الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تتحكم بي ولا تمنحني الحرية.. فكيف أتصرف؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة عمري 14 سنة، أحيانا أفكر بالانتحار والموت ليتخلص مني الجميع، لأنني أحس أن أمي لا تحبني، وتخالفني دائما عند إبداء رأيي.

أريد أن أكون حرة لكنني لا أستطع؛ لأن أمي تريد التحكم في كل شيء يخصني، في كل صغيرة وكبيرة، مثال على ذلك ملابسي، فصديقاتي بأنفسهن يخترن ملابسهن، وأنا أمي تختار ملابسي، وتقول لي: (يجب أن تلبسيها غصبا عنك)، ماذا أفعل؟ أريد الموت وكرهت الحياة.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتي الكريمة- وردا على استشارتك أقول:

أمك تعاملك بحنان وعطف وحب، وتريد أن تخدمك في كل أمورك، ولكنك لا تشعرين بذلك، صحيح أنك صرت في الرابعة عشر من عمرك وأمك لا تزال تعاملك على أنك صغيرة، لكن عليك أن تصبري عليها فلن يستمر الأمر بهذه الطريقة.

أنصحك ألا تتأثري بمن حولك من الفتيات، فليس كل ما يفعلنه صوابا، وعليك أن تكوني صاحبة شخصية مستقلة، فالتقليد له عواقب لا تحمد عقباها.

أنت اليوم في بيت أهلك وغدا ستتزوجين وتصبحين ربة أسرة، فحينها سيكون لك الخيار أن تتخيري ما تريدين من ملابس وغيرها، ولن يتدخل أحد في شؤونك.

أمك صاحبة خبرة وتجربة وقد صقلتها الحياة، فلا تقارني نفسك بها، فلو خطأت رأيك فذلك من باب إرادة مصلحتك ولأنها تنظر من منظار آخر غير ما تنظرين أنت به.

لعل أمك تريد أن تربيك على الحياء والحشمة في بعض الملابس مثلا، وذلك من حقها في هذه المرحلة، فإذا تزوجت فالبسي لزوجك ما تريدين.

لا تكبري الأمر وتضخميه فتفكري بالانتحار لمثل هذا السبب التافه، فهنالك من الناس من تمر به ظروف قاسية جدا ومع هذا فلم يفكروا بما تفكرين به.

اقتربي من أمك وتوددي لها بالكلمات التي تثير فيها عاطفة الأمومة، وساعديها في أعمالها المنزلية، وتحاوري معها بالتي هي أحسن، وستجدينها تتفهم لرغباتك وطلباتك.

راجعي أساليبك في التعامل مع أمك، فلعل بعض ردودها التي تشعرين أنها قاسية راجعه إلى أن أسلوبك معها غير جيد، فتغيير الأساليب في الحوار والتعامل مهم للغاية.

الانتحار ليس حلا بل هو انتقال إلى عذاب النار الذي لا يطيقه أحد، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِى يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِى بَطْنِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا)، وفي الحديث الآخر: (كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ فَجَزِعَ فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَادَرَنِى عَبْدِى بِنَفْسِهِ ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ).

أنصحك -ابنتي الكريمة- أن توجهي جهدك إلى دراستك وتحصيلك العلمي وأن تتركي سفاسف الأمور جانبا، واجعلي همتك عالية في أن يكون لك دور مؤثر في هذه الأمة، واجتهدي في نيل أعلى المراتب.

احذري من رفيقات السوء فهن سم زعاف، واختاري الصالحات اللاتي يعينونك على الخير.

وثقي صلتك بالله تعالى واجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك سيجعل حياتك طيبة وسعيدة كما قال الله سبحانه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

أكثري من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

اجعلي لنفسك وردا يوميا من تلاوة القرآن الكريم وحافظي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

استعيذي بالله من الشيطان الرجيم الذي يريد أن يفسد علاقتك مع أمك التي حملتك في بطنها تسعة أشهر، وتحملت آلام الحمل والولادة، وفرحت بمقدمك، وأرضعتك، وربتك، ولا زالت إلى اليوم تعتني بك، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟

نسعد بتواصلك ونسأل الله سبحانه أن يوفقك في حياتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا softheart

    لبنتي امك تحبك وتخاف عليك انت ما زلت صغيرة اهتمي بدراستك ولا تحزني واطيعي امك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً