الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تدنى مستواي الأكاديمي والدراسي بعد أن كنت مجتهدة، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.

في عام 2015 دخلت تخصص الكيمياء، وأنا لا أرغب به أبدا، وكنت أريد دراسة الصيدلة.

حاولت كل جهدي حتى أدخل التخصص الذي أرغب به، درست ليلا ونهارا والحمد لله ربنا رزقني به بعد سنة ونصف، ولكن مشكلتي بدأت من هنا.

بداية العام كان مستواي الدراسي جيدًا، ثم بعدها أصبحت لا أستطيع المذاكرة، وكأن أحدًا يسحب الكتب من يدي، ثم ساء وضعي، وتدنت درجاتي كثيرا، حالتي النفسية سيئة، وبدأت أرسب، وأفشل في دراستي وامتحاناتي، وحاولت جاهدة تغيير وضعي، ولكن دون فائدة.

غيرت نمط دراستي وبلا فائدة، درست بالجامعة مع صديقاتي دون فائدة، درست بالليل دون فائدة، وحاولت نهارا وبلا فائدة، لا أستطيع النظر إلى مقررات الدراسة أبدا! حالتي النفسية من سيء إلى أسوأ! لم أعد أضحك ولا أتكلم كثيرا، مجهدة دائما، وأشعر بألم في ساقي، لا أعلم سبب هذه الآلام أبدا.

أعاني من هذا منذ حوالي السنة والنصف، صداع يكاد يفقدني صوابي، أجز على أسناني كثيرا بالليل، ثم تطورت حالتي وأصبحت أجز عليها ليلا ونهارا، وأشد على يدي وأقدامي، لا أرغب بشيء. فقدت شعوري بكل شيء، لا أريد أن أرى أحدا، ولا أريد التكلم مع أحد.

أصبحت أحب العزلة كثيرا. تكلمت مع والدتي بهذا الموضوع، ولكنها تقول لي: أنني بخير وأن المقررات صعبة وفوق قدراتي، ولكني لا أستطيع قراءتها حتى ولا النظر إليها، فأنا لا أعلم عن ماذا تتحدث حتى أقرر أنها صعبة وفوق مقدرتي، وهي رافضة مراجعة طبيب نفسي.

أرجوكم أن تساعدوني، هذا الموضوع أرهقني كثيرا لدرجة أنني أبكي دائما، ولا أستطيع فعل شيء، أصبحت أتمنى الموت!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجدولين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

في استشارة سابقة أنت تحدَّثتِ عن أعراض مُشابهة، وكان الكسل والقلق والتوتر يسيطر عليك، وقد قمنا حقيقة بتوجيه الإرشاد اللازم لك، فأرجو أن تكوني قد طبَّقتِ ما ذكرناه.

في هذه الاستشارة أنت تتحدَّثين عن مشاعرك بصورة واضحة جدًّا، والتدهور الأكاديمي وفقدان الرغبة في التحصيل العلمي أحيانًا يكون سببه الاكتئاب النفسي، وأنا تلمَّستُ أنه لديك بعض مُؤشرات ما نُسمِّيه بـ (القلق الاكتئابي البسيط).

إن شاء الله الحالة ليست مُعقَّدة، أنت تحتاجين لأحد مُحسِّنات المزاج، فتكلَّمي مع والدتك - مرة أخرى - حول ما ذكرناه لك، وإن ذهبت لطبيبة الأسرة يمكن أيضًا أن تصف لك دواء مثل الـ (بروزاك) فهو دواء سليم، رائع، يُحسِّنُ المزاج، ليس إدمانيًّا، وليس له تأثيرات سلبية على الهرمونات النسائية.

أنت محتاجة -أيتها الفاضلة الكريمة- أن ترفضي الأفكار السلبية، الأفكار السلبية قد تتساقط على بعض الناس وتستحوذ عليهم، وتجد الإنسان في حالة استقبال لها بكل سلبيّة، لا، الفكر السلبي يجب أن أرفضه، يجب أن أحقِّره، يجب أن أستبدله بما هو إيجابي.

أنت الحمد لله تعالى في بدايات سِنِّ الشباب، لديك طاقات، لديك مقدرات حباك الله تعالى بها، لديك الأسرة، لديك الفرص التعليمية، فلماذا كلَّ هذه الخواطر السلبية؟ لا بد أن يحاور الإنسان نفسه معرفيًّا، ليستبدل ما هو سلبي بما هو إيجابي، خاصة فيما يتعلَّق بالفكر أو المشاعر.

والأمر الآخر: أنت محتاجة أن تُدركي قيمة التعليم، تصوّري نفسك بعد أربع أو خمس سنوات من الآن، إذا لم تُكملي دراستك ولم تتحصّلي على درجاتٍ رفيعة قطعًا في هذا حقيقة تراجع كبير، فلا تقبلي لنفسك هذا الوضع أبدًا.

انظري للمستقبل بهذه الكيفية، وعيشي الحياة في وقته الحاضر بكل أملٍ ورجاء، وقضية التخصص من وجهة نظري ليست مشكلة، الكيمياء من أرقى العلوم، موضوع الرغبة: لا أقلِّل من قيمته، لكن الفرصة هو القدرة حين تتوفر تحوّل الرغبة، وأنت لديك الفرصة (الكيمياء) وأحسب أنه لديك القدرة، فانقلي نفسك من الفكر السلبي إلى الفكر الإيجابي.

تنظيم النوم مهمٌّ جدًّا، احرصي على النوم الليلي المبكر لتستيقظي مبكِّرًا، وتدرسي بعد صلاة الفجر، هذا من أفضل الأوقات للمذاكرة وللتدارس وللاستيعاب، الدماغ يكون في حالة ترميم واسترخاء، وتُفرز المواد الكيميائية الإيجابية - مثل الإكستوكسن/هرمون السعادة - الذين يستثمرون وقت الصباح ويستفيدون من البكور دائمًا تجدهم من الناجحين، لأن البكور فيه بركة (بورك لأمتي في بكورها)، (اللهم بارك لأمتي في بكورها) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الرياضة مهمَّة جدًّا، الرياضة تُقوّي النفوس، وتقوّي الوجدان، وتُقوّي المهارات المعرفية قبل التقوية الجسدية، وأنت محتاجة لها، فهذه الآلام الجسدية التي تحدَّثتِ عنها أنا أعتقد في المقام الأول أنها نفسوجسدية ناتجة من القلق والتوتر، وعلاجها في الرياضة بإذن الله تعالى.

ارتبطي بأسرتك اجتماعيًا، وكوني شخصًا مؤثِّرًا وفاعلاً. الصلاة يجب أن تكون في وقتها، الورد القرآني يجب أن يكون ثابتًا، وكذلك أذكار الصباح والمساء.

الدنيا بخير، فاتجهي اتجاهًا إيجابيًا في تفكيرك ومشاعرك وأفعالك.

وللفائدة راجعي مشكلة الكسل والملل عند المذاكرة: (274087 - 527 - 251403 - 268380- 279292).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً