الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد حلا لمشكلتي، فأنا لا أشعر بالحياة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة في كلية الصيدلة منذ أن أصبح عمري 16عاما، أصبحت لا أشعر بالحياة، وتأتي لي أفكار غريبة جداً أنني طيف، أو أنني روح بلا جسد، ودائماً ما تأتيني أفكار أني سوف أصاب بفيروس خطير ليس له علاج، وخلال فترة الاختبارات كانت تأتيني أفكار أنني حامل، لأن الدورة قد تأخرت علي مع أني لم أكن متزوجة، وكنت أخاف أن يكون أحداً اعتدى علي بدون وعي مني، وكلما حاولت إبعاد هذه الأفكار وإقناع نفسي أنها وهم تزداد حدة هذه الأفكار، ثم نسيتها عندما جائتني أفكار أني سوف أنسى اسمي، أو أنهم لن يصححوا أوراقي وسوف أرسب، ولكن بحمد الله كان معدلي جيد وأهلني لكلية الصيدلة.

خلال فترة الجامعة منذ السنة الأولى حتى الثانية، كانت تأتي لي أفكار أني في حلم وأخرج من هذه الحالة عندما يأتي أحد لزيارتنا، ثم بعد ذلك في السنة الثالثة تعرفت على زميلة جديدة وكانت تقول لي: أنها غير جميلة، وأصبحت أفكر في شكلها كثيراً، وأخاف أن يتغير شكلي، وأتخيل أني أصبحت هي، وأعيش حياتها.

لا أعلم ما هذه الأفكار، قد تكون أفكار تافهة ولكن لا أستطيع التخلص منها، ولا التركيز في دراستي، حتى أني أفكر أن عقلها أصبح محبوساً في جسدي، لا أعلم ما الذي جعل هذه الفكرة تسيطر عليّ، مع أني أعلم أن هذا لن يحدث، ولكن تأتي لي هذه الفكرة كثيراً وأنا لا أعترض على خلق الله، ولكني تأثرت كثيرا بكلامها، وأصبحت أفكر في شكلها وأهلها، وأن هذه الأفكار تؤرقني وأشعر بالذنب.

هل يوجد حل لمشكلتي؟ أحاول أن أشغل نفسي بالدراسة أو القراءة، فلا أستطيع لا أعلم إن كانت هذه الحالة نفسية أم صراع مع النفس؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابنتي الكريمة وردا على استشارتك أقول:
فما تعانينه عبارة عن وساوس قهرية سرعان ما تتأصل في نفسك نتيجة الاستسلام لها، والاسترسال والتحاور معها، وغالباً ما تكون هذه الوساوس شيطانية، المراد منها تقييد المرء عن الانطلاق لعمارة هذه الحياة.

هذه أفكار كما ذكرت في استشارتك سخيفة للغاية، ولا يمكن أن يقع شيء منها أو يتحقق، أو لا وجود لها في الواقع، فأنت بشر ولست بطيف، وأنت روح وجسد، ولست روحا فقط.

ينبغي أن تلغي هذه الأفكار من رأسك، وأن تقطعيها فور ورودها، مع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وترك المكان الذي أتت إليك وأنت فيه وتغييره فورا، والدخول في عمل يلهيك عن تلك الأفكار.

ابتعدي عن الوحدة، وعيشي مع أهلك في كل الأحوال، فالوحدة مدعاة لوساوس الشيطان، والتفكير والتعاطي مع تلك الأفكار السخيفة.

هؤلاء الناس من حولك يعيشون ولا يفكرون بما تفكرين فيه، فعظي نفسك بهذا الأمر وازجريها عن الاستماع لتلك الأفكار.

اهتمي بدراستك واعتني بمستقبلك، فقيمة كل امرئ ما يتقنه، والاستمرار بحمل هذه الأفكار سيعيق تحصيلك العلمي، ويخشى من تدني مستواك، ونحن نريد أن تتحسن درجاتك وتنالي أعلى المراتب.

اجتهدي في توثيق صلتك بالله تعالى، وتقوية إيمانك من خلال كثرة الأعمال الصالحة، فبالإيمان والعمل الصالح تنال الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖوَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى أن يذهب عنك هذه الأفكار ولن يخيب الله رجاءك.

اجعلي لنفسك ورداً يومياً من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، فذلك من أسباب جلب الطمأنينة للقلب، كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

خططي لمستقبلك، سواء في تأسيس أسرة تسودها المحبة والسعادة، أو في عملك الذي سيعود نفعه عليك وعلى بلدك.

اجعلي تفكيرك دائماً إيجابياً، وابتعدي عن السلبية فإن العقل يتعامل مع كل ما يفكر به الإنسان، ويحوّل ما يتلقاه من رسائل إلى عمل، سواء كانت تلك الرسائل إيجابية أو سلبية.

جاهدي نفسك على الخروج من هذه الحالة، وكوني على يقين أن الله سيعينك على ذلك، يقول تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚوَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).

استعيني بالله تعالى ولا تعجزي، فمن استعان بالله أعانه، ومن توكل عليه كفاه سبحانه.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً