارتباط بأهل الخير والعفاف، ثم ينتظر رد أولياء المرأة الذين يحرصون على السؤال عن أحواله وأسرته وقدرته على تحمل المسئوليات، وقبل كل هذا يتأكدون من دينه وخلقه وأمانته.

وإذا جاءك صاحب دين، فأرجو عدم التردد في القبول به، واعلمي أن الحب الحقيقي يبدأ بالزواج والرباط الشرعي ويزداد مع الأيام قوة وتماسكاً، واجتهدي في التوجه إلى الله فإنه يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.

واعلمي أن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وإذا يسر الله لك أمر الزواج فاصدقي مع زوجك واجعلي بصرك قاصراً عليه وجمالك ملكاً له وحده، فإن الله وصف نساء الجنة فقال: (( قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ))[الصافات:48] يعني على أزواجهن وهذه صفة كمال في المرأة، وقال عنهن أيضاً: ((( حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ))[الرحمن:72]، والإنسان إذا أطلق لبصره العنان أتعبته المناظر؛ لأنه يرى أشياء لا يستطيع أن يدركها.

ونسأل الله أن يجزيك خيراً على رعاية آداب الشريعة وذلك في حرصك على عدم مخاطبة الأجانب، وأبشري فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً، ولن تخيب من عرفت طريق الدعاء وسارت مسيرة الصالحات والأتقياء.

ونسأل الله أن يحقق لك ما تريدين وأن يصلح لنا جميعاً النية والذرية.
والله ولي التوفيق والسداد!

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً